clavier arabe

الأربعاء، 29 ديسمبر 2010

الشخصية اليهودية

سأكون مفاجئا كعادتى وأرتدى ثياب الموضوعية وأحلل بحيادية تامة الشخصية اليهودية لا أخفيكم سرا كنت أتساءل بينى وبين نفسى هل من الممكن أن أضع تحليلا عاما للسخصية اليهودية هل من الممكن أن تضع تصورا لعرقية كبيرة يندرج تحتها أنماط مختلفة من العقول والشخصيات هل الشخصية اليهودية طريقة تفكير أم مجموعة صفات أم غاية سياسية وعقدية أفرزت هذا النموذج أم ان الشخصية اليهودية محصلة ذلك جميعا
تتميز الشخصية اليهودية بشكل عام بالانفعال الشديد والحماس الزائد والاعتزاز بالنفس بشكل مبالغ فيه والغطرسة يدفعها بشكل مستمر نحو التمرد ولكن هذه القشرة الخارجية تخفى بداخلها قدرا كبيرا من الخوف والقلق تشعر دوما بأن هنالك مفاجأة فى الانتظار وأن يد القدر تخفى شيئا غير متوقع ربما يعصف بتلك الاحلام ان طبقة الجليد على سطح البحار والمحيطات تخفى ما تحتها من اضطراب
كما تتميز بالخيال الجامح الذى يدفعها دوما نحو تأليف سيناريوهات واختلاق قصص وترديد الأكاذيب ولا تتورع بتاتا من المضى فيها قدما دون رادع أو تأنيب كل ذلك مبعثه التعالى الكاذب والشعور الزائف بالتميز والفوقية على باقى البشر فتبيح لنفسها أشياء لا مشروعية لها وليس لها أى مصداقية انها تريد دوما احساس الآخرين بهذا الفارق ولكن تلك الرغبة المستمرة تأتى بتأثير عكسى و تجعلك تشعر بأن هذا الفارق وهمى ومختلق فضلا عما تثيره من الحنق والاستفزاز وخير مثال على المقدرة على تأليف تلك السيناريوهات فى قصة يوسف عليه السلام عندما أرادوا أن ينزعوا يوسف من بين يدى يعقوب فقاموا بالتودد والتقرب والتظاهر بالعطف على أخيهم ثم قاموا ببيعه بشكل سافر ومزر دون أدنى تأنيب من ضمير بثمن بخس وعادوا الى أبيهم بتأليف قصة كاذبة وهم يذرفون الدمع فقد ذهبوا للتسابق وتركوا أخاهم عند متاعهم فجاء الذئب الغادر فأكله ثم لقطع الطريق على يعقوب بالشك يقولون أننا نعلم جيدا أنك لن تصدقنا مهما قلنا ولن توافقنا هذه القدرة الفائقة على الكذب والتحول فى الاداء تجعلك تتساءل أى شخصية تلك
ولكن بالتفنيد والتحليل يمكن بالطبع اكتشاف تلك الاكاذيب الواهية وهذا الاسلوب متبع حاليا على نطاق واسع عالميا وسياسيا
ان اشكالية الشخصية اليهودية تتأتى من عدم المصارحة مع النفس وتحميل الآخر المسئولية والقاء التبعة عليه هناك فى السياسة أمران هامان هما المبرر الأخلاقى والثانى سياسة "القاء اللوم " فمثلا عند القيام بأى عمل سياسى لابد من وجود مبرر مقبول للقيام بهذا العمل وعنوان عريض يتم التحرك من خلاله والا كان هذا العمل محل انتقاد واستياء وعندما تحدث أى نجاوزات مزرية وتصرفات يتوارى الشيطان منها خجلا يتم القاء اللوم على الآخرين والتنصل من أى مسئولية فعندما جاء الفرنسيون الى مصر بمذابحهم كان المبرر الأخلاقى هو نشر مبادىء الحضارة الغربية الحديثة وتخليص المصريين من الاستبداد السياسى وعندما قام النظام الجزائرى بتوجيه علقة ساخنة للمصريين فى الخرطوم عقب المبارة الثانية كان المبرر الاخلاقى هو اغلاق معبر رفح وكأن النظام الجزائرى لم يكن يعلم خلال المباراة الأولى التى أقيمت على أرضه بأنه مغلق
وكذلك الهكسوس حين احتلوا مصر أخذوا يتذرعون بالازعاج التى تسببه أفراس النهر وهكذا الاشكالية اليهودية
تضع مبررا أخلاقيا واهيا دوما لتحركاتها وهو من حق اسرائيل الدفاع عن نفسها وتندفع فى تصرفاتها الجنونية بلا وازع وتنطلق باستخفاف بلا كوابح ثم بعد ذلك تلقى بالتبعة على الآخرين الاشقياء وهكذا على هذا المنوال تسرى عجلة السياسة الامريكية فتأبى أن تتحلى بالمصارحة والمكاشقة ثم تتقمس دور الضحية التى يتآمر عليها الجميع فتلقى باللائمة عليهم رغم ما تقترفه أياديها من أعمال مشينة
ان الاحساس بالتعالى الكاذب يجعلك فى كثير من الاحيان لا ترى حرجا على تصرفاتك مهما كانت متجاوزة لكل الاعراف والمعاييروتختلط عليك المفاهيم فترى الخطأ قمة الصواب وأعمال الشر هى أمور مبررة أخلاقيا ومقبولة لدرجة أن الرب خاطبهم فى سفر ملاخى قائلا ": لقد اتعبتم الرب بكلامكم و قلتم بم اتعبناه بقولكم كل من يفعل الشر فهو صالح في عيني الرب و هو يسر بهم او اين اله العدل " ملاخى 17:2 حقا أو أين اله العدل


الأربعاء، 22 ديسمبر 2010

ازمة رجال الدين

وراء كل كارثة رجل دين أحمق هكذا يصرخ بوق التاريخ ولكن المنصيتين اختفوا الاقليلا عندما أراد تيمورلنك أن يغزو دمشق وبعد أن فر منها سلطانها واعتقل نائبه تصدى له أهل دمشق بشراسة ودافعوا عن مدينتهم باستبسال يستحق التقدير فقتلوا من رجال تيمور لنك أكثر من ألف وأسروا الكثير فأدرك تيمورأن المدة ستطول فقرر أن يغزو لهم بالحيلة وكان فيها بارعا فأرسل رجلين يناديان قبل الحصن أنه يريد الصلح فابعثوا رجلا منكم يفاوضه فاتفق أهل المدينة على قاضى القضاة بن مفلح الحنبلى وذهب الرجل للقاء تيمور ويا ليته ما ذهب
وارتدى الثعلب ثياب الواعظين فقال له تيمور ان مدينة دمشق هى مدينة الانبياء والصحابة وقد قرر أن يتركها صدقة لرسول الله عن نفسه وعن أولاده ولكنه يريد من خراجها كعادته وينصرف عنها فعاد بن مفلح ليلة السبت يثنى على أخلاق تيمور وحسن ايمانه وتقواه وينهى عن قتاله فقط اجمعوا له ماطلب وانه لقليل بالنسبة لثرائهم فى ذاك الوقت فحدث خلاف شديد ولكن ولم يأت الصباح حتى غلب أمر بن مفلح وتوعد كل من يناوىء تيمور لنك وجمعوا لتيمور ما جمع وذهب اليه الاعيان فأغدق غليهم تيمور ببعض الوظائف ولكنه لم يقنع وطلب المزيد
وأعطاهم فرمان بالامن والامان لأهل دمشق
ثم ما لبث أن جاء نائب تيمور ومنعت الجمعة وأخذ السلاح من المدينة وقبض تيمور لنك على بن مفلح وأجبرهم على رسم خرائط للمدينة ونكل تيمور بأهل دمشق أشد التنكيل وأذاقهم سوء العذاب ويبدو انه كان يستشرف المستقبل من وراء أستار خفية فقرر أن يدشن فرعا لسجن أبى غريب فى دمشق كان يوضع كمامة على أنوف المواطنين مغموس بتراب ناعم كلما تنفس دخل الى أنفه حتى يكاد المرء أن يهلك فيرفهعها عنه ثم يعيد الامر مرة أخرى كانوا يعلقون من الحبال وتوضع أسفلهم النيران أهتك أعراضهم بكل برود ثم أشعل النيران فى المدينة كلها
ايه يا بن مفلح أولم يكن بالاحرى ان تتركهم يقاتلون فقد أخذت أموالهم ونكلوا تنكيلا صدقة لرسول الله ...ونعم الصدقة

وعندما تولى يزيد بن عبد الملك الحكم خلفا لعمر بن عبد العزيز قرر أن يسير فى الناس بسيرة عمر فجاءه أربعون شيخا يقولون ليس على الخلفاء من حساب ولا عذاب ...هكذا بكل بساطة

فالدين والسياسة العلاقة بينهما متشابكة دوما ولا تزال يصيبها التوتر حينا ويصيبها الود حينا آخر لما له من أثر فى النفس البشرية وتحويل الانسان من كائن فوضوى الى كائن سياسى عاقل يندرج فى التنظيم الاجتماعى للدولة
ان بضاعة رجال الدين دوما رائجة لا تعرف البوارما ان يصيبها الكساد فى أرض حتى تنتعش فى أرض أخرى ما ان ينتابها قحط فى زمن فانها ما تلبث أن تزدهر من جديد حتى أشد الناس الحادا لهم خلفيات ثقافية دينية تكونت فى نشأتهم الاولى ان الدين يخاطب نصف الطاقة البشرية الطاقة الروحية ليصبغ النصف الآخر لذلك كان دوما العوبة فى أيدى السياسيين عندما يقومون بالشرور من الاعمال يقولون أنهم يبرأون للدين أن يختلط بهذا الدنس فاذا ما تملمت الشعوب وضاقت بهم ذرعا يهرعون اليه يلبسون ثوب الخشوع الزائف ويتقربون الى الجماهير ويتظاهرون بما لا يعكس دواخلهم ورجال الدين يتاجرون بالنصوص المقدسة ليشتروا بها ثمنا قليلا فكانت طبقة الكهنة عبر التاريخ يخدعون ويتاجرون واذا برجال الدين أكثر حرصا على مباهج الدنيا أكثر من أهلها فكانت البشارة الالهية بالشريعة الخاتمة كما جاءت فى التوراة فى سفر ارمياء فى الاصحاح الحادى والثلاثين "وأجعل شريعتى فى دواخلهم وأكتبها على قلوبهم "
لقد كانت اشكالية رجال الدين عبر التاريخ تتزايد زمنا بعد آخر حينما أصبحت السلطة الحاكمة تواجه أزمة صلاحية وشرعية حقيقية فانقسم رجال الدين ثلاثة أقسام الاول أدار ظهره للسلطة وآثر الابتعاد عنها وأخذ بتحدث فى الحيض والطهارة يزيد ويكرر وكلما قتلهم الفراغ يتكلمون فى فروع الفروع المتفرعة وقسم حسم أمره انحاز للسلطة يدور معها حيثما ذهبت دروعا واقية لها تحميها من أى آراء مضادة وقسم أبى الا الاعلان عن الكلمة الصادقة مهما بلغت قسوتها لا يقبل فيها مجاملة أو تنازل كابن جبير وابن حنبل وبن عبد السلام
ان السياسة والدين لا ينفصل كلاهما عن الآخر فالدين يهذب السياسة ويكبح جماح منتسبيها الذى لا يعرف التوقف ولا يرى نقطة نهاية والسياسة تحمى الدين من الذين يعملون دوما على النيل منه وتحطيم أركانه وعلى رجال الدين الذين يعانون حاليا من أزمة شديدة بسبب سذاجتهم السياسية المفرطة وجشعهم اللامحدود أن يتغلبوا عليها حتى لا نقع مرة أخرى فى براثن تيمور لنك

السبت، 18 ديسمبر 2010

أوراق فى الفكر السياسى

لم يقرأ توماس هوبز لم يتصفح أوراق جون لوك لم يتأمل يوما ما سطرته أصابع روسو ولكنه كان على درجة من الوعى السياسى لا يمتلكه الكثير من ادعياء الثقافة فى هذا العصر رغم بساطة ملبسه وتواضع مظهره الا انه كان على قدر من الشجاعة لايعرفها من اعتادوا الهوان والتذلل يحكى لنا جلال الدين السيوطى عن ان الخليفة المأمون كان فى مجلسه يوم الثلاثاء يدارس الناس الفقه فجاءه هذا الرجل يشمر ثيابه يضع نعله تحت ابطه لم يرهي الحاضرين ومن يمتلك تلك المصارحة مع النفس كيف له أن يخاف وان كان الخليفة نفسه والملأ من حوله القى السلام ثم سأله " أخبرنى هل مجلسك هذا تجلسه باجماع الامة أم بالغلبة والقهر " انه يتحدث عن معضلة البشرية الأزليةعن شرعية السلطة الحاكمة التى تدير الشئون اليومية والحياتية للمواطنين أى رجل هذا الذى غفل التاريخ عن ذكر اسمه
ان شرعية الدولة تنقسم الى قسمين الاول شرعية الدولة نفسها ككيان قائم على هذا التجمع البشرى الكائن فى هذا المكان أو الاقليم ثم شرعية السلطة الحاكمة لهذا التجمع البشرى
فى الدولة الغربية المعاصرة اتفقوا على أن شرعية الدولة تكمن فى قيمها الحضارية التى ينبغى لها القيام بها ونشرها عبر المعمرة كلها ثم شرعية السلطة تأتى من العقد الاجتماعى القائم بين المواطنين والسلطة الحاكمة لتوفير أساليب العيش والرفاهية ولكن الغرب لم يحقق أيا منهما ومن ثم كانت الانظمة العربية الراضخة له تسير على نفس المنوال لقد فقدت الدولة العالمية المعاصرة شرعيتها لم تعد تستحق الوجود لأن الهدف الذى ألزمت به نفسها لم يتحقق
ان المظاهرات التى تجتاح فرنسا وبريطانيا واليونان تهدد العقد الاجتماعى الغربى بسبب تزايد نفقات الحروب ومحاولة المؤسسة العسكرية تدبير نفقاتها المالية الباهظة وليتحمل المواطنون عاقبة تلك الحروب كما أن قيم الحضارة الغربية لم تجد سبيلا للظهور فى الشرق الاوسط منذ تجربة اسرة محمد على لأن المصالح الغربية أهم من أى قيم مدعاة وهذا أمر ليس بجديد يقول الاستاذ سيد على أحمد الناصرى فى كتابه عن التاريخ السياسى للامبراطورية الرومانية "لهذه الحلول حاولت الحكومة الامبراطورية ذات السلطة العسكرية تأمين الدخول لنفسها وتجنيد الطاقات البشرية لشعوبها محدثة فوضى اقتصادية واجتماعية لم يسبق لها مثيل وعى حد وصف أحد الخطباء القدماء وهو يرحب بالامبراطور الجديد ويسب الامبراطور الراحل "ان الولايات ترتعد فرائصها خوفا وهى فى أغلالها مقيدة لقد انتشر المخبرون هنا وهناك يتنصتون الى ما يقوله الناس ولا واحد يستطيع أن يتكلم بحرية أو يفكر بحرية لقد قمعت الجوانب العادلة العاقلة للحرية " لقد أفسدت السلطة العسكرية والمخابرات الامريكية العالم كانوا يلجأون الى تجنيد العملاء عبر توريطهم فى خطايا وتدبير فضائح حتى يمكن لهم ضمان ولاء تلك الانظمة ورضوخها المهين وليس عبر منظومة من قيم نظم الحكم الرشيد فاجتاحت الفوضى العالم وكان لزاما أن تجتاحه فالفوضى العالمية يليها نظام جديد يتجنب الحماقات السابقة وتبدأ نواة سياسية جديدة تنمو وتخرج شطأها وتستوى على سوقها هكذا تكون نشأة الدول عبر التاريخ وهكذا ستأتى مملكة السماء كما أشار اليها المسيح "كانت كحبة خردل أخذها انسان وزرعها فى حقله وهى أصغر جميع البذور ولكن متى نمت كانت أكبر جميع البقول وتصير شجرة حتى أن طيور السماء تأوى اليها " متى 31:13
انظر الى ما يكمله الاستاذ سيد على الناصرى كنتيجة لسياسات الامبراطورية الرومانية القديمة "وهكذا تحمل المعوزون والفقراء الالم فى صبر ومعاناة وأحنى البرجوازيون رءؤسهم خوفا من سطوة الحكام العسكريين أو حرصا على ارضائهم حتى يتمكن بعض رجالها من التسلل الى الطبقة الحاكمة البيروقراطية الاقطاعية وأصبحت بروليتاريا المدينة عبيدا للطبقة الارستقراطية المحدودة العدد تعمل فى خدمتها وتعيش على خيراتها ولم يكن الزراع المعدمون أحسن حالا من العبيد أما جماهير الغوغاء فكانوا ينتظرون الاحسان من الدولة بالخبز والتسلية ولاهم لها الا أن يكون خبزها كفاف يومها "
أليس هذا هو المشهد العالمى أينما تولى وجهك تراه ملامحه فى أعين الشعوب تنطق.. تنوح... تبكى تراه فى الشرق الاوسط , تصرخ به أفريقيا , تتألم من مرارته أمريكا الجنوبية تعتصر وتتلوى من حماقاته آسيا أليس الجميع اما متملقون أو متسولون أين قيم الحضارة أين بناء الشخصية الانسانية لم تعد سوى دمية تمثل أو عروس تتحرك أو كائن هائم على وجهه يبحث عن الطعام وماذا كانت النتيجة كما يقول الاستاذ سيد على الناصرى نفسه " ولما يئست الشعوب من الاصلاح رفعت سلاحها ضد الامبراطورية الجشعة المستغلة حفاظا على وجودها " ان التاريخ ما هو الا حلقات تعاد وتتكرر تتفكك وتعيد تكوين نفسها مرة أخرى ان الرب حين تحدث عن هلاك الامم فى سورة البروج قال " انه هو يبدىء ويعيد "
أما عن شرعية النظم فى المنظور السياسى الاسلامى فله حديث آخر








الأربعاء، 10 نوفمبر 2010

موسولينى ...وأهل الكهف

القائد الايطالى الشهير بينيتو موسولينى أصابته حالة من النشوة الروحية الخالصة والنقاء النفسى الشفاف فكتب تعليقا على كتاب الامير لميكافيللى والذى كان موضوعه لدرجة الدكتوراة تعليق يستحق الالتفات والقراءة بعناية خاصة من قائد دخل حروبا طاحنة أو هكذا روج الينا وكان له فى الشأن السياسى مدا وذراع يقول موسولينى نقلا عن ترجمة الاستاذ طارق عبد الوهاب لكتاب الامير انه فى عام 1924 عندما كرم من فريق القمصان السوداء يقول "ان ثورات القرنين السابع عشر والثامن عشر قد حاولت أن تحل هذا الصراع الذى يكون فى كل تنظيم اجتماعى للدولة وذلك بأن أظهرت السلطة وكأنها صادرة عن ارادة الشعب الحرة وهذه خرافة فضلا عن كونها وهما فأولا لم يمكن بالامكان تعريف الشعب أبدا وهذا ككيان شىء أساسى هو كيان مجرد لا نعرف من أين بدأ وأين ينتهى ان صفة السيادة حين تطبق على الشعب تكون سخرية مؤلمة الشعب يرسل على أكثر تقدير ممثليه ولكنه لا يستطيع فى الحقيقة أن يمارس أية سيادة ان نظم التمثيل النيابى تخص الآلية وليس الاخلاق وفى البلاد نفسها التى تستخدم فيها هذه الألية أعظم استخدام منذ قرون وقرون تأتى ساعات حاسمة لا يطلب فيها من الشعب أكثر من ذلك حيث تنزع تيجان الشعب الورقية و وتأمره بأن يرضخ اما لثورة أو لسلم أو السير نحو حرب مجهولة ولا اجراء آخر فليس أمام الشعب الا الرضوخ والطاعة " حقا ان سيادة الشعب سيادة التيجان الورقية لا تستخدم الا قليلا للترويج الاعلامى للخداع وتحسين الوجوه القبيحة أما فى القرارات المصيرية تنحى تلك السيادة جانبا وتوضع على الحائط الى حين وهل الشعب يملك من زمام الوطن شيئا
وان كنت أختلف مع موسولينى فى تعريف الشعب ككيان والقراءة للتنظيم الاجتماعى للجنس البشرى ولكن الرجل يستمر "ان السيادة التى تمنح للشعب تسحب باللطف منه تسحب منه فى اللحظات التى يشعر بالحاجة اليها وتترك له وحده عندما تكون السيادة غير ضارة وممدوحة فتعطى له هل تتصورون حربا أعلنت بالرجوع الى الشعب ان الاستفتاء يسير سيرا حسنا عندما بكون بصدد اختيار أنسب مكان لوضع نافورة القرية " كم أنت صادم يا موسولينى لقد ذكرنى ذلك بقصة ذكرها ج.ج.كروثر فى كتابه قصة العلم عن المخترع الشهير اديسون فالرجل كانت أولى اختراعاته كان نظام كهربائى لتسجيل أصوات الناخبين بدقة وسرعة وهرول الى واشنطن لعرض الجهاز على المسئولين فأخبره رجال السياسة أنه أخطأ الهدف وسار فى االطريق الغير صحيح وربما الغير مقبول فأخر شىء يرغبون فيه هو فرز الاصوات بسرعة لأن هذا يفسد مناوراتهم التكتيكية من أجل عرقلة خصومهم وكسب أصوات الناخبيين ومنذ ذلك الوقت قرر اديسون ألا يبدد جهوده فيما هو غير مطلوب
ان سيادة الشعب أكذوبة كبيرة فى عصر لا يعرف الى الصدق سبيلا ان سيادة الشعب لا تأتى الا من سيادة المنظومة القانونية والتشريعية أن تعلو هى فوق الجميع لا تخضع لهوى أحد أو يتلاعب بمضامينها فرد
لذلك كان ايمان موسولينى بالقوة وحدها مفرطا لا كراه الناس على ما يؤمن به وكان ما كان ولكننى سأضرب لموسولينى مثلا آخر عن أناس لم يستخدموا القوة لأنها لم تكن متاحة لهم وقتها كل ما كان فى مقدرتهم ان يجأروا الى الجبال وألا يشاركوا قومهم الافكار الباطلة ومجاراتهم فى غياهب الهوى
فذهبوا الى الكهف وبعد حين من الزمن ابتعثهم الله ليوضح لهم أنه لم يخذلهم انظروا بعينى رؤوسكم التى لا تخطىء النظر هاهى الاحوال قد تبدلت والظروف قد تغيرت وأصبحوا هم رموز المجتمع وأقطابه تتناقل العامة سيرهم ويتحدثون عن مآثرهم ان الحجارة التى كانت سترجمهم تحولت الى مسجد يقام حولهم .....هيا فليعودوا الى رحلة الموت مرة أخرى لنعلم أى الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا ان لحركة التاريخ يدا أعلى توجهها
ان الاصلاح لا يحتاج منا الا الى موقف فى وقت تبحث فيه المواقف عن رجال
- رغم أن كاتب المقال له رأى قاس فى الخليفة المأمون أشد وطأة مما هو فى كتب السنة الا أن الرجل كان محقا فيما قال ورغم أن أقوال الاقدمين من حكم لا أكررها مسلما بها الا بعد الممارسة الحياتية ومعايشة الواقع فاننى أوافق الرجل تماما فقد قال الرجل "أظلم الناس لنفسه من يتقرب الى من يبعده ويتواضع لمن لا يكرمه ويقبل مدحا ممن لا يعرفه "
نلتقى بعد العيد بمشيئة الله تعالى

الأربعاء، 3 نوفمبر 2010

فى فلسفة السلاح

يقول ميكافيللى فى كتابه الامير "على الامير ألا يستهدف أو يبغى شيئا الا الحرب وتنظيمها وطرقها وألا يفكر أو يدرس شيئا سواها حيث الحرب هى الفن الوحيد الذى يجب أن يتقنه كل من يصل الى مرتبة القيادة ....وكثيرا ما يرى الانسان أن الامير لا يلقى بالا بالحرب وفنونها والسلاح وأنواعه والتدريب على استخدامه ويكون همه الاول والأخير هو تحقيق ملذاته ورغباته يكون من السهل على الامير أن يفقد امارته ولا جدل فى رأينا أن ازدراء فن الحرب يكون سببا رئيسا فى ضياع الممالك والامارات وأن اتقانه والتمرس فيه هو السبيل الى الحصول على الدول والامارات وامتلاكها "
وحيث أن كتاب الامير يشكل العقل السياسى للقادة فى الغرب فاننا نقول بكل موضوعية أن الرجل قد أصاب فى هذا النقطة وهى أهمية القوة والترفع عن الرغبات المبالغ فيها الا ان هنالك خللا تسرب اليه لأنه اعتمد فقط الحرب والقوة رغم أهميتها الكبرى دون غيرها كسبيل لترسيخ الامارات فالخطأ فى اعتماد الحرب وحدها دون اللجوء الى قوة الافكار لأن الفكر أيضا له قوة تضارع قوة الحرب والاشكالية الغربية المعاصرة التى تعانيها بشدة هى ضعف الافكار المنتجة التى جاءت بها الينا وعدم قدرتها على المواجهة الشريفة فى الميدان واللجوء الى أساليب رخيصة عرجاء فى مواجهة نور الحقيقة الذى لا ينطفىء
وهذا ما أوقع الغرب فى المواجهة مع العالم الاسلامى انه يملك القوة والتقنية العلمية ولكنه يعانى من فقر فى المخاطبة الوجدانية والتنظيم الاجتماعى والقيم المثالية وعندما تدخل القوة فى صراع مع القيم حتما ستخسر وسترتد على أعقابها

ان الحرب وقوة الافكار صنوان لا يفترقان واذا اعترى احداهما الضعف أو الخوار انهار كلاهما فلابد للأفكار أن تمتلك القدرة على الاستمرار والقابلية للانتشاروالتراضى الداخلى انها مثل حبوب اللقاح المتطايرة عندما تجد من يوافقها تخرج مولودا جديدا وثمرة يافعة ناضجة فعندما رآى ميكافيللى أن الانبياء المسلحين انتصروا وحققوا نجاحات أكثر من الانبياء الغير مسلحين لأنهم استخدموا القوة لفرض ما يؤمنون به من قوانين نسى أن هذه القونين والتشريعات لها من القوة الفكرية التى توافق النفس البشرية وتتلاقى معها وليست متنافرة مع المنظومة الاجتماعية القويمة التى يحلم ويحتفى بها عالم البشر
فمهما امتلكت من قوة لن تستطيع أن تفرض قناعاتك على الآخرين الا اذا كانت تلك القناعات تتوافق مع العقل والوجدان مع الفكر والروح مع الواقع الاجتماعى والعدالة السياسية سأضرب مثلا لو أن مجموعة من المسجلين خطر قاموا بفرض سطوتهم على أحد الاحياء وجعلوا على العامة أوتاوات يدفعونها مرغمين بالطبع سيرضخ لها الجميع و سيتكيفون مع الوضع الجديد بل قد يتطوع البعض بالمساعدة وتقديم الخدمات أما حين يتدخل اؤلئك الاجراميون فى حياتهم الخاصة والشأن الاجتماعى هنا ستثور ثائرتهم وينتفضون للمواجهة

وهذا خطأ آخر وقع فيه ميكافيللى حين وضع تصورا الهزيمة للدولة التركية حيث يقول "أما الاسباب التى تجعل احتلال المملكة التركية صعبا فهى أن المحتل لا يمكن أن يأتى بطلب من أمراء تلك المملكة كما أنه فى سبيل تحقيق هدفه ألن يستطيع ن يعتمد على ذلك عن طريق ثورة يعلنها أؤلئك المقربون من شخص الحاكم حتى لو استطاع رشوتهم فلن يستطيعوا اقناع الشعب بتلك الثورة لذلك فانه كان من الواجب على كل من يفكر فى مهاجمة السلطان التركى أن يعتمد على قوته على على الضطرابات فى صفوف العدو حيث انه سيواجه جيشا متحدا ولكنه ان تمكن من النتصار عليه فلا يبقى أمامه الا الاسرة الحاكمة فاذا ما قام بالقضاء عليها لم يعد هناك ما يخافه أو ما يخشاه " والخطأ هنا أنه بعد الانتصار عليه وهذا ما حدث مع الخلافة العثمانية فانه حين يقوم بفرض ما يعتقد من منظومة حياتية ستصطدم مع قناعات الشعب ويحدث فوران بلا توقف
فمثلا مصطلح المواطنة يعانى من الاهتراء الكثير الذى يسخر منه أضعف الناس عقلا لأنه لا يضع الترابط الفكرى وهو الأهم فى الاعتبار ان الغابة ساحة للتعايش المشترك بين كثير من الحيوانات ولكن هذا التوحد فى أرض المعيشة لم يخلق التجانس بينها ويقيم الحياة الطيبة , لم يجعل مظلة السلام تؤلف بين أفئدتها المتناحرة , فعندما تتحقق العدالة والتوافق الفكرى بين البشر سيرعى الاسد مع الغنم ويضع الطفل يده فى جحر الافعوان

وهذا ما صنع كل الصراعات مع الغرب حتى الآن فعندما تعجز التصورات الغربية فى التوافق مع الشعوب وتحقيق السكينة الروحية والقبول العقلى فسيسرى فيها رغبة التمرد المحمومة خاصة اذا كانت تؤمن بمنطق القوة واقتناء السلاح كفريضة دينية ورغم أن سبينوزا له من الشطحات الفكرية الكثير والدانات العقلية التى غالبا ما تطيش الا أن الحق وافق الرجل حين قال " أن الرجل المسلح أكثر استقلالا من الرجل الأعزل " وميكافيللى نفسه يرى "ان المقارنة بين الرجل المسلح وغير المسلح معدومة ولا وجود لها اذ أنه ليس من العقل أن نفترض أن المسلح يخضع بمحض ارادته لغير المسلح "

ان قوة الافكار تضارع قوة السلاح وكلاهما جناحا أى منظومة سياسية راشدة

- قريبا بمشيئة الله تعالى ربما نفتح ملفات ساخنة وطازجة ....بالهناء والشفاء

قريبا بمشيئة الله تعالى



الأحد، 31 أكتوبر 2010

بيت سليمان

وجاءت البشريات باكتشاف أرض جديدة وهرع الاوروبيون اليها كرعاة يتسابقون نحو الكلأ لاطعام أغنامهم الجائعة انه الفردوس المفقود وخرج المفكرون يضعون تصوراتهم لهذا العالم الجديد لهذا النجم الذى بزغ فى سماء التاريخ فجأة يقول د.حبيب الشارونى فى كتابه عن فرنسيس بيكون أن راهبا دومانيكيا اسمه تومازو كمبانيلا وضع كتابا بعنون مدينة الشمس يعرض فيه أراءه الاجتماعية فينظم المجتمع وفقا لأصول العلم بحيث يتولى الحكم خير الذين مهروا فى العلم النظرى والعملى معا وكان فى ركب المفركرين فرنسيس بيكون حيث وضع كتابا بعنوان أتلانتس الجديدة وضع فيه تصورا لاطار المدينة الفاضلة وأطلق عليه بيت سليمان حيث يقوم العلماء بتفسير جوانب الطبيعة المختلفة وتوجيه العلوم لصالح الجنس البشرى فهو يرى الحكومة فى تلك الدولة الجديدة تختلف عن حكومات أوروبا انها تتألف من الصفوة المختارة التى شغلت مناصبها بفضل تفوقها العلمى فى شتى فروع المعرفة فالقائمون عليها ليسوا رجال سياسة أو حرب ولكنهم مجموعات تختص كل منها بعمل معين من أعمال البحث العلمى مجموعات مختلفة تقوم كل منها بدورها من جلب للكتب واجراء للتجارب واستخلاص النتاائج واجراء تجارب جديدة أكثر نفاذا وايضاحا ومجموعة أخرى تقدم التقارير عن تلك المكتشفات كل ذلك فى اطار تنافسى بينها لتحقيق أعلى النتائج وأرقى المحصلات ولعل هذا يتجلى واضحا فى مركز صنع القرار ودوائر الفكر الامريكى ولكن الرجل أخطأ فى موض أخر فهو حين وضع أهدافا جديدة لأتلانتس الجديدة وضع أهدافا محددة فيقول

"ان أهداف هذه الحكومة هى معرفة علل الأشياء وحركاتها الغامضة وتوسيع حدود مملكة الانسان ليمتد تأثيره الى كل الاشياء الممكنة " انها أهداف رائعة ولكن الغاية تراها مبهمة غير واضحة فماذا يعنى بمملكة الانسان ...انه يرى الجنس البشرى مثل مملكة النمل والنحل لا بد له كما فى الطبيعة من اطار تنظيمى وتعاونى تراه واضحا منظما لا يتغير ولا يتبدل جيلا بعد جيل فى الممالك الأخرى انه يريد المملكة البشرية فى نفس هذا التصور انه حقا أمر رائع ولكن هنالك خلل

فالجنس البشرى هنالك اختلافات منهجية وتنظيمية وعقيدية انهم أمم مختلفة نعم انهم من أب واحد وأم واحدة ولكنها كائنات تملك حرية الاختيار وتحديد المنهج فالسبيل اذن لتصور تلك المملكة هو الانسان نفسه الجسد البشرى وهذا لا يمنع من الاستفادة من تجارب الكائنات الاخرى انها "أمم أمثالكم .....ما فرطنا فى الكتاب من شىء " ويكون الاختلاف الواقع بين افراد البشر مثل الاختلاف بين خلايا الجسم المختلفة التى يجمع بينها رابط واحد هو الدفاع عن ذلك الجسد وتكون الاقليات الموجودة فى أى أمة مثل تلك "البكتيريا الخاملة" التى تعيش فى جسد كل منا وتقوم بينها وبين خلايا الجسد علاقات تبادلية ما دامت لم تهاجم الجسد وتنضم للكائنات الطفيلية الاخرى التى تأتى لمهاجمة الجسد البشرى عنوة "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ويخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا اليهم "

كما أن الرجل حين تحدث عن الغائية لهذا الكيان السياسى جاءت الغائية ناقصة أتفق مع قدر كبير من تصوراته ولكن ليس معها بأكملها فهو يقول فى كتابه الآلة الجديدة نقلا عن د.حبيب الشارون "ربما يكون من المستحسن أن نميز بين ثلاثة أنواع من الطموح الاول طموح الانسان الذى يصبو الى أن يبسط سلطانه داخل وطنه وهو طموح عامى وضيع يليه طموح من يحاول أن يوسع من قوة بلده وسيطرتها على الجنس البشرى وهو طموح أكثر احتراما ولكنه ليس أقل من السابق طمعا أما اذا سعى الانسان لأن يجدد قوة الجنس البشرى عامة ويوسع من سيطرته على الكون فان مثل هذا الطموح انما أكثر نبلا وعظمة من الآخرين ان سيطرة الانسان على الاشياء تقوم فحسب على الفنون والعلوم لأن السيطرة على الطبيعة لا تكون الا باطاعتها " نعم ان للفنون والعلوم دور فى التعامل مع الاشياء من حولنا وفك طلاسمها ولكن مكمن الخلاف فى الغائية والوسيلة فنحن المسلمين نرى أن لله ملك السموات والأرض وأننا فقط نقوم باستعمار هذا الكوكب ونرى المعايير التى تحكمنا و الوسيلة التى ننتاغم من خلالها مع الطبيعة وكائناتها باتباع النهج الذى أنزلته السماء الينا كما تتبعه ممالك الكائنات الآخرى "فاما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى " وبذلك يتحقق التناغم مع الطبيعة

وعلى ذلك فالاطار السياسى للمملكة البشرية يكون بنفس اطار الجسد البشرى والاطار التشريعى المنظم لها هو اطار يتناغم مع ما فرضه خالق الطبيعة الانسانية علينا

الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

استراتيجية الاصلاح والتغيير

ما سنسطره الآن بمشيئة الله تعالى هى فلسفة الاصلاح والتغيير عبر حركة التاريخ انها السنة الربانية التى تدور بها طاحونة الحياة وتحرك جموع البشر دون دراية منهم أو بدراية القليل ولكن أكثر الناس لا يعلمون يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا
ان الاصلاح عبر التاريخ يتم بطريقتين "اصلاح من الداخل " واصلاح من الخارج " الاصلاح من الداخل يكون عن طريق ما يعرف " بحرب الافكار "والاصلاح من الخارج يكون عن طريق "القوة " فالاصلاح يكون على يد أحد الاشخاص أو مجموعة من البشر يرفضون الاوضاع المزرية التى يتناقلها المجتمع ويسلكها التجمع البشرى المحيط بهم و ينتمون راغمين اليه فيتسامون عنها ويتسامون عنه يطرحون حلوال ويسوقون بدائل
يأتى الاصلاح على يد نبى أو عالم صادق أو مفكر لا يبغى من الاجر شيئا يصوغ الادلة والقرائن يعرض ما انزلقت اليه أقدام البشرية من أحوال ممقوتة ويصححها وتنشأ هنالك حالة جدلية بينه وبين نخب الفكر فى قومه
انظر مثلا لحوارات شعيب والذين يناوئونه انظر الى نوح حين خاطبه قومه بتعنت واضح " يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا " انها حالة جدلية متجددة ونقاش لا يعرف التوقف انها حرب الافكار ان استجاب القوم كان الخير كله وان ابوا تأتى القوة الالهية لتقوم هى بدورها فكان هود وصالح شعيب ولوط ونوح كانت القوة الآتية من الخارج ريحا صرصرا رجفة , حجارة , طوفانا يطيح بكل شىء , لقد رفض التجمع البشرى القائم وقتها أفكار الاصلاح وأدار ظهره اليها
ولكن من مبعث موسى عليه السلام حدث التطور الاكبر والمنعطف الاخطر فى تاريخ البشر حيث انتقلت القوة الى يد المؤمنين بمباركة الهية فتحولت عصا موسى وهى عصا عادية الى أداة تحمى , تضرب , تدافع وتهاجم وتفجر ينابيع الخير وعيون الماء ثم كانت حروب يوشع بن نون وداود وجيوش سليمان وحروب محمد رسول الله
وحروب الافكار ليست اعتباطية بل تقوم على مناقشة الافكار بموضوعية شديدة ومصداقية تامة دون سب أو قذف دون تعنت أو عناد وترتبط برغبة صادقة وحيوية لا تعرف الفتور ولنضرب المثل بفولتير ورفاقه حين ضاقوا بما كانت عليه الاوضاع فى أوروبا فأرسل الى دالامبير يخاطبه "أنت مفكر كبير عامل مجد عظيم لكن لا يكفى الانسان أن يبدو أعظم فكرا من غيره هيا اذن وقدم خدمة للجنس البشرى ألا يجب على الانسان اذا كان انسانا أن يحمر وجهه خجلا ان هولم يقرع ناقوس الثورة على أعداء الانسانية " فيرد عليه دالامبير بما يدور فى صدر الكثير ويداعب الخلد بسخرية " كان بودى أن أخدم العقل ولكنى أكثر رغبة فى أن أعيش ناعم البال ان البشر لا يساوون الجهد الذى نعانيه لتنويرهم "

لذلك كان الانبياء أعظم أجرا انهم لا يبغون من الاصلاح أجرا الا لرضا الالهى والارتقاء بمسالك المجتمع الذى خرجوا اليه وعلى الدرب سار المؤمنون الصادقون انه النضال فى سبيل الاله لا يبغون من البشرية جزاء ولا ولا شكورا ولكن فولتير يخاطبه ويشد من آزره " هيا يا ديدرو الشجاع ويا ودالامبير المقدام هيا يا عزيزى اسسوا معا هيئة من الفرسان البواسل حماة الحقيقة اقضوا على الخطب الرنانة التافهة وعلى السفسطات البائسة وعلى الاباطيل التاريخية والمتناقضات اللامعقولات التى لا تحصى عليكم يا خوانى الفلاسفة أن تسيروا متراصين كالمحفل المكدونى انه لم يقهر الا انه خاض القتال مشتتا ان المبشرين يجوبون الارض والبحار فليطف الفلاسفة فقط بالشوارع وليبذروا البذرة الصالحة

وعندما تتأمل رحلة الصعود الاسلامى تجد الامر نفسه كذلك فمحمد رسول الله خاض فى مكة حرب أفكار ضد قومه وظروفهم ومعبوداتهم ثلاثة عشر عاما فى مكة وكانت قوة الكلمة العاتية التى زلزلت أركان المجتمع المكى بأكمله

ثم كان التحول بعد ذلك الى القوة بعد الانتقال الى أرض أخرى تكون ملاذا آمنا ينطلق منها الى ساحات القتال وليس كما يزعم البعض ويتناقلونه عما يعرف بالتربية لأنه لم يستغرق المدة نفسها فى المدينة كسبيل للتعامل مع الانصار بل اكتفى وقتها بصحة العقيدة للانطلاق فالاذن بالقتال كان بمجرد أن وطئت الاقدام المدينة وفى الحديث وهو فى صحيح مسلم أنه جاءه صلى الله عليه وسلم رجل فى غزوة بدر وكنا كما تروى السيدة عائشة نجد فيه نخوة للقتال فأبى مرتين الا بالشهادتين وعندما وافق الرجل فى الثالثة انضم الى الفيلق ولم يطلب منه الانتظار ثلاثة عشر عاما كحال المهاجرين فى مكة فالامر كان مرتبطا بناحية استراتيجية عسكرية وبقعة جغرافية آمنة ينطلق منها ولكن الامر لا يعنى أنك لا تقوم بالدفاع عن نفسك والتصدى لجحافل الظلم بأى طريقة كانت فعمر بن الخطاب فى مكة كان يتوعد من يقترب منه انه حق الدفاع عن النفس الذى كفله الاسلام وحمزة شج رأس أبى جهل حين تعدى على بن أخيه

اذن فهذه هى استراتيجية الاصلاح عبر التاريخ ويكون من خلال هذين الطريقين وعلى كل أمة على كل مجتمع يحدد أى الطريقين يختار

الثلاثاء، 12 أكتوبر 2010

رحلة عبر قاطرة التاريخ

أكره الحداثة بشدة انها عبث فكرى تحدث قطيعة مع الماضى وهذه سذاجة عقلية انها تعيد البشرية الى مرحلة الطفولة الاولى لذلك تخيلت وكأنى أركب قاطرة التاريخ أتجول فى دروب الماضى وكأنى بنبى الله زكريا وقد وقد تكفل مريم وكأن الرب يريد أن يكافئه يريد أن يهب له ولدا ولكن يريده أن يتوجه اليه بالدعاء يرى عند مريم الاطعمة المختلفة فى غير أوقاتها يناله التعجب يا مريم أنى لك هذا هو من عند الله فيتوجه هنالك الى ربه كان وجود تلك المنوجات فى غير وقتها مدعاة للتساؤل ودافعا الى الدعاء تراه فى سورة مريم وصف لحالته وهو يهمس بصوت خفى فيكون الاستجابة الفورية هل جزاء الاحسان الا الاحسان
وأمضى بقاطرتى الى امرأة أخرى كاترين الكبرى التى تولت الحكم فى روسيا وأذلت الخلافة العثمانية وكانت ذات علالقات متعددة شهوانية للغاية ولكنها كانت على قدر كبير من الوعى فلم تسمح لعاشق منهم أن يتدخل فى قراراتها السياسية فمهما انزلقت قدمك الى عالم الخطيئة لا تجعله مبررا للتخلى عن الثوابت مهما كان
وأمضى بالقطرة الى عام سبعة هجرية ورجل يدعى الحجاج بن علاط أسلم سرا ابان خيبر فانطلق الى مكة وأخبرهم بأن محمدا قد هزم وأنه وقع أسيرا وأن أهل خيبر سيبعثونه اليكم حتى تقتلوه بأيديكم و فتهلل القوم وقام يجمع كل ماله الذى له عندهم حتى ينال من فيء محمد فجاءه العباس وقد أصابه الغم يتحقق مما قاله الرجل فنظر اليه ويبدو أن قلبه رقاليه فطلب أن يقابله بعد الانتهاء من جمع ماله وبعدم قام الرجل بما قام أخبره بأن محمدا قد فتحها وترك بن أخيه عروسا على بن مليكهم

وأمضى بقاطرتى لأرى بن عباس وهو يشرح تفسير سورة النمل ويتحدث عن الهدهد وقدرته على رؤية الماء فى باطن الارض فيقوم رجل ويسأله كيف ذلك يا بن عباس والطفل ينصب له الفخ فيقع فيه فيقول لولا يقول هذا رددت على بن عياس ما أجبته " يا هذا اذا وقع القدر عمى البصر" فى كل عصر تجد مناطحون بالباطل دوما

وامضى بقاطرتى لأرى فولتير وقد حببت الى نفسه العزلة فكتب رسالته الى مدام ماركيز فيقول لها " ان العزلة تزيد العواطف حيوية كما أن الحياة فى باريس تبعثر جميع الافكار فينسى المرء كل شىء انه يلهو برهة بكل شىء فى هذا الفانوس السحرى حيث تمر جميع الصور سريعة كانها الظلال اما فى العزلة فان الانسان ينهمك فى عواطفه "كم هى مثمرة العزلة كثيرا



عزيزى القارىء أستأذنك فى اجازة لمدة شهر للاستجمام قليلا وسأعود بعدها بمشيئة الله تعالى





الأربعاء، 6 أكتوبر 2010

خريف الحضارات والدول

 
"







ينتابني في فصل الخريف دومًا حالة من الاكتئاب خاصة مع العودة إلى التوقيت الشتوي؛ حيث يقصر ضوء النهار بعد طول ويتزايد ظلام الليل بعد نقصان وتلف أستار الهدوء جنبات الكون، وربما أيضًا لأنه كان موسم العودة إلى مقاعد الدراسة, وتبدأ النسمات الباردة في الهبوب منذرةً بقدوم ما هو أسوأ ويفشل قرص الشمس بعد فوران الصيف وقيظه في إرسال بعض الدفء إلينا، ويصبح كأنه وحشٌ فَقَدَ أنيابه فلم يعد يخيف أحدًا قبل أن يتوارى خاشعًا خلف السحب المطيرة ما أشبه حياة البشر وتاريخ الحضارات والأمم بالمناخ ومواسمه.إن الطبيعة البشرية أبدًا لا تتبدل وحياة الدول والحضارات واحدة لا تتغير؛

لذلك كان للتاريخ فلسفة ثابتة ومعيار محدد تتحرك حوله الأحداث صعودًا وهبوطًا ثم في النهاية تصل إلى نفس النتيجة الحتمية، إنها سنة الله فيمن خلق ولن تجد لسنة الله تبديلاً.يحدثنا ميكافيللي عن نشأة الحضارات والدول واضمحلالها فيقول: "إنها من أكثر الظواهر المتتابعة المنتظمة دلالة في التاريخ، ويضع لتلك المشكلة المعقدة قانونًا في غاية البساطة فيقول إن الشجاعة تنتج السلم، والسلم ينتج الراحة والراحة تستتبع الفوضى والفوضى تؤدي إلى الخراب، ومن الفوضى ينشأ النظام والنظام يؤدي إلى الشجاعة".. (ول ديورانت- المجلد الحادي عشر)،
وما وصل إليه ميكافيللي من قانون ومعيار صحيح، ويمكننا أن نقيس به الحضارات، رقيها وتدنيها، علوها وسفولها؛ لذلك أنا لا أخشى الفوضى الخلاقة أو يعتريني اليأس من الخراب والانهيار لأني أعلم أنه في نهاية النفق دومًا بعض من النور، وفي ظلام التخبط بصيص من الأمل وأحلك لحظات الليل يليها شعاع الفجر وأذان السماء، كم لصلاة الفجر من معانٍ تفوق ما كنا نتخيله، كما أن ميكافيللي لم يحدد لها إطارًا زمنيًّا، وقد أخطأ ابن خلدون- في رأيي- حين وضع إطارًا زمنيًّا للدول بثلاثة أجيال أو مائة وعشرين عامًا على أساس أن الجيل أربعون سنة؛ حيث تقوم الدولة على جيلٍ من الشجعان ثم يعقبه جيل يتمرغ في الرفاهية يستتبعه جيل ضعيف نشأ تحت مظلة تلك الحياة، وعلى يديه تنهار الدولة.فتحليل ابن خلدون ليس صحيحًا؛ لأنه وضع إطارًا زمنيًّا، كما أنه لم يحدد على أي أساسٍ قامت تلك الدولة، على أساس أيديولوجي أم مرتبط بقدرة الأشخاص،
فالدولة الأموية والعباسية والعثمانية والتي قامت كل منها على قدرات أشخاص كانت أعمارها مختلفة، فقد عاشت الدولة العثمانية على سبيل المثال خمسة قرون، وكلها مع ذلك تتبع أيديولوجية واحدة تصل بعمرها إلى أكثر من ألف ومائتي عام، في حين أن الاتحاد السوفيتي قام على أيديولوجية معينة ولم تعش دولته أكثر من خمسة وسبعين عامًا، كما أن الحقبة النازية قامت على قدرات شخصية لهتلر في ألمانيا كانت أقل من ذلك بكثيرٍ، في حين أن الأسرة العلوية التي قامت على قدرات محمد علي في مصر وأيديولوجية فرنسية استمرت مائة وسبع وأربعين سنةً وانتهت أسرة محمد علي واستمرت الأيديولوجية، ولكنها الآن في طور الاحتضار؛ لذلك فأنا أُفضِّل عدم وضع إطار زمني بل مراحل تمر بها الدول والحضارات جميعًا وهي البداية، الفوران، نقطة الانقلاب، الانكسار, النهاية ويكون الاختلاف بين كل دولة أو حضارة عن الأخرى هو في عدد السنين التي تأخذها كل مرحلة من المراحل السابقة، إنها نفس المراحل التي يمر بها قرص الشمس في وقت النهار؛ حيث يشرق صباحًا على استحياء ثم يشتد عوده شيئًا فشيئًا ويتزايد معه لهيب أشعته وحرارتها ليتوسط كبد السماء ثم يبدأ في الانحدار إلى الهاوية، إلى الغروب، إن منحنى الحضارات والدول يشبه الأفق المحيط من حولنا، وتراه حين يهوى تغمره الحمرة كأنه ينتحب مودعًا عالم النهار ولا تدري هل ينتحب على نفسه أم على ابن آدم الذي لا يريد أن يفهم ولكنه ويا للعجب في الوقت الذي يغادر فيه هذا المكان تراه يولد في مكان آخر ويشرق على أمة أخرى.
وسوف نفتح كتاب الله لنرى كيف حدثنا القرآن عن الحضارات والدول وما هي الحتميات التي تنتظرها؟ ولماذا تعصف بها يد النهاية بلا رحمة؟ فنجد أن الله سبحانه وتعالى قد قدر أمرًا على كل الأمم.. على كل القرى ﴿وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58)﴾ (الإسراء)، وهو قدر العلم وليس قدر الإجبار، وتأمل من حولك وارجع لكل كتب التاريخ لتجد أن حال الدول والقرى بين العذاب والهلاك، إنه أمر الله الذي لا يتغير.ولكن هذه القرى لا تهلك إلا بعد أن يرسل الله إليها نذير ﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ (فاطر: من الآية 24)، ويأمرهم هذا النذير بعبادة الله واجتناب الطاغوت، ويأتي هذا النذير في مرحلة الرفاهية والترف التي تمر بها تلك الدولة وهذه الحضارة ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا﴾ (الإسراء: من الآية 16)، وانظر إلى كلمة مترفيها لم يقل زعماءها لم يقل رؤساءها بل مترفيها وما تحمله هذه الكلمة من معاني توحش الثروة والركون إلى الراحة والدعة والاستكبار في الأرض، فهي تعبر عن مرحلة معيشية وليس فقط وضعية طبقية؛ لأنهم من الممكن أن يكونوا زعماء وصالحين؛ لأن الصلاح يمنع الهلاك عن القرية ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117)﴾ (هود)،
فيا ترى كيف حال الله مع قريةٍ تُنكل بعلمائها.. عالم تفسير بدعوى تصنيع طائرة، وعالم حديث، ومجموعة من الإعلاميين الشرفاء، وأولياء أمور مدرسة كل ذنبهم أنهم استلهموا النموذج الإسلامي في حين تُترك الحرية كاملةً لرواد شارع الهرم ورموز الثقافة العارية ﴿فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10)﴾ (القمر).إذن فالحضارات والدول حين تفسد في الأرض حين تدنسها بظلمها وشرها فعليها أن تعلم ان مؤشر النهاية قد تحرك وأن موعد الأفول قد أزف وأن المسألة مسألة وقت وأنها هي دون غيرها تتحمل وزر ما فعلت ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ (النحل: من الآية 118).ومهما فعلت ومهما جيشت ومهما استعانت براند أو غيرها فلن يمنع هذا عنها أمر الله ﴿وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾ (الرعد: من الآية 11).فهل أدركت أمريكا أن موعد الغروب قد حان؟ هل علمت ما تخبئه لها يد القدر كما أخبرها سفر حزقيال على أيدي الذين أرسل إليهم رسول؟ أم تراها لا تزال تجادل؟ أم تراها لا تزال تعاند؟ أم تراها لا تزال تسير خلف الخرافات والأوهام والتحدي لحركة التاريخ والزمن؟ إنني سوف أشرح لأمريكا نموذجًا هي تعلمه جيدًا وسياسة هي تتبعها ولكنها تضعها على غير موضعها نموذج ذي القرنين سواء إن كان الإسكندر أو كورش أما السياسة فهي سياسة.العصا والجزرةفذي القرنين الذي حكم الأرض وضع تلك السياسة ووظفها حيث يجب أن يكون التوظيف فيقول ﴿أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ﴾ (الكهف: من الآية 87)، فسياسة العصا تكون لكل ظالم يتعدى على الأفراد ويسطو على أموالهم وحرياتهم أما الإمبراطورية المستبدة فتجعلها لمن يخرج عن طوعها لمن لم يخضع صاغرا لاطروحاتها ويقول ﴿وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)﴾ (الكهف)، وسياسة الجزرة تكون للصالحين والمؤمنين وليس للأنظمة المستبدة التي تنكل بشعوبها وتسومهم سوء العذاب ما دامت تدور في مدارها وتلهث خلف فتاتها، فمن أراد أن يحكم الأرض فلتكن هذه سياسته، وليكن هذا هو النهج الذي يجب أن يسير عليه.

الخميس، 16 سبتمبر 2010

هوامش فى دفتر التاريخ

- فى عام 1120 ميلادية تنكر راهب انجليزى يدعى ادلارد الباثى فى شخصية طالب مسلم وذهب الى قرطبة ليعود بصيد ثمين ترجمة كتاب "الاصول "لاقليدس والذى استفادت منه اوروبا على مدى أربعة قرون ولم يكتف هذا الراهب المغامر بذلك بل ترجم أيضا كتاب "الهندسة التحليلية " للخوارزمى وبعدها بأكثر من عشرين عاما ترجم روبرت أوف سنتر كتاب "الجبر والمقابلة " وسار على الدرب الايطالى جيرارد الكريمونى فترجم المجسطى لبطليموس واعمال أرشميدس وارسطو والان فان هناك فروعا من العلوم تحظر اوروبا على المسلمين دراستها هكذا يكون رد الجميل

- من يتابع قصص الانبياء فى القرآن يجد أن معظمهم يتم الحديث عنه بشكل مباشر مثل هود وصالح وشعيب أما الحديث عن موسى وعيسى فيأتى بتحليل الظروف والبدايات التى سبقت مجىء كل منهم ومعرفة الاحوال السياسية التى مهدت الى ابتعاثهم
فمثلا هناك شخصية لم يرد ذكرها فى أى انجيل ولكن القرآن لم يغفل عن ذكرها انها أم مريم تلك المرأة التى كانت تعيش ابان عهد هيرودوس الاكبر كانت تحلم بابن تهبه لله محررا خالصا للخدمة فى الهيكل الجديد الذى بناه هيرودوس متأثرا بالعمارة اليونانية تلحظ فى مناجاتها الى ربها أنها كانت من طرف واحد فلم يأتها وحى على طريقة الالهام الداخلى كما حدث مع أم موسى أو تحدثها الملائكة بشكل مباشر كما حدث مع ابنتها تشتم فى تلك المناجاة رحيق الاخلاص الكامل للاله ثم ترى الروع يظهر عليها حين اكتشفت أن المولود انثى وليس ذكرا ثم الاستدراك القرآنى بأن الله يعلم ما وضعت لقد كانت تلك ارادة الهية ورغم أنها ماتت بعد ذلك وكذلك زوجها وتركا تلك الطفلة اليتيمة الناشئة مريم بمفردها الا ان الرب تكفل بها رغم ان الظاهر أن زكريا عليه السلام هو الذى تحمل المسئولية " "كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا وتولت الملائكة تربيتها وتوجيهها ونصحها بأن تلزم الصحبة الطيبة " يا مريم اقنتى لربك واسجدى واركعى مع الراكعين "

- من أكثر ما كان يجذب خيالى للتساؤل والتحليق فى فضاء التاريخ هزيمة عبد الله بن الزبير رغم أنه كان الأقرب الى الشرعية كيف استطاع الحجاج أن يفعلها وينكل بالرجل وبعد تفكر وبحث كانت الاجابة فى هذا الموقف الذى حدث بينه وبين امه وقد طاف بذهنه ما كان لرأس الحسين لقد عرف الفزع منفذا الى قلبه ويبدو أنه قد ظهر عليه أمام الجنود رغم ان الامور كلها سواء... مهما تعددت الطرق و كان فى هذا الوقت قد تسلل الى الهيكل الادارى للدولة الاسلامية أنماط من شخصيات من امم أخرى كانت تنظر الى الحاكم على أنه معبود مقدس وآخرون يعملون فى جماعات سرية موتورة تريد اسقاط الدولة الصاعدة من الداخل وكانت تستخدم ابشع الوسائل فى التنكيل بالخصوم بشكل لم يعهده الصحابة أو اوائل التابعين
لقد نجح الحجاج فى الحرب النفسية ضد بن الزبير وحسم المعركة قبل البدء وكان هذا لابد أن يحدث لأن التجارب البشرية لم تكن نضجت بعد فى مرجل التاريخ ولكن الحجاج لم يحقق النجاح السياسى المأمول
لقد كان مقاتلا بارعا ولكنه كان سياسيا قمعيا وفاشيا يصاحبه الفشل والتمرد اينما حل فليس بالخوف وحده يحكم الانسان

- لو خيرت القرون أى الثياب ترتدى لاختار القرن الفائت أن يتشح بالسواد ولو كان للقرون أفواه تنطق لاكتفى القرن العشرين بالصراخ
ولو كانت تملك القرون حق الاختيار قبل المجىء لاختار القرن الماضى التنحى انه القرن الذى شهد فوران الغرب الاكبر لقد أطلق فرنسيس بيكون على نفسه لقب " نافخ البوق " حيث بشر بعصر جديد مداده المعرفة فى القرن العشرين دوى البوق فى كل الآفاق ولكن رغم كل هذا التقدم العلمى فقد أدار الغرب العالم بعقلية الامبراطورية الرومانية القديمة فقد وصف ديورانت هيردوس الاكبر بأنه مثل اوكتافيوس مؤسس الامبراطورية الرومانية "اذكياء بلا أخلاق أقوياء قادرين بلا ضمير شجعان مجردون من الشرف "
- تأسست أول جمعية سرية فى مصر عام 1911 وكان اسمها جمعية التضامن الاخوى تلتها جمعية التعاون الاخوى التى قمت بقتل بطرس غالى ثم جمعية الرابطة الاخوية
ويقول الاستاذ محمد جبريل فى كتابه مصر فى قصص ادبائها المعاصرين
"أنه بعد قتل بطرس غالى أصدر الاحتلال الانجليزى قرار بتجريم الانضمام الى الجمعيات السرية وامتد العقاب الى أقارب الناشطين سياسيا وأصدقائهم وأقام الانجليز جهاز الخدمة السرية لجمع المعلومات عن الناشطين سياسيا والذى تطور الى جهاز الالقسم السياسى وادارة الضبط وتمخض عنها ذلك الجهاز الرهيب البوليس السياسى كل ذلك بفضل الكونت الانجليزى جورست " وبعد حركة يوليو وتسليم السلطة استمرت نفس السياسة وأصبح الشعب كله تحت المراقبة

- كنت قد كتبت عام 2002 قصة بعنوان "السراب " تخيلت العالم وقد توصل الى علاج لظاهرة الشيخوخة وتأثير ذلك على الحياة المعيشية وقد خلت المساجد الا قليلا من فتية امنوا بربهم فزادهم هدى .. ولهو يتسابق نحوه الجميع والآن أتساءل هل يمكن فعلا ذلك ان تحقيق الخلود على الارض مستحيل ولكن تحسين الحالة الصحية والجسدية فى مرحلة الشيخوخة أمر ممكن ولكن البشر حاليا لا يستحقون





الأربعاء، 8 سبتمبر 2010

تهنئة بالعيد

كان جاك جان روسو يقترح تنظيم أعياد عامة فى أوروبا لتنمية الروح الجمعية ولالهاب الاحساس بالفرح والنشوة العامة بين المواطنين وتعزيز ذوبان الفرد فى المجموع ويصبح الفرد وحدة كسرية فى بناء الوطن وان كنت دوما أفضل مفردة " العضو الجسدى" فهو أكثر تعبيرا عن التلاحم بين البنيان المجتمعى .... وعن وحدة الغاية والمصير ان الاعياد عندنا تأتى بعد شعيرة روحية نتحلل فيها من مباهج الحياة الخادعة وتوحد الافراد فى الفعل والتصرف ففى الصوم مثلا نمتنع جميعا عن الطعام فى وقت واحد وننقض عليه فى وقت واحد ويطعم بعضنا بعضا انها ليست شعارات طنانة تطلق فى الفراغ انها معايشة كاملة على أرض الواقع
ونظرا لأننى مشاغب وأعشق المشاغبة حتى وانا أرسل برقيات التهنئة فان الواقع القضائى فى مصر أصبح طريفا للغاية فأى منظومة تشريعية تلك التى تأتى بهذه الاعاجيب محاميان يدافعان عن كرامتهما فيتم الزج بهما خلف أسوار السجون وشقيقة احدى الممثلات يتم ضبطها فى قضية مخدرات تحصل على البراءة
الى أين تريد أن توجهنا البوصلة القضائية
من أطرف ما كان يحدث فى القضاء ما كان يقوم به الفيلسوف الشهير فرانسيس بيكون كان يحصل على رشوة من الطرفين ثم يحكم بالعدل


نلتقى بعد العيد بمشيئة الله تعالى

الثلاثاء، 31 أغسطس 2010

أ خطاء الحضارة الغربية

من المدن الايطالية فى العصور الوسطى بدأ الوميض  الحضارة الرومانية المعاصرة توقد شعلتها انها حضارة حديثة تختلف عن ماضيها القاتم فالعقلية الرومانية فى الماضى كانت عقلية عسكرية فى الاساس لم تضف للعلم شيئا فتراجع العلم الاغريقى بشدة وتدهور تحت رايتهم
فالعلم مادة تراكمية  كل حضارة تضفى جزءا  الى سابقتها  ولكن الحقبة الرومانية كانت عقيمة الا من بعض الخطباء كشيشرون ولكن  حدث الزلزال وخرج المسلمون للعالم وانحنى العالم اليهم   فاستضاء بتنظيم اجتماعى راق  بين الاجناس دون تمييز ونهم للمعرفة لا يعرف الفتور ورغبة محمومة فى نشر الخير للبشرية جمعاء دون توقف  فكانوا هم أول من جعل العلم عالميا انه ملك لكل الخليقة
فأشعل فى الغرب  المهزوم الغيرة والرغبة فى دخول الحلبة من جديد  وتلك طبيعة النفس البشرية
وكان  الطبقة الوسطى والتى يشكلها تجار الصيارفة واصحاب المصانع فى ايطاليا بداية الشرارة
 حيث تزايدت الثروة فى ايديهم ورغبة منهم فى تحسين المنتجات ووقت الفراغ الذى نتج عن هذه الثروة دفعهم للتفكر فى المزيد
يقول ج.ج. كراوثر الكاتب الانجليزى فى كتابه قصة العلم والصادر مترجما عن مكتبة الاسرة انه حدث فى ايطاليا شىء مهم
"كان تزايد الثروة ذا أثار شتى من ضمنها أثران لهما أهمية عظمى ذلك أن أرباح التجارة والتصنيع جعلت الناس أكثر انكبابا على تحسين العمليات الفنية الاساسية لهم والثروة المتنامية أتاحت مزيدا من الفراغ للتأمل فى سائر العمليات الطبيعية والاصطناعية " اذن الرغبة والفراغ االبناء هما مفتاح أى تقدم

وانطلقت القاطرة لم يستطع أحد ايقافها انطلقت بسرعة تتزايد وتيرتها قرنا بعد آخرينظر اليها الجميع بذهول واعجاب و....انسحاق ايضا  وكان فلاسفة الثورة الفرنسية قد قاموا بوضع الاطارالاجتماعى و السياسى لهذا التشكل العالمى الجديد  أخوة عالمية لا تعرف العصبية الضيقة
ولكن كان هنالك خطآن بالغان وقعت فيهما تلك الحضارة المندفعة  بلا كوابح الاول هو اساس التنظيم الاجتماعى العالمى فالنظام العالمى  قائم على المصالح الاقتصادية المشتركة وتشابك العلاقات التجارية  المعقدة و ليس على مجموعة قيم ومبادىء أخلاقية استنادا الى مقولة البعض "انظر الى مدينة البندقية هناك يتاجر الجميع المسلم والمسيحى واليهودى الكافر هناك من لا يمتلك مالا "
 انه تعريف جديد للكفر وهذا خطأ كبير ولتنظر الادارة الامريكية الى تلك الوجوه التى تجالسها فى الامم المتحدة وجوه مسئولى الحكم فى العالم الآخر هل تعرف معنى القيم والمبادىء هل تعرف معنى تنظيم اجتماعى له رسالة حضارية انهم سارقو ثروات الشعوب

الخطأ الثانى هو عدم وجود ألية لمحاسبة السلطة الحاكمة ان أمريكا تقود العالم وتزعم أنه ملتزمة بمجموعة من القيم والمبادىء نحوه فمن الذى يحاسبها على مدى وجدية هذا الالتزام
ان الرب سبحانه لم يترك الانبياء أنفسهم دون محاسبة فهاهو نبى الله داوود والذى تحول من راعى غنم الى ملك يرسل اليه المولى خصمين تسوروا المحراب أدرك داوود أن الامر اختبار من الله له ومراقبة لأحكامه فخر راكعا وأناب وسليمان اختبر ومحمد رسول الله أتاه جبريل من السماء فى صورة رجل يجالس أصحابه يسأله عن الاسلام عن الايمان عن الاحسان لم يترك الرب الامور لأنبيائه هكذا " ولو تقول علينا بعض الاقاويل لأخذنا منه باليمين " اذن فما وقعت فيه الحضارة الغربية من أخطاء هو ان التنظيم الاجتماعى بين دول العالم القائم على المصلحة الاقتصادية التى ان انتفت انهارت معها اركانه والثانى أنه وضعت نفسها فوق المساءلة
ان السلطة الحاكمة التى تضع نفسها فوق المساءلة القضائية انما تنقش بأصابعها أسطر النهاية

ان السلطة القضائية فى أى دولة وهذا هو الخطأ الذى تم عبر التاريخ يجب أن تنقسم الى مؤسستين احداهما تفصل فى النزاع بين المواطنين فى المجتمع والثانية تفصل فى النزاع بين المواطنين والسلطة الحاكمة يجب أن تكون مؤسسة مستقلة بذاتها لا تكون القضايا بين المواطنين والدولة حالات فردية تقدم على سبيل الدعاية فى الغرب ولا تترك هكذا الامور كما حدث عبر التاريخ تبعا لأخلاقيات السلطة كما فى الخلافة الراشدة أوالحالة المزاجية للحاكم فى الصباح الباكرفى الانظمة الجائرة بل مؤسسة ذات كيان واضح لترسخ فكرة الحق لدى الرعية ولدى نفوس الاجيال الناشئة
 فلكل فرد حقوق يجب ان يعرفها ويدافع عنها وألا تتعرض للاهمال والتآكل عبر الزمن  
ولنوضح فكرة الحق قليلا كما يقول برنار غروتويزن فى كتابه فلسفة الثورة الفرنسية "اننى أعيش وأتنقل هنا وهناك وأتغذى وأتحدث وأبرم عقودا مع أناس آخرين ان هذا كله مشروع ولعمرى لا أشعر لدى كل تصرف من هذه التصرفات بأنى أمارس حقا ولكن ما ان يخطر ببال أحد أن حقى قد هضم حتى أشعر بحقى الطبيعى فى الحرية فان كان من حقى أن أعيش وأن أتكلم وأن أتغذى فليس ذلك بمقتضى قانون ما ان للحق المكان الاول وأما القانون فيأتى بعده "
اذن فالحق يأتى قبل القانون  وما وضعت القوانين الا لحماية الحقوق وليس للتعدى عليها


-










الاثنين، 23 أغسطس 2010

تجديد الخطاب الدينى

يرى روسو فى كتابه :العقد الاجتماعى أن منظومة الاخلاق المسيحية غير مناسبة لتكوين الدولة وذلك لو أن المسيحى أخذ عقيدته على محمل الجد فانه لن يقيم هما للدنيا ولن تكون لها عنده وزنا يذكر فالآخرة هى جل هدفه وهو بذلك يكون مواطنا ضعيفا ومثل هذا المسيحى يكون جنديا وسطا فهو لا يقاتل الا دفاعا عن وطنه واذا فعل يكون تحت اكراه واشراف مستمرين وهو لا يشن الحرب دفاعا عن الدولة لأن له وطنا واجدا هو الكنيسة والمسيحية تبشر بالعبودية والتبعية الطيعة ومن ثم فان روحها مواتية للاستبداد ويرحب الطغاة دوما بالتعاون معها ان المسيحيين الحقيقيين -والكلام لروسو- خلقوا كى يكونوا عبيدا ولكن الدولة فى حاجة الى الدين ولا بد من وجود دين تفرضه الدولة على مواطنيها بوجود اله قوى قادر ويعذب فى الاخرة ويهب السعادة للطيبين
وبذلك يكون روسو قد خالف كل الفلاسفة الذين هاجموا العقيدة المسيحية انه لا يرى بأسا من الايمان بأى دين ولكنه هاجم منظومة الاخلاق التى ترسخ لمخالب الحكم القاسى الذى لا يعرف للعدل سبيلا وتكون أداة مريحة للتسلط على البشر دون محاسبة
ولكن منظومة الاخلاق الاسلامية الوضع فيه ليس هكذا تماما فمنظومة الاخلاق الاسلامية تدور حول محورين لا ثالث لهما الاول مرتبط بالتنظيم الاجتماعى
والذى يضع الاساس المتين للعلاقات بين الافراد لا يؤمن أحدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه علاقة الجار بجاره حق المسلم على أخوته المحور الثانى فى هذه المنظومة الاخلاقية علاقة هذا التنظيم الاجتماعى برأس السلطة فهى ليست سلطة تحوطها هالة مقدسة فقد انتهى الوحى واكتمل الامر ولم يعد هناك جديد لذلك فهى علاقة مشروطة السمع والطاعة يكون فقط فى المعروف فاذا كان الامر ليس كذلك انفرط عقد الطاعة قد يحدث تنازل عن التجاوز فى حق الفرد من أجل المصلحة الجمعية رغم وجوب وجود منظومة قضائية تعيد الحق لمن وقع فى حقه هذا التجاوز ولكن حين يكون الامر الصادر من رأس السلطة مخالفا للتعاليم التشريعية المستقلة المنزلة فلا يكون هنالك سمع ولا طاعة ويجب على التنظيم الاجتماعى عدم التعاون مع السلطة فى هذا الامر ان قوله لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق هو ميثاق الحرية الاوفى
ودرة العقد الاجتماعى الاسلامى المتلألئة
ولكن نظم الحكم المتسلطة بدلا من السعى الحثيث نحو العدالة والاستجابة للارادة الجمعية اذا بها تأتى مسلكا آخر فقامت ببث الانقسامات بين الافراد واثارةلهيب الفرقة بين التنظيم الاجتماعى و تنغيص التوافق الاسرى حتى تمنح لاقدامها موطئا تستند عليه
وعلى ذلك فان المنظومة الاخلاقية الاسلامية تطالب بالتصدى لحياة الاستبداد الكئيبة التى تقتل البهجة فى الحياة وتحيل حياة البشر الى مرار أينما تولى وجهك تتجرعه وتأمر بعدم الرضوخ لأنياب الظلم الجارحة ولا تقبل التكيف والتوافق معها بل تضع اطارا يحدد كيفية مواجهتها بشموخ لا يعرف التردد ان أحد أسباب الفتوحات الاسلامية هى تحرير البشر من قيود العبوديةالتى رسختها النظم الحاكمة وسلطان الجور والانتقال الى خانة الاحرار تلك الانظمة التى أحاطت نفسها باكليل مقدس حتى تضمن لنفسها الطاعة والاستمرارية ان أى نظام حكم يسود العالم ولا يحقق العدالة سيدخل حتما فى صراع مع منظومة الاخلاق الاسلامية التحررية

ان الخطاب الدينى فى حاجة الى التجديد بحيث يبصر المواطنين بحقوقهم لدى السلطة التى كفلها لهم الشرع وليس بالتركيز على مفاهيم منقوصة وغير صحيحة فالتسامح لا يكون الا عن قوة والعفو لا يكون الا بعد المقدرة اما عدا ذلك فهو عجز ممقوت ذل ومسكنة رفضهما الاسلام وأيقظ فى الجموع شعلة التحرر وتحمل العواقب الناتجة عنها لم يجعل الرضا بالهوان صبرا با الصبر أن تتحمل تجاوزات السلطة الجائرة لقد جعلوا القوة مرادفا لسوء الاخلاق فالرسول فى الفترة المكية كان مستضعفا ولكنه كان يملك قوة الكلمة التى تفرق بين الطريق الاصوب والطريق الخاطىء طريق الارتقاء الى نور السماء وطريق التردى والانحدار نحو المجهول رفض الحلول الوسط أوضح الحقيقة جلية بلا ذرة شائبة وابى أن يسمح للامور أن تختلط وللحقيقة أن تتلوث ان الحقيقة الملوثة أخطر من الباطل الصريح
لقد أطلقها روسو صيحة جريئة فى الفصل الاول من كتابه العقد الاجتماعى "ولد الانسان حرا وهو فى كل مكان مكبل بالأغلال " ولكن الاسلام يا روسو جاء ليرفعها عنه

الاثنين، 9 أغسطس 2010

قطرات من رحيق المعرفة


- كان جامعو الضرائب الرومان ودائما يتميزون بالجشع الشديد وكانوا يثقلون كواهل الرعية بما لايطاق حتى أوشك لهيب الجوع الحارق على الصراخ فى الولايات اجمعها فأرسل الامبراطور تيبريوس رسالته الشهيرة الى عامله على مصر ايميلوس لتكون تعبيرا صادقا لا يعرف الكذب عن هذا الوضع البائس "اريدك أن تجز غنمى لا أن تسلخها "

- لا أدرى لماذا يثير حديث الذبابة كل هذه الضجة فلو أدرك المتجادلون تفاصيل الحياة اليومية للعرب وقتها لفهموا دون تلك الترهات اللفظية تخيل معى أن امرأة قامت بحلب ناقتها فى اناء والذى يمثل لها هذا الحليب طعامها الاوحد الذى تقتات منه وأطفالها أو رأسمالها الذى تبيعه فى السوق ثم وقعت فيه ذبابة ترى هل تسكبه وتطرحه أرضا ويضيع جهدها وطعام أولادها أم تبحث عن حل آخر لم تكن قارورة باستير قد ظهرت بعد ..تخيل أن جارية ذهبت الى البئر فى بيئة صحراوية الماء فيها شحيح وقد كان يباع أيضا ووفى أثناء عودتها باناء يحمل الماء وقعت فيه ذبابة أتلقى به هكذا سهلا يسيرا وتعود الى البئر من جديد أم تفعل كما أمرها نبى الاسلام بل دعنى أتجاوز متاريس الاحداث وأقفز بك الى عالمنا المضطرب لو أن موظفا قد أثابته لوثة فى عقله ومر فى طريق عودته واشترى كيلو من اللحم بعد ان افتقده الجزار فترة طويلة ودخل المنزل وسط أغاريد الزوجة وصراخ الاطفال المشبع بالبهجة وقامت تلك المبهورة بتقطيع اللحم ووضعه فى اناء ولكن وقع فيه ومرقه ذبابة ترى أتلقى به سيلقى بها زوجها من أقرب نافذة ان الامور ليست كما يراها المتعالون بل دعنى أتجاوز حدود اللياقة قليلا لو أن أحد المنتقدين جاءته زجاجة خمر من اوروبا من النوع الفاخر الذى يأتى بتوصية خاصة ثم تجمعمعه الاصدقاء فى جلسة مرح عابث وبعد أن قام بفتحها سبقتهم اليها ذبابة حاقدة ورشفت رشفة ولم تستطع أن تقاوم فسقطت المسكينة هل سيلقون بالزجاجة الفاخرة هكذا أم سيتظاهرون بأن شيئا لم يحدث انها فرصة قد لا تتكرر

-نأتى الى حديث آخر وهو الخاص بارضاع الكبير لقد كان يجرى فى المدينة فى تلك البقعة الرائعة فى عشر سنوات أكبر عملية تشريعية فى التاريخ حيث يتم تغيير روح المجتمع وصبغه بصبغة أخرىيتم بناء مجتمع ودولة على روابط جديدة وتشريعات لم يعتادوا عليها فكان الغاء التبنى والمعروف أنه فى أى قانون صادر أن يكون هناك ما يعرف بالاوضاع القديمة التى تخضع لما يعرف بتوفيق الاوضاع لطى صفحة الماضى تماما فمثلا لو أصدرت الحكومة قرارا بمنع البناء على الاراضى الزراعية وكانت هناك بناءات قديمة قد تمت بالفعل فكيف يكون التصرف حيالها يكون ما يعرف بتوفيق الاوضاع فاذا كانت بنايات كثيرة يتم التصالح مع الحكومة ودفع الغرامات المالية المقدرة أما اذا كانت قليلة تقوم الحكومة بهدمها وتعويض الاهالى وهذا ما حدث فى حالة سالم مولى حذيفة انه أحد الاوضاع القديمة القائمة الذى أعطى رخصة لغلق هذا الملف تماما ملف التبنى ولا أعرف من هؤلاء المسرفون المتلاعبون الذين توسعوا في الامر حتى يشمل الموظفين والخدم

- عند افتتاح قناة السويس فى مصر عام 1869 حدث فى مصر مشهدين لهما دلالة بالغة على اختلاف منظومة الحكم بين الشرق والغرب هذا وان كان نظام الحم فى الشرق وقتها هو افراز الحملة الفرنسية على مصر التى رسخت الدفاع عن مصالح فرنسا وليذهب أصحاب الارض الى الجحيم فالامبراطورة أوجينى استقلت قطارا خاصا مع الخديوى اسماعيل الى القاهرة ولم تتوقف فى الاسكندرية هنالك ثارت الجالية الفرنسية هناك وخرجت صحيفة لو بروجريه اجيبسيان تقول "انا السياسشة التى أغلقت مدافع البهجة وهى التى أطفأت الفوانيس كم من المهات قمن بتلبيس بناتهن الصغيرات وكم من النساء قمن بتجربة انحناءات التقدير أمام المرآة وكم من الرجال قاموا بتجريب ملابسهم وأربطة أعناقهم " بعد ثلاثة أسابيع من الزيارة قامت المبراطورة باصلاح الخطأ وتوجهت الى الاسكندرية المشهد الثانى طلبت الامبراطورة من الخديوى أن ترى حفل زفاف مصرى فأجابها "يا لها من مصادفة سعيدة يا صاحبة الجلالة يقام الليلة بالتحديد حفل عرس فى القصر وسرعان ما استأذن الامبراطورة فى الانصراف واستدعى موظف شاب فى القصر وقال له "انت ستتزوج هذا المساء " بل هناك رواية يرويها بجدية المقربون من القصر الخديوى "هل تعرف لماذا فى شارعه الهرمك المقام بمناسبة الافتتاح انعطاف شديد فى مكان معين ذلك لأن اسماعيل الذى سيجلس بجوار الامبراطورة يتمنى رؤيتها وهى تتأرجح بين ذراعيه " روبير سوليه كتاب مصر ولع فرنسى " يبدو أن مصالح البلاد يجب أن تكون موظفة جيدا لتدليل الحاكم وزواره

- نظرا لأن المولى سبحانه وتعالى له القوة المطلقة فهو لا يخشى سيئا لا يخاف عاقبة شىء وتبعات أى أمر "فسواها ولا يخاف عقباها " ولكن نظرا لأنه كذلك فهو لا يؤاخذ الناس بما كسبوا ولا يعجل لهم العذاب بل يمهلهم وينذرهم "ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك علي ظهرها من دابة "
يقولون فى السياسة عندما يزول الخطر تتصدع الاحلاف وأنا أقول وعندما يتزايد الخطر أيضا تتصدع الاحلاف وتتقطع الروابط ويتبرأ الجميع من الجميع فالخطر محدق يحاصر الكل ويصبح الذين يناصر بعضهم بعضا تحت راية الباطل يتنكرون لبعضهم تحت قوة الحق ألم تقرأ قوله تعالى "ولو يرى الذين ظلموا اذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب اذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب "
- عزيزى القارىء أستأذنك فى العودة الى اجازتى والعودة فى منتصف أكتوبر بمشيئة الله تعالى

الأربعاء، 4 أغسطس 2010

الطبيعة الانسانية

فى فصل بعنوان "روسو غريب بين البشر" يقول برنار غروتويزن فى كتابه "فلسفة الثورة الفرنسية "
عارضا أفكار جاك جان روسو
" يجب أن نبحث عن الانسان الطبيعى فى التى كان عليها تركيبه الاصلى لنتخيله قبل أن يدخل فى الحالة الاجتماعية لقد كان يحب نفسه لأن عليه أن يعنى ببقائه فالشعور المهيمن عليه هو الحب فهو ليس الا دماثة ولطف ولم تتسرب المشاعر الحاقدة الا فيما بعد فهى ليست دزءا من طبيعته ولا من روحه ولم ينحوا حبه لنفسه الى أنانية الا عندما بدأ يقارن نفسه بالآخرين ويرى فيهم مزاحمين له والا عغندما كان عاجزا عن تقييم نفسه الا بالقياس على الآخرين عندئذ أصبح الاهواء الدنيئة مسيطرة عليه بمحاولته التعالى على الآخرين واستولى عليه الحقد وسوء النية فدفع بالانسان الى أن يدعى لنفسه شأنا أكبر من شأن أى انسان آخر أما الانسان الطبيعى فهو على خلاف ذلك "
هل فعلا الانسان على شاكلته الاولى ذا طبيعة سوية وجوهر شفاف ولا تتسرب اليه الطباع السلبية الا بعد الاحتكاك بالآخرين والالتقاء بهم فى دهاليز الحياة أما أن هناك طباعا سيئة
هى حقا من تركيبته
عندما تسمع لفظ الانسان فى القرآن فاعلم أنه يتحدث عن الطبيعة الانسانية فى تركيبها الاصلى وحالتها الحقيقية فعندما يقول سبحانه وتعالى " خلق الانسان من عجل " فهذا يعنى أن الطبيعة الانسانية تميل الى التعجل فى الوصول الى النتائج وقطف الثمار وعدم الصبر على وعورة الطريق و مرارة الانتظار ويكون المحبذ عندها هو نقيض تلك الصفة وهو التأنى وعندما يقول سبحانه "وكان الانسان أكثر شىء جدلا " فان ذلك يقتضى كون الانسان يعشق الجدال والقيل والقال ولكن كما يقول ديورانت " الحقيقة تشوهها حدة الجدل " فعندما يندرج الحوار الى مستوى حاد وألفاظ نابية وأساليب متدنية فعليك الانسحاب فورا خاصة أن الكثير منهم لا يستحق الالتفات اليه

ومن الطباع السلبية للانسان نكران النعمة والتمرد على صاحبها فاذا أنعمنا على الانسان أعرض ونئا بجانبه فكم من شخص قد تحسن اليه ثم بعد أن يتقلب فى جنبات النعم والشعور بالراحة يجحد بهذا الاحسان بلا أى ندم أو خاطرة تأنيب ان لاعب النادى الذى يضع شروطا قاسية للتوقيع كانت أمنيته الكبرى فى الماضى أن يصافح مدرب الفريق لذلك كان القول القرآنى " ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة " فيذكرهم بحالهم وقتها حتى لا يسكر النصر العقول وعندما تنزل بالانسان نازلة موجعة أو يطارده خطب فانه يلجأ الى التزلف والتودد بكافة السبل ويطرق كل الابواب المتاحة ثم اذا نكشفت وتلاشى تأثيرها مر كأن لم يكن قد ألم به شىء فاذا مس الانسان الضر يدعو ربه قائما وقاعدا وفى كل موضع وشكل فاذا مضى مضت معه هذه الحالة الاستثنائية
ومن الطباع السلبية للانسان التفاخر والتعالى على المحيطين "وتفاخر بينكم فى الاموال والاولاد "

وكذلك الهلع والجزع والشح فالطبيعة الانسانية تميل الى الحرص على المال وعدم التفريط فيه ومساعدة المحيطين الذين تجلدهم الحاجة بلا ترفق " ان الانسان خلق هلوعا اذا مسه الشر جزوعا واذا مسه الخير منوعا " وعندما يسلك الانسان فى حياته طريقا مخالف لتلك الطباع السلبية فانه يشعر بالنشوة الروحية ولذة نقية صافية وهذا هو ما شعر به روسو حين رفض المنتديات الباريسية التى تعنى بالمظاهر الفخمة الى حد كبير فشعر بنشوة ظنها تلك الطبيعة الانسانية الاصلية ولكن فى الواقع تصرفه هذا كان مخالفا لتلك الطبيعة فشعر بتلك النشوة

اذن فالطبيعة الانسانية المجردة بلا تأثير من عوامل بيئية أو اجتماعية أو ثقافية تتكون من ..فطرة تعتقد بوجود معبود وخالق.... وغريزة جنسية مرتبطة باللذة والتكاثر.... وجملة من الطباع السلبية المرذولة

انها ذلك القالب الذى تم قولبة كل البشر عليه وهو يشبه نقطة البدء فى سباقات العدو انها نقطة بدء واحدة وبعد ذلك تراكم التصرفات والافعال يزيد من قيمة تلك الطبيعة أو ينتقص منها يعلى من شأنها أو يهوى بها بلا شفقة
ان الطبيعة الانسانية فى حد ذاتها ليست قيمة ولكن لها دلالة فعندما ترى مخلوقا اسمه الانسان وسط المخلوقات الاخرى فهذا يعنى أنه الوحيد الذى يملك حرية الاختيار وتحديد الطريق الذى يرتضى الخوض فيه اما الخير واما الشر اما شاكرا واما كفورا
ان الطبيعة الانسانية تعنى حرية الاختيار
ولكننى أعود وأتفق مع روسو فى نقطة وأخالفه فى أخرى فهو عندما اقترح الاطار السياسى الذى تعيش فيه الانسانية اقترح نظاما " يضع القانون فوق الناس لأنه بمجرد أن يكون القانون خاضعا للناس ورغباتهم فلن يبقى الا عبيد وأسياد والدولة نفسها تتفكك ويضل شر القوانين خيرا من أفضل الاسياد ولكن عندما يسود القانون وحده فكلهم يطيعون ولا يبقى شخص يأمر حينذاك يكون الشعب حرا انه يطيع ولكنه لا يخدم أحدا انه يطيع القانون ولا شىء سوى القانون ولكن من سيسن القانون من الذى سيشرع انه لا يمكن أنت يكون شخصا واحدا لانه سيضع الشعب كله تحت سيطرة فرد قد تتعارض مصالحه الشخصية مع مصلحة المجموع

لكن تشريع القوانين يكون بواسطة الشعب كله " فقد كان روسو يرفض المجالس النيابية لسهولة شرائهم ولكن وهنا نقطة الخلاف ان الاغلبية قد يتم خداعها بسهولة من خلال أكاذيب أو بث اشاعات خاصة أنهم ألاكثرية أقل علما وثقافة فلا بد أن تكون المنظومة التشريعية من قوة ذات حكمة مطلقة وعلم مطلق لا تتبع الاهواء
ان وجود منظومة تشريعية مستقلة يخضع لها الجميع بلا تمييز هذه هى الغاية السليمة وحق الانسانية الاعظم

الأربعاء، 28 يوليو 2010

قراءة فى ملف حركة يوليو

فى التاسعة صباح يوم السبت التاسع من أغسطس عام 1941 فى خليج بلاسنتينا فى جزيرة نيوفونلاند كان هذا اللقاء الفارق بين الرئيس الامريكى روزفلت ورئيس الوزراء البريطانى ونستون تشرشل لوضع مبادىء العمل المشترك وفى اليوم التالى يوم الاحد وفى قداس دينى مهيب كان القس الامريكى والبريطانى يتلوان الصلوت وينشدان التراتيل وتشرشل وروزفلت فى حالة خشوع كان نشيد الى الامام يا جند المسيحية يحرك المشاعر ويلهبها واختتم القداس بقولهم "يا رب يا مجيرنا فى الايام السالفة ...."
ثم بعد ذلك خرج الاتفاق المشترك على أن تنال شعوب العالم حق تقرير المصير وألا تلجأ الى استخدام القوة لتحقيق دوافع واقعية أو روحية والذى ظهر بعد ذلك فى اطار مؤسسى هو الامم المتحدة
وفى نوفمبر عام 1943 كانت دفة الحرب كلية قد تغيرت بعد معركة العلمين وبات نصر الحلفاء قريبا حدث اجتماع آخر فى فندق مينا هاوس بالقاهرة كما يحكى روبير سوليه فى كتابه مصر ولع فرنسى الصادر عن مكتبة الاسرة انه فى اليوم الثالث وقف روزفلت وتشرشل وأطلا من نافذة فندق مينا هاوس بالقاهرة ليجدا مفاجآة الاعلام الفرنسية ترفرف فوق الاهرام ويقول سوليه ان فدائيين مجهولين قاموا بتعليقها وما زالوا مجهولين

بغض النظر عن اؤلئك المجهولين المعروفين فان الامر يعنى ببساطة انتصار قيم الثورة الفرنسية على قيم النازية وكان اعلان النصر من فوق الاهرامات المصرية ذات التاريخ العريق والاثر الروحى عند الغرب

لقد استفر فى العقل الغربى أنه بعد اندحار النازية أن تعطى شعوب العالم حق تقرير المصير وتسود قيم الغرب العالم ويشاع السلام فى كل أرجاء المعمورة وخرجت الامم المتحدة تجمع تلك الممالك وفق تلك القيم
ويتم تسليم السلطة فى المستعمرات لأنظمة تشيع تلك القيم فلا أريد لاحد أن يزعم بوجود ثورة أوحركات تحرر مباركة فكل هذا طبل فارغ ودعاوى كاذبة ولكن هل الغرب أعطى الشعوب فعلا حق تقرير المصير
وهل أشاعت هذه الانظمة تلك القيم حتى وان اختلفت على سبل تحقيقها
لاحظ انه كان هناك اجتماع لمحمد نجيب مع السفيرين الانجليزى والمريكى فى مارس 1952قبل أحداث يوليو بأربعة أشهر وكالعادة لا ندرى ماذا دار فى هذا الاجتماع الذى تمخضت عنه حركة الجيش فى يوليو
ان اشكالية محمد نجيب الحقيقية أنه صدق دعاوى الغرب عن نظم الحكم وارساء قيم العدالة ونسى هذا الحالم أن الشعارات شىء والممارسة شىء آخر وعندما تدير ظهرك للكاميرات عليك أن تغير القناع انهم يسمون اولئك القوم الذين يقومون بهذا التدليس البشع "رجال السياسة " ولا أدرى على أى الكلمتين أتحفظ
لذلك عندما أراد نجيب للجيش أن يعود و أن يعطى الشعب فعلا حق تقرير المصير ويتنسم نسائم الحرية الغائبة أعفى من منصبه ان الغرب كله مدين بالاعتذار لهذا الرجل
لنر ماذا يقول سوليه عن حركة يوليو "فى السابعة من صباح 23 يوليو أعلن شخص يدعى أنور السادات أن ضباطا مصريين استولوا على الحكم "واننى حريص بشكل خاص على طمأنة الاخوة الاجانب بأن الجيش يعتبر نفسه مسئولا مسئولية كاملة عن أمن أشخاصهم وممتلكاتهم ومصالحهم "
ثم يجدثنا أن فرنسا كانت غائبة عن هذا المشهد فذوى الثقافة الفرنكفونية من هؤلاء الضباط يعدون على أصابع اليد ثروت عكاشة وعلى صبرى وحسين صبرى ثم يقول " ويشيع أجواء من الطمأنينة عند الفرنسيين والاجانب وجود رجل طيب مثل محمد نجيب وزياراته المتكررة للكنائس وتصريحاته الكاشفة عن التسامح وقد نجح فى الغاء الرقابة والقانون العرفى قبا بضعة أسابيع من اعفائه فى نوفمبر 1954 وعتدما تولى السلطة جمال عبد الناصر كان المتفائلون يجدون ما يطمئنهم ألا يقوم عبد الناصر بمقاومة الاخوان المسلمين وحظر حركتهم وقبض عليهم بالجملة "
اننا اذا كنا نريد الحقيقة فلا بد أن نكون صادقين مع أنفسنا ونتساءل بجسارة لا تحتمل التراجع هل تنظيم الضباط الاحرار كان حركة فكرية أم مجرد حركة عسكرية قامت بالاستيلاء على السلطة بالتوافق مع الانجليز وقامت بالتنكيل بكل تيارات الشعب ومؤسسات الدولة
لقد كان عبد الناصر ورفاقه يديرون مصر وكأنها ثكنة من ثكنات الجيش على الجميع أن يذعن دون تفكير لأن حماقة المعارضة ذات فاتورة باهظة وعواقب ملتهبة لذلك أعجبنى للغاية ما أورده جورج كورم ونقله عنه سوليه بأن الناصرية فقط ظاهرة صوتية وليست أيديولوجية قائمة بذاتها حيث يقول "يجسد عبد الناصر جسارة عامة شعب القاهرة الذى يعانى فى فقره وعزلته من زهو وبذخ أؤلئك الباشاوات المنتمين للبرجوازية الكبيرة ويشعر بارتياح شديد فى مواجهة المستعمر ويقتسمون معه السلطة والثروة ففى صوت هذا الخطيب منقطع النظير يرى الشعب نفسه كأنه يتحدث ليست الناصرية عقيدة سياسية لا فلسفة اجتماعية انها بكل بساطة هذه الطريقة فى التعبير حيث يقوم قيصر صغير قليل الخبرة ومنحدر من شعب حائر ثقافيا بالتفكير بصوت عال أمام عامة الشعب باللغة الاكثر بساطة "
ان كل ما فعله تنظيم الضباط الاحرار هو اشاعة أساليب البطش والقمع فى المنطقة والتى يدفع ثمنها الآن كل العالم

الاثنين، 19 يوليو 2010

يا أهل الغرب هذا هو النبى محمد


نظرا لأننا نعيش أجواء روحانية متشبعة بنسمات شهر شعبان ومفعمة بالهدوء والسكينة نعيد نشر هذا المقال عن نبى الاسلام محمد رسول الله
من حين لاخر تخرج الالة الاعلامية الغربية المجحفة تتبعها ابواق الضلال لتنال من شخص نبى الاسلام محمد بلا عقل او معرفة تحركها احقاد دفينة ونار غيظ لم تهدأ يوما فمن انت يا محمدلنبحر سويا فى ثنايا شخص محمد صلى الله عليه وسلم الذى يقض مضاجع الغرب ويهدد عروشهم الهشة والذى كان مبعثه لحظة فارقة فى تاريخ البشرفعندما اتأمل شخصية نبى الاسلام وتعامله مع العوام وتحمله لتجاوزاتهم وشطحاتهم واختلاف مستوى العقول بينهم لا املك الا ان اعترف بارتقاء شخصية الانبياء عن باقى بنى البشر رغم انهم مثلهم بشر وكنت اسأل نفسى دوما - ومن حقى ان اسأل لمعرفة الحكمة لا العلة - لماذا يا رب اخترت محمدا عليه السلام دون غيره من ابناء ادم لحمل تلك الرسالة الالهية لماذا اصطفيته هو ليكون سيد الخلق حاملا خاتم النبوة وعهد السماء الاخير الى اهل الارض فاذا بمواقفه عليه السلام ترد على بكل قوة .. لماذا كان محمد ؟
فالتعامل مع عوام البشر من اصعب المهام و التجاوب مع طبائع بنى الانسان اشق مهمة من تسلق نتوءات الجبال يأتيه رجل ويجذبه من ثوبه يقول يا محمد اعطنى فانك لا تعطنى من ما ل ابيك لو فعلها واحد مع احدنا هذه الايام لكانت فرصة سانحة ليخرج ما حفظته جعبتنه من احط الالفاظ ومشاجرة عنيفة تنقلها ذرات الهواء الى اسماع البشر ولكنه صلى الله عليه وسلم يحتوى الرجل بالرحمة والرفق ويجزل له العطاء , يعلم الناس ان الله قد كتب عليهم الحج ليحجوا فيسأله احد الجالسين افى كل عام يا رسول الله فيسكت النبى لعل الرجل يقلع ولكنه يستمر موغلا فى الحاحه أفى كل عام يا رسول الله ؟ فيسكت النبى و الرجل ماض , افى كل عام يا رسول الله فيقول له لو قلت نعم لوجبت ذرونى ما تركتكم , يريد الا يحمل النفوس فوق طاقتها ولكن النفوس تأبى الا المجادلة , يحدثهم عن سبعين الفا من امته سيدخلون الجنة بلا حساب فيقول عكاشة انا منهم يا رسول الله فيقره , يسأله اخر وانا يا رسول الله فيجيب اجابة عبقرية فلو قال نعم لفتح الباب على مصراعيه ولو قال لا لتضايق الرجل ولكن حكمته عليه السلام تجعله يقول سبقك بها عكاشة ... فمن انت يا محمد ؟ يمضى نحو الطائف يدعو الناس يريد ان يحررهم من معبودات الارض واغواء الشيطان وخرافات البشر فيجرؤون عليه سفهاءهم ليقذفوه بما تطوله ايديهم بلا وخزة ضمير فاذا به يدعو لهم , بل اكثر من ذلك لم يناشد ربه لم لم تمنعنى من البداية يا رب - وانت تعلم الغيب - حتى لا اواجه اولئك الحمقى والجهلاء ولكنه يتوجه اليه طالبا منه الصفح والمغفرة .... وينبغى هنا ان نشير الى نقطة هامة وهى ان الرسول عاد مرة اخرى الى الطائف بعد تسع سنوات وفتحها عنوة فالذى خرج منها يتقاذفه السفهاء بالحجارة عاد ومعه الاف المقاتلين محملين بالسيوف تماما كما فعل موسى عليه السلام فالذى خرج من مصر خائفا يترقب عاد اليها بعصا تلقف ما صنعوا انما صنعوا كيد ساحر وابدا لا يفلح الساحر حيث اتى كما ينبغى ان نشير انه فى لحظات الاستضعاف يجب ان تكون ثابتا راسخا على مبادئك حتى تنا ل تعاطف الجماهير اما فى حالة القوة ينبغى ان تكون عادلا لتحصل على نفس التعاطف ونشير ايضا ان استضعاف الرسول لم يمنعه من ان ينتقد المؤسسة الحاكمة فى مكة وان يكون قاسيا فى وصفها
اى رجل انت يامحمد ؟وعندما اتأمل حال الفلاسفة وما اتى بهم عقلهم الضعيف وفكرهم المظلم عن الحياة والكون والخلق تفيض العيون من الدمع الحمد لله ان بعث محمدا فتجد ان مالبرانش استاذ الفلسفة الجبرية يقول { ان الله هو الطاقة الكلية للكون وهو القوة الوحيدة وكل ما يتحرك ويفكر انما يفعل هذا لأن القوة الالهية تعمل من خلال العمليات البدنية او العقلية والحركة هى الله فى أشكال مادية والتفكير هو الله يفكر بداخلنا } اى انه يؤسس للحلول والاتحاد وبرأ الانسان من حمل الاوزار انه خلاص على الطريقة الكاثوليكية ولكنه بعيون الفلاسفة وجاء سبينوزا ورفاقه من بعده يؤسسون لاحلال ماكينة العالم محل العناية الالهية وجعلوا الله هو الطبيعة والطبيعة هى الله و استدعى اخرون نظريات ازلية المادة والية الكون وان الكون يسير الان بمفرده ضمن قوانين ارتضتها له الطبيعة ظلمات بعضها فوق بعض اذا أخرج يده لم يكد يراها ولكنهم لم يوضحوا لنا كيف تسيطر الطبيعة على الكون وكيف لتلك السيطرة ان تستمر؟ ان الالة التى يخلقها الانسان بيديه كثيرا ما يفقد السيطرة عليها وتتمرد على قوانينه ولكن لماذا الشمس اليوم تشرق فى نفس التوقيت الذى اشرقت فيه من الف عام من الفى عام دون اختلاف فمن الذى يحكم تلك السيطرة بلا خلل وكيف جعلت للشتاء محاصيل تختلف فى مكوناتها وفوائدها عن محاصيل الصيف ؟ بل لماذا لا يعجل الصيف يوما موعد مجيئه كلعبة تفاجئنا بها الطبيعة بدلا من هذا الروتين الممل وهل الزلازل والاعاصير لهو من الطبيعة مع بنى البشرولكننا فى هذه الظلم ينبلج لنا النور فنجد فى ايات القران المنزلة ما يهدم كل تلك الهرطقات العبثية فى اية واحدة , اية واحدة تمحو من العقل خرافات الفلاسفة { الله خالق كل شىء وهو على كل شىء وكيل } فالله خالق كل شىء تنفى ازلية المادة , وهو على كل شىء وكيل تنفى ان الكون يسير بطريقة الية بل يد الله تقوم عليه فى كل لحظة فلا يختل...... اى اعجاز هذا يا رب الحمد لله ان بعثك بالقران يا محمد
وعندما نتأمل تلك المعركة التى نشأت بين الفلاسفة حول الطفل حين يولد هل لديه قدر من المعرفة ام لا ورأى سقراط فى انه يولد عارفا ونظريته المعروفة { التوليد } حيث يقوم بتوليد المعانى من الشخص الذى امامه من خلال طرح الاسئلة عليه فيقول سقراط " ان المعرفة فطرية فى النفس وان مهمة المعلم تتلخص فى مساعدة الاخر على استخراج الكامن عنده وليس فى اضافة شىء جديد " ... وهذا محض هراء ,كما رأى فلاسفة الثورة الفرنسية ان عقل الانسان يولد خاليا من اى معرفة او مفاهيم وانه يولد صفحة بيضاء خالية من اى رسم او نقش وان اشياء الكون الموجودة فى عقل الانسان انما هو نابع من تصوره لها من خلال الحواس وليست بالضرورة حقيقة وجودها وطبيعتهاوهذا صحيح نوعا ما وليس بالكلية لذلك كان نعيم الجنة الموصوف لنا تقريبا وليس تحديدا ولكنهم لم يوضحوا لنا كيف ينشأ الوجدان والانفعال البشرىولكن ماذا يقول القران الذى نزل على محمد يوضح القرأن الكريم ان الطفل يولد لا يعلم شيئا بل هو صفحة بيضاء تماما ثم من خلال حاستى السمع والبصر يبدأ فى تلقى المعلومات عن هذا الكون الفسيح وحاستى السمع والبصر محدودة بقياسات معينة لذلك كانت المعرفة البشرية محدودة بتلك القياسات فأعظم البشر فينا بصرا لا يرى اشعة اكس واعظم البشر فينا سمعا لا يسمع الموجات الفوق صوتية كما أشار القرأن الى شىء اخر خلقه الله للانسان وهو الفؤاد وهو الوجدان او مستودع الانفعالات والمشاعر { وهو الذى أخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والابصار والافئدة } اذن فالفؤاد هو مستودع الانفعالات والعواطف البشرية فترى الطفل يحزن ويبتسم يبكى ويضحك ويشعر بفقدان امه وهنا يبرز السؤال الاهم لاولئك الفلاسفة هل الطبيعة لديها احساس ام مجرد الة صماء جامدة فان قالوا انها الة صماء فكيف خلقت العواطف والانفعالات لبنى البشر ففاقد الشىء لا يعطيه فان قالوا انها تغضب وترضى اذن فابحثوا عما يغضبها واجتنبوه وابحثوا عما يرضيها وافعلوهوالفؤاد يتأثر بما يسمع وبما يبصر فاذا تم خداع البصر وتزييف السمع يتلوث الفؤاد ويتعكر الوجدان لذلك { ان السمع والبصر والفؤاد كل أؤلئك كان عنه مسئولا }وعلى ذلك فكل جيل من البشر يظهر للوجود مجردا من كل شىء ليبدأ رحلة اختبار وابتلاء له على ارض المعمورة له فيها مطلق الاختيار وتحديد الطريق الذى يركن اليه كما ان المهارات البشرية تكتسب وليست فطرية كما فى الحيوانات والحشرات لذلك كان الانسان يتميز بالبيان الذى يمكنه من تخزين تلك المهارات والعلوم ليكون تراثا تراكميا للبشرية تستفيد منه جيلا بعد جيل حتى اجل مسمى لذلك يبنى الحضارة { الرحمن خلق الانسان علمه البيان } لذلك كانت اهمية العلم ووصية الاسلام به فكيف حال امة انشغل الوالدان فيها عن ابنائهما وتركاهما فريسة سهلة لاعلام مضلل يزيف الوجدان ويتلاعب بالافكاروعلى ذلك فالمولود البشرى يولد مجردا تماما من العلم الا من الفطرة التى تهتدى الى الخالق وهذه مشكلة اخرى ..هل يولد الطفل وبداخله المعرفة بالله ام انها تكتسب من البيئة المحيطة هل الانسان يولد فطريا ملحدا جاهلا بربه ام يولد عارفا ربه فقال ديكارت ان فكرة الله اصيلة فينا اما جون لوك فينكر هذا الرأى لتغير الصور عن الالهة بين القبائل والشعوب المختلفة بدرجة كبيرة لدرجة اننا نرفض فكرة وجودها فينا بالفطرة او السليقة فماذا يقول القرأن الذى انزل على محمدالقرأن اثبت ولادة الطفل عارفا بربه وهذا هو ما يعرف فى علم العقيدة بميثاق الذر حين اخذ من بنى ادم من ظهورهم من ذريتهم واشهدهم على نفسه سبحانه الست بربكم قالوا بلى ثم يفسر سبب اختلاف صورة الاله بين الشعوب والقبائل فى حديث كل مولود يولد على الفطرة فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه اى ان الايمان بالله فطرة متأصلة فى النفس البشرية وتصورنا للاله ينتج عن البيئة المحيطة التى تغذى افكارنا ..... لله درك يا محمد فهل رأيتم اعظم مما بعث به محمد
وفى التوراة تجدها تنطق بمحمد تتسابق الى البشارة ببزوغ فجر الحق والنور المنزل على محمد ففى سفر التثنيةيخاطب الرب لاوى والذى كانت لديه التوراة مستأمنا عليها ان تمام امر الله ونوره لرجل لم ير اباه وامه وليس لديه اولاد وهو الذى سيعلم هو واتباعه الذين صانوا عهده واتبعوا شريعته بنى اسرائيل احكام الرب وتشريعاته وتدعو نصوص التوراة له بالنصر فيقول {وللاوى قال تميمك واوريمك لرجلك الصديق الذى جربته فى مسة وخاصمته عند ماء مريبة الذى قال عن ابيه وامه لم ارهما وباخوته لم يعترف واولاده لم يعرف بل حفظوا كلامك وصانوا عهدك يعلمون يعقوب احكامك واسرائيل ناموسك ...بارك يا رب قوته وارتض عمل يده احطم متون مقاوميه ومبغضيه حتى لا يقوموا } تثنية الاصحاح 33:8 فيا اهل الغرب هذا هو محمد

السبت، 19 يونيو 2010

مصر واسرائيل

فى الخامس من يونية كانت القارعة واكتست الحبيبات الصفراء باللون الاحمر وارتوت الرمال من دماء الجنود المصريين ظنوا أنها كانت حربا فاذا هو انسحاب عشوائى مروع ارادوا التقدم الى الامام فصدرت الاوامر بالتقهقر الى الخلف وبعد أربعين عاما لم يعرف اؤلئك ان الامور ستتغير وأن الخصمين المتحاربين سيقفان معا

واذا بالسلام بين الجانبين وتتكرر الزيارات واللقاءات وتصبح شرم الشيخ قبلة العم سام الذى لا يعرف منها الملل واذا بشارون واولمرت ونتنياهو وباراك يقدمون علينا ضيوفا يطلبون العون والمساعدة من الجانب المصرى للتصدى الى حركات المقاومة المتصاعدة والصحافة المصرية تعض الانامل من الحنق والشعب يضيق ذرعا ولا مجيب
ولم يتأخر الجانب المصرى وكيف له أن يتأخر بل أمدهم بالمزيد والمزيد انه كرم الضيافة المصرى اللامحدود ولكن فقط مع الآخرين
ولكن التوراة يا أبناء العم أمرتكم بغير ذلك والرب أوصاكم بامر آخر

لقد أمركم الرب بالتوكل عليه وطلب العون منه وليس من أى مخلوق آخر حتى ولو كان المصريين


وعلى الجانب الأخر اغترت القيادة السياسية بالجنود والمركبات والعربات المدرعة ونسوا الرب وأنه وحده مصدر العون والمساعدة فان الامر كله بين يديه



فقد ورد فى سفر اشعياء الاصحاح الحادى والثلاثين ان الرب يتوعد حكام اسرائيل الذين ينزلون الى مصر لطلب المشورة ويعتمدون على العربات والمركبات واغتروا بالجنود وبقوتهم ونسوا أن الامر هو وحده منه المدد والعون
ان الرب هو الحكمة المطلقة ولن تحول هذه الاشياء بينه وبين ارادته ان القوة المصرية مهما بلغت فهم بشر لا آلهة وان تلك المركبات رغم عددها وضخامتها بلا غاية روحية سامية وبلا تعاملات أخلاقية مع شعبهم لذلك فان الرب سيعثر الاثنين معا

" ويل للذين ينزلون الى مصر للمعونة و يستندون على الخيل و يتوكلون على المركبات لانها كثيرة و على الفرسان لانهم اقوياء جدا و لا ينظرون الى قدوس اسرائيل و لا يطلبون الرب
و هو ايضا حكيم و ياتي بالشر و لا يرجع بكلامه و يقوم على بيت فاعلي الشر و على معونة فاعلي الاثم
و اما المصريون فهم اناس لا الهة و خيلهم جسد لا روح و الرب يمد يده فيعثر المعين و يسقط المعان و يفنيان كلاهما معا " اشعياء 1:31







الأحد، 6 يونيو 2010

مصر وروما

يحكى كتاب التاريخ قصة للدلالة على مهابة أوكتافيوس مؤسس الامبراطورية الرومانية أنه فى عام 14 ميلادية كان على متن يخته الخاص فى ميناء بويتولى وتصادف وقتها دخول سفنة تجارة من الاسكندرية هنالك جثا البحارة المصريون على ركبهم اجلال وتعظما وأشعلوا البخور المقدس الذى يشعلونه فى معابدهم للمخلص الذى يحقق السلام والحرية وقالوا "بك نبحر وبك نحيا وبك ننعم بالسلام والرخاء " ولكن بعد أكثر من ستة قرون كان هنالك مصرى يشكو بن حاكمه الذى ضربه بسوط وقال له "كيف تسبق بن الاكرمين " ما الذى جرى ما الذى تغير ما الذى أحدث انقلابا فى نظرة المصريين الى حاكمهم المقدس من شخص هو مهد كل شىء ومعط كل شىء الى شخص يصيب ويخطىء ويتجرأ على الشكوى فى حقه كيف تغير المنظور الرومانى الذى تسربل بالرداء الفرعونى فى العقلية المصرية للحاكم الى منظور آخر ...لقد أشرق نور الاسلام ولنبدأ القصة من بدايتها
على ضفاف نهر التبر نشأت روما ونشأت معها القلاقل وخرجت سلالة تثير الشغب والمتاعب معا وتحولت المدينة الى امبراطورية استفادت من تجارب السلطات السابقة لها وأعادتها للحياة من جديدفى صورة أكثر فظاظة ووحشية ووضعت ذلك المنهج الخانق فى الحكم
"divide et impera" أى قسم ..واحكم فلم تكن تسمح بقيام أى كيان أو مجموعة أو أحزاب داخل حدودها أو تقوم باختراقها وقامت بتقسيم الامبراطورية الى ولايات وقامت بتقسيم الولايات الى مقاطعات وجعلت لكل منها شيخ بلد مسئول عنها يعرف فيها كل كبيرة وصغيرة وهو نفس المنهج الذى استقاه نابليون حين ابتليت به مصر فجعل لها مجلس شيوخ وأعيان لمساعدته فى ادارة البلاد ليتطور الامر بعد ذلك الى نظام العمد فى عهد الخديوى اسماعيل وأصبح نفوذ العمدة فوق شيخ البلد وأصبح هو ممثل السلطة التنفيذية ورمز الاستبداد المجحف و وكما يقول الاستاذ محمد جبريل فى كتابه الصادر عن مكتبة الاسرة مصر فى قصص كتابها المعاصرين لم يكن أهل البلد يحبون العمدة بل يكرهونه بشدة ويشعرون بالفرحة فى أى مصيبة تلم به وكانت المهمة الاساسية لكل واحد منهم هى حفظ الامن والعمدة الذى تنتشر الجرائم فى قريته يتم عزله فورا لذلك حينما تحدث اي جريمة يسارع بالزعم بأن صاحبها ليس من القرية بل من ناحية أخرى وكان يرى الرشاوى حقا أصيلا له رغم أنه قد يكون انتهى لتوه من صلاة الفجر أو ينوى الدخول فيها وكان المأمور القادم الى القرية فى بادىء الامر شديدا ثم ما تلبث هدايا الريف وخيرات الارض أن تجعله لطيفا لينا ان النظام العالمى الجديد هو نفس هذا النظام السياسى المصغر بل انه أشد وطأة وضراوة انه مثل الشريان الرئيس الذى يتفرع عند دخوله الأنسجة الى شبكة من الاوعية الدموية كلها ترتبط به
ولكن الوضع فى ايطاليا القديمة كان مختلفا عن باقى الولايات الاخرى فقد كانت المقاطعات هى التى تختار حكامها وكان الاغنياء يتقربون الى المواطنين باقامة المسارح والحدائق والمشاريع الخيرة وان كان فقراءها يرونه تطهيرا من دنس الاستغلال الذى أمدهم بذلك فهو حقهم المشروع ..المسلوب وكانت ايطاليا معفاة من الضرائب بينما ترد الجزية والعطايا من الولايات الاخرى المثقلة بالهموم بجشع رهيب وكان العمال المصريون والكلام لول ديورانت "يضربون عن العمل بسبب تدنى الاجور ويحتمون بالهياكل ولكنهم كانوا يخرجون تحت تأثير الجوع أو الكلام المعسول وقد تزيد الاجور فترتفع الاسعار وتعود الامور كما كانت " مما دفع شيشرون الى التشهر بفريس واصفا أحوال ممالك البحر المتوسط ويقول "ان كل الولايات تندب حظها وجميع الاحرار يصرخون وجميع الممالك تحتج على قسوتنا وشرهنا وليس ثمة مكان فما بين المحيطين مهما يكن قاصيا أو دانيا لم شعر بوطأة جشعنا وظلمنا "




السبت، 29 مايو 2010

الطريق الى العبقرية

يقول هلفشيوس فى كتابه الذكاء "الانفعالات تؤدى الى الخطأ لأنها تركز انتباهنا على ناحية معينة من شىء أو موقف بعينه ولا تهيىء لنا المجال لتدبره من جميع النواحى والذكاء بهذا المعنى هو تأخر رد الفعل ليهيىء لنا ادراكا أوسع واستجابة أوفى وعلى الرغم من ذلك فان الانفعالات بالنسبة الى الخلق كالحركة بالنسبة الى المادة لأنها تزودنا بالدافع حتى الدافع الى المعرفة فالانجاز العقلى لأى شخص يختلف تبعا لانفعالاته فالانسان العبقرى هو انسان ذو انفعالات قوية والانسان الغبى مجرد منها "
حقا كيف نوجد فى المجتمع أكبر قدر من العباقرة حتى يجد المجتمع مصابيح تنير له الطريق حين تحيط به النوازل و قناديل تأخذ بدفته حين تتراكم عليه الخطوب وتهب عليه ريح الهلاك من كل مكان فما قاله هلفشيوس من صحيح الى درجة كبيرة ولكن لنبدأ الامر من جذوره الاولى
ان المرء يخرج من رحم أمه لا يعلم شيئا ويكون السمع والبصر هم أدوات المعرفة لديه والفؤاد -وهو مستودع الانفعال -هو طاقة الدفع التى لا تنضب وتتراكم المعرفة وهنالك ينطلق الفكر من عقاله فالمرحلة بين الانفعال ورد الفعل تكون مرحلة التأنى التى تتيح الرؤية الثاقبة والنظرة الشاملة ومن ثم يأتى الرد الى حد كبير صائبا وفى موضعه
فرد الفعل تحت وطأة الانفعال حماقة غير مقبولة وأمر مرذول مثله كمثل الثور الذى يندفع بلا وعى ويهيج على غير هدى فلابد من التأنى والتأنى يكون على أساس علمى لأنه لو لم يكن هناك علما مكنونا يتحرك المرء من خلاله يكون تشوشا وحيرة وحينئذ يتحول التأنى الى عجز والتمهل الى استسلام وانبطاح حيث لن تجد هنالك رد فعل
فالمعرفة تجلب الطمأنينة " ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء "

ان العلم والمعرفة يفعلان فى المرء الكثير فكما يقول هلفشيوس "التعليم يعلم الدب الرقص " وأقول أنا ويجعل الاسد ملك الغابة يرضخ لأوامر مهرج سيرك وان كان الامر ليس بهذه السطحية الشديدة انها مقايضة يحصل فيها الحيوان على ما يريد مقابل أن يرفع يديه الى أعلى والى أسفل ويستمتع وهو يرى وجوه الحمقى تولى وجهها شطره ويكفيه مؤنة الركض فى الاحراش
ولكن العلم لا يعنى علم الشعائر والعبادات الذى حصر المسلمون أنفسهم فيه دهرا طويلا بل هنالك من العلوم المرتبطة بالواقع المعيشى على درجة من الاهمية الكبرى مثل السياسة وعلم النفس وعلم النفس الاجتنماعى وامور الاقتصاد ومعايشة احوال الناس المعيشية ومداخل قلوب النساء وعلى المسلمين أن يتعلموا النظرة النقدية للامور والبحث فيها عن الدلالة فالمعرفة ليست استدعاء المكنون فى العقل و القائه على مسامع الناس وسأضرب مثلا يعلم الكثيرون احداث السيرة ولكن القليل من يتمعنها جيدا انظر الى ذلكما المشهدين محمد رسول الله بعد ثلاث سنين من الدعوة يقف على جبل الصفا ينادى فى الناس انى نذير لكم بين يدى عذاب عظيم لم يعره البعض اهتماما وسخر منه البعض الآخر . بعد ثمانية عشر سنة من الدعوة محمد رسول الله يسجد سجدتين والناس منتظرون من حوله ثم يخرج اليهم وينظر قائلا " ما تظنون أنى فاعل بكم " واذا الذين قالوا له تبا لك الهذا جمعتنا يقولون له أخ كريم وابن أخ كريم

اذن فالعبقرية وحسن الفهم هى طاقة فكرية لا تعرف اليأس تنظر الى الحدث من كافة جوانبه

ان العبقرية وحسن الفهم فى جملة واحدة "هى انفعال متأن على أساس علمى ولكن تباركه الارادة الالهية " الم تقرأ قوله تعالى "ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما " ......وكذلك نجزى المحسنين

وفى التوراة ثناء على الفاهمين فيقول الملاك لدانيال فى سفره فى الاصحاح الثانى عشر بعد الحديث عن أحداث النهاية "
و كثيرون من الراقدين في تراب الارض يستيقظون هؤلاء الى الحياة الابدية و هؤلاء الى العار للازدراء الابدي
و الفاهمون يضيئون كضياء الجلد و الذين ردوا كثيرين الى البر يضيئون كالكواكب الى ابد الدهور" دانيال 12:3

وهذه هى نهاية التاريخ







الاثنين، 24 مايو 2010

عودة المسيح وأحداث سبتمبر

فى التاسع عشر من يوليو عام 64 ميلادية احترقت روما وكان الحريق مروعا بدأ الحريق بالقرب من تل البلاتين وامتدت ألسنة اللهب العنيفة الى المتاجر والحوانيت وساعدت شدة الريح على انتشارها ولم يستطع الناس اطفاءها فهلك خلق كثير يقول الاستاذ سيد على الناصرى فى كتابه عن التاريخ السياسى للامبراطورية الرومانية أن الحريق امتد الى معظم أحياء روما فمن أحيائها الاربعة عشر لم ينج الا أربعة ويبدو أن النيران وقتها قد اكتفت وكان نيرون خارج العاصمة وقتها ولكنه عاد بعدما حدث وقام بدور انسانى رائع فى مواساة الذين لم ترأف بأحوالهم السنة اللهب ولا من أشعلوها ولكن شائعة سرت بأنه لم يعد الا من بعدما امتدت النيران الى قصره الجديد ويبدو أن هنالك دوما من يسئون أو يتعمدون اساءة تفسير الاحداث ولكن النيران بالفعل قد أحرقت قصره الجديد
استمرت النيران ستة أيام ولكن العجيب انها بعدما انظفأت عادت للاشتعال من جديد وأتت على العديد من التراث الرومانى من معابد ومسارح عريقة من الذى أحرقك يا روما
ألصقت التهمة بالنصارى وأما اليهود فان معشوقة نيرون السيدة بوبايا سابينا وفرت لهم الحماية وحدص اضطهاد النصارى وكان من ضحاياه الحوارى بطرس والسيد بولس أو هكذا زعموا

فقد كانت عودة المسيح تشكل الحلم الذى ينتظره النصارى ويعجل به اليهود من أجل الخلاص المنتظر وانطلق الحوارى بطرس ورفاقه يرددون يبشرون يرنمون ولكن لابد قبل مجىء المسيح من حدوث كارثة كبرى تحل بالعالم و وحريق يضرب الامبراطورية الرومانية المتوحشة فقد كانوا يرون أن الامبراطورية الرومانية هى الوحش المذكور وأن نيرون هو عدو المسيح

وبعد أن انتهى الامر ومرت السنون اذا بالامر يتكرر من جديد فى عهد دقلديانوس حيث شبت النيران بشكل غامض فى قصره مرتين متتاليتين والصقت التهمة أيضا بالنصارى وحدث الاضطهاد الشهير

وتمضى السنون وتتثاقل القرون حتى عام 1666 ميلادية وخرج المدعو سبتاى زئيفى يعلن الخلاص وأنه هو المسيح المنتظر وحدث هنالك حريق لندن الكبير ورغم أن العالم وقتها كانت تحت راية الامبراطورية العثمانية الا ان الذى أحرق هو أيضا عاصمة غربية ان الوحش دائما ملامحع غربية

ان عودة المسيح يسبقها حريق مدمر وضربة موجعة توجه للامبراطورية الرومانية فى عرشها وأما النص الذى يشير الى ذلك فهو ماجاء فى سفر رؤيا يوحنا حيث يشير الى ضرب عرش الاميراطورية وصعود الدخان فى أراضيها ولكنها للاسف لم تتراجع عن نهجها حيث يقول " ثم سكب الملاك الخامس جامه على عرش الوحش فصارت مملكته مظلمة و كانوا يعضون على السنتهم من الوجع وجدفوا على اله السماء من قروحهم وأوجاعهم ولكنهم لم يتراجعوا عن أعمالهم "

رؤا يوحنا 16 :10 وكان على العالم كله منذ التاسع عشر من يوليو عام 64 ميلادية أن نتظر الف تسعمائة وسبعة وثلاثين عاما حتى تدك الطائرات برجى مركز التجارة العالمى والبنتاجون

وكانت أحداث الحادى عشر من سبتمبر


الأربعاء، 7 أبريل 2010

تولستوى وانفجارات موسكو

كان الاديب الروسى الشهير ليو تولستوى ناقما على الكنيسة الارثوذكسية ويرى أن الاسلام أعظم منها وكان يقول عن نبى الاسلام "كفى محمد فخرا أنه خلص أمة ذليلة دموية من مخالب العادات الذميمة وفتح على وجوههم طريق الرقى والتقدم ان شريعة محمد ستسود العالم لأنها تنسجم مع العقل والحكمة " وكان يكره نابليون بشدة ويرى أنه المسيح الدجال و عندما حدثت انفجارات موسكو تذكرته على الفور
كان تولستوى يرى أن المقاومة السلمية هى خير سبيل ويكره العنف والترويع ولكنه لم يعش حتى يرى ما فعله الروس فى العالم من دمار وخراب وما اقترفته يد الدب الاهوج بلا ترفق لذلك فهذا ليس صحيحا على الاطلاق لاختلاف طباع البشر وسياسات الدول ومفاهيم الانسان عن الحياة والخير والشر
ولكن ماذكرنى به هى احدى رواياته "الاب سيرجى " وكما يقول الاستاذ سمير فريد ان القصة تحولت الى أعمال درامية عديدة منها الفيلم الايطالى " شمس الليل " حيث تتحدث عن ذلك الرجل الذى هجر الدير ولم يجد فيه ما يحقق الظمأ الروحى والاشباع النفسى فانطلق هائما فى الحياة تتلاعب به الاقدار بين مباهج الدنيا واغوائها ورغبته فى التسامى عن الرذائل والدنس فقابل فى طريقه زوجين من الفلاحين فى مرحلة متقدمة من العمر ساعدهما فى زراعة الارض وعند الرحيل طلبا منه أن يدعو لهما بالموت معا كما عاشا فى هذه الحياة معا
وقالت له الزوجة "أتمنى لك أن ترى الشمس دائما حتى فى الليل " وبعد فترة من توالى الاحداث صعودا وهبوطا حاول الرجل الانتحار تحت ماء النهر ثم تذكرا الزوجين فخرج ليسأل عليهما فاكتشفا أنهما ماتا فعلا سويا كما تمنيا فانطلق هائما على وجهه فى نهاية مفتوحة
وعندما حدثت انفجارات موسكو واتضح أن منفذة احدى الانفجارين فتاة رقيقة فى السابعة عشرة من عمرها تسمى زينات رملتها آلة الحرب الروسية الغاشمة ففقدت زوجها فى ديسمبر الماضى وقبل أن تنتهى فترة الحداد أرسلت اليهم بردها القوى وارتدت ثوب الانتقام والمحبة معا واندفعت كفبضان جامح يقتلع ما فيه طريقه من روث تثأر لزوجها فاما يعيشا معا فى سلام وسكينة واما يموتا معا تحت راية العقيدة السوية لم يعلم تولستوى أن روايته تلك تحققت على أرض الواقع وتحولت الى أشخاص حقيقيين يتحركون يتحابون يتعاهدون
وكأننى به وهو يكتب مشهد الخاتمة "زينات تركب المترو تتفحص تلك الوجوه كم تكرهها ترى الابتسامات على وجوههم تتذكر عذابات اخوانها , تتذكر حين كانت تسمع نحيب النساء فى ظلمة الليل يبكين شبابا ورجالا بين اب وزوج وابن لم يكن يسمع نحيبهن احد نظرات الخوف والهلع فى أعين الاطفال البريئة لا يدركون لماذا يحدث كل هذا من حولهم لم يكن يمسح برؤوسهن أحد تذكرت ابتسامة زوجها ورفقه بها اغتالته شظايا الكراهية الروسية بكل وحشية تلمح وجوه بعض افراد الشرطة الروسية فى احدى محطات المترو تنظر اليهم شذرا انهم بشر بلا قلوب ذئاب بلا عقول عبيد بلا كرامة وصلت الى بارك كولتورى المحطة المستهدفة انه حلمها المنتظر الناس يتدافعون يتزاحمون تتمتم هى بكلمات غير مفهومة ...بالنسبة لهم أصوات صراخ هلع الجميع يركض الجميع يهرب
المكان يتحول الى أشلاء ودماء , قطرات دمها الطاهرة تعلن الغضب , تدق أسماع الافق لتسمع هذا العالم الاصم .....وتسمع من فى القبور , وكالات الانباء تنشر صورها بصحبة زوجها وهما معا ..أتمنى لهما ألا يرون الشمس ابدا وألا يرون فيها زمهريرا ...اين أنت يا تولستوى


- الادارة الامريكية فى مصرتريد أن تضعنا بين خيارين اما البرادعى باجندته الغربية واما الحزب الوطنى واستبداده الذى أفقر البلاد والعباد ولكننا نقول لها لا هذا ولا ذاك فالتغيير ليس أشخاصا ولا مواد بل مفاهيم ان المواطنة مثلا تعنى عندهم أن للاقباط الحق فى النشاط السياسى ولاتباع جاك جان روسو موطىء قدم ولاتباع ماركس مثل ذلك اما اتباع محمد رسول الله فحين يفكرون فى ممارسة السياسة فمكانهم خلف القضبان ما هكذا يكون الاصلاح ما هكذا يكون الغد المشرق واما رؤيتى للاصلاح السياسى فى مصر فترقبوها فى مقالة "مصر ورما مرارة التاريخ "" بمشيئة الله تعالى



الأربعاء، 31 مارس 2010

ظلمات السياسة والعولمة

الوصول الى القمة شىء والدفاع عنها شىء آخر وخلق امبراطورية شىء وحكمها شىء آخر أكثر صعوبة وأشد تعقيدا
لقد دخلت السياسة العالمية تحت الراية الامريكية الى نفق مظلم لا تستطيع الفكاك منه فهى تخرج من تخبط الى تخبط ومن اخفاق الى اخفاق
وولى النظم العالمى الجديد ظهره الى كل ما كان يدعى من قيم ومبادىء وأصبحت الاجهزة الامنية العالمية أشبه بشركات أمنية للحراسة تدافع عن مصالح ومكتسبات لفئة محدودة وأما الشعوب المغلوبة فهى تكافح من أجل البقاء
ومن أجل الحفاظ على تلك المكتسبات ينتهك كل شىء ويستباح أى شىء ويتم نشر الجهل وعدم الوعى وتزوير الحقائق واتباع كل السبل المشروعة وغير المشروعة وبدلا من أن نحلم بالفردوس اذا بنا نخلق الجحيم و نتهادى.. فى درك جهنم
فالسياسة العالمية التى تصنع فى مطابخ الغرب ومراكز صنع القرار تنكل بحياة البشر دون هوادة فيجب على البشر أن يعيشوا كما هو مخطط لهم لا كما تريد نفوسهم .. يجب أن يكونوا مستهلكين حتى تدور مصانعهم وترتقى معايشهم يجب أن ينظر الجميع الى الامور بأعينهم والا يتعدوا أكثر من ذلك أو يفكروا فى أن يتعدوا ذلك
يقول جاك الول فى كتابه خدعة التكنولوجيا الصادر عن مكتبة الاسرة وترجمة د.فاطمة نصر يقول أن هناك خطة عظمى تنفذ حتى يتم الاحاطة بالعالم
فيقول " واما المطلوب من الافراد فهو اربعة امور بشكل رئيس الاول هو تأدية عملهم على أكمل وجه وفى المواعيد المحددة والثانى هو عدم الاهتمام بالامور الجمعية وان يبتعدوا عن المشاركة والتدخل ويتركوا الامور يسيرها المؤهلون أى يتركوا السياسة للسياسيين والكنائس لنشر السكينة بينما يعالج الاطباء والمستشفيات
المرضىوكبار السن العب . ..العب وسنتولى نحن الامور كلها والامر الثالث أن يكون الناس مستهلكين جيدين و ان ندفع لهم أجورا جيدة كى ينفقونها لأن الاستهلاك هو الواجب الالزامى المطلق اذ بدون استهلاك تتبأطأ الامور والامر الرابع والاخير هو أن نتبع ما يروج له وسائل الاعلام من اراء وتبنى المعلومات والفكر المقترح والا نذهب بعيدا ان متطلبات الخطة العظمى التى فى طريقها للتحقق ستجعل من غير الممكن أن يكون للناس اراء منفردة عن حياتهم أو عن الواقع الذى يعيشون فيه ويكون الخيار الاعظم فى هذه الحالة هو الجهل "
وبالطبع هذه الخطة تواجه الآن عقبات ان دعاة الحرية جاءوا الينا بمزيد من القيود دع عنك أنهم يتنصتون علينا فى الشوارع فى المنازل دع عنك ذلك فقد انتهت الخصوصية منذ زمن وابدا لن تعود ولكنهم لا يريدون لنا أن نعزف سيمفونية أخرى غير سيمفونيتهم لانها ....لا تروق لهم لا يريدون لنا أن تكون لنا رؤية مختلفة غير رؤيتهم لا يريدون أن يسمعوا ترانيم أخرى غير ترانيمهم لا يريدون أن يروا معابد الا معابدهم والا فانك تعيش خارج اطار الواقع ولا تجارى ذلك العصر القاسى
ان السياسة العالمية سياسة هزلية تقوم على الدجل والخداع لا تقدم حلولا واقعية أو علاجا حقيقيا لجذور الاشكاليات التى تكاد تعصف بالارض تتعامل معها بشكل دعائى لا بشكل صريح فتكون النتيجة أن تظل النار تحت الرماد تنتظر مخرجا متنفسا لتعاود الاشتعال من جديد لقد قتلت السياسة العالمية الهوجاء براعم احلامنا الرقيقة فى خيالاتنا الخصبة سحقت بها دون رفق وهى تبتسم لأناشيد المستقبل واغتالت نسمات الامل قبل أن تتحول الى طاقة تشحذ النفوس وتحررالابدان
والنتيجة انهيار القيم وتفشى الانحراف الجميع يلهث.. الجميع يهرول نحو حاجياته ورغباته دون اعتبار لدين أو خلق أو لحقوق مجتمع واذا بالارض كلها تندفع نحو الانتحار ظلمات بعضها من بعض , بعضها فوق بعض فكانت النتيجة الحتمية كما جاء فى سفر هوشع فى الاصحاح الرابع
"اسمع قول الرب يا بنى اسرائيل ان للرب محاكمة مع سكان الارض لأنه لا أمانة لا احسان ولا معرفة الله فى الارض لعن وكذب وقتل وسرقة وفسق يعتنفون ودماء تلحق دماء لذلك تنوح الارض ويذبل كل من يسكن فيها مع حيوان البرية وطيور السماء " هوشع 4:1 حقا دماء تلحق دماء لأن السلاح مهما كان ديدنه يرتد على من يستخدمه فالقائد الرومانى تيتس الذى هدم هيكل اليهود عام سبعين ميلادية انتقم منه اليهود بعدها بعشر سنين فقط وأحرقوا معبد الاله جوبتر فى العاصمة روما وقد تحول هو نفسه امبراطورا سواء بسواء ...ولكن يا ترى هل لنا طاقة بمحاكمة الرب لأهل الأرض
هذه هى السياسة العالمية المخزية التى تحكم واقعنا الآن صرحها الكذب والتلاعب بمصائر الشعوب
لذلك لم يصبنى الحزن صورة وزير المالية وهو يلعب على جهازه المحمول ابان مناقشة الجهاز المركزى للمحاسبات فهى تعبير صادق عن الواقع المر




- سأحكى بالتفصيل الممل ما تفعله معى وزارة الصحة المصرية بمشيئة الله تعالى