clavier arabe

الاثنين، 23 أغسطس 2010

تجديد الخطاب الدينى

يرى روسو فى كتابه :العقد الاجتماعى أن منظومة الاخلاق المسيحية غير مناسبة لتكوين الدولة وذلك لو أن المسيحى أخذ عقيدته على محمل الجد فانه لن يقيم هما للدنيا ولن تكون لها عنده وزنا يذكر فالآخرة هى جل هدفه وهو بذلك يكون مواطنا ضعيفا ومثل هذا المسيحى يكون جنديا وسطا فهو لا يقاتل الا دفاعا عن وطنه واذا فعل يكون تحت اكراه واشراف مستمرين وهو لا يشن الحرب دفاعا عن الدولة لأن له وطنا واجدا هو الكنيسة والمسيحية تبشر بالعبودية والتبعية الطيعة ومن ثم فان روحها مواتية للاستبداد ويرحب الطغاة دوما بالتعاون معها ان المسيحيين الحقيقيين -والكلام لروسو- خلقوا كى يكونوا عبيدا ولكن الدولة فى حاجة الى الدين ولا بد من وجود دين تفرضه الدولة على مواطنيها بوجود اله قوى قادر ويعذب فى الاخرة ويهب السعادة للطيبين
وبذلك يكون روسو قد خالف كل الفلاسفة الذين هاجموا العقيدة المسيحية انه لا يرى بأسا من الايمان بأى دين ولكنه هاجم منظومة الاخلاق التى ترسخ لمخالب الحكم القاسى الذى لا يعرف للعدل سبيلا وتكون أداة مريحة للتسلط على البشر دون محاسبة
ولكن منظومة الاخلاق الاسلامية الوضع فيه ليس هكذا تماما فمنظومة الاخلاق الاسلامية تدور حول محورين لا ثالث لهما الاول مرتبط بالتنظيم الاجتماعى
والذى يضع الاساس المتين للعلاقات بين الافراد لا يؤمن أحدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه علاقة الجار بجاره حق المسلم على أخوته المحور الثانى فى هذه المنظومة الاخلاقية علاقة هذا التنظيم الاجتماعى برأس السلطة فهى ليست سلطة تحوطها هالة مقدسة فقد انتهى الوحى واكتمل الامر ولم يعد هناك جديد لذلك فهى علاقة مشروطة السمع والطاعة يكون فقط فى المعروف فاذا كان الامر ليس كذلك انفرط عقد الطاعة قد يحدث تنازل عن التجاوز فى حق الفرد من أجل المصلحة الجمعية رغم وجوب وجود منظومة قضائية تعيد الحق لمن وقع فى حقه هذا التجاوز ولكن حين يكون الامر الصادر من رأس السلطة مخالفا للتعاليم التشريعية المستقلة المنزلة فلا يكون هنالك سمع ولا طاعة ويجب على التنظيم الاجتماعى عدم التعاون مع السلطة فى هذا الامر ان قوله لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق هو ميثاق الحرية الاوفى
ودرة العقد الاجتماعى الاسلامى المتلألئة
ولكن نظم الحكم المتسلطة بدلا من السعى الحثيث نحو العدالة والاستجابة للارادة الجمعية اذا بها تأتى مسلكا آخر فقامت ببث الانقسامات بين الافراد واثارةلهيب الفرقة بين التنظيم الاجتماعى و تنغيص التوافق الاسرى حتى تمنح لاقدامها موطئا تستند عليه
وعلى ذلك فان المنظومة الاخلاقية الاسلامية تطالب بالتصدى لحياة الاستبداد الكئيبة التى تقتل البهجة فى الحياة وتحيل حياة البشر الى مرار أينما تولى وجهك تتجرعه وتأمر بعدم الرضوخ لأنياب الظلم الجارحة ولا تقبل التكيف والتوافق معها بل تضع اطارا يحدد كيفية مواجهتها بشموخ لا يعرف التردد ان أحد أسباب الفتوحات الاسلامية هى تحرير البشر من قيود العبوديةالتى رسختها النظم الحاكمة وسلطان الجور والانتقال الى خانة الاحرار تلك الانظمة التى أحاطت نفسها باكليل مقدس حتى تضمن لنفسها الطاعة والاستمرارية ان أى نظام حكم يسود العالم ولا يحقق العدالة سيدخل حتما فى صراع مع منظومة الاخلاق الاسلامية التحررية

ان الخطاب الدينى فى حاجة الى التجديد بحيث يبصر المواطنين بحقوقهم لدى السلطة التى كفلها لهم الشرع وليس بالتركيز على مفاهيم منقوصة وغير صحيحة فالتسامح لا يكون الا عن قوة والعفو لا يكون الا بعد المقدرة اما عدا ذلك فهو عجز ممقوت ذل ومسكنة رفضهما الاسلام وأيقظ فى الجموع شعلة التحرر وتحمل العواقب الناتجة عنها لم يجعل الرضا بالهوان صبرا با الصبر أن تتحمل تجاوزات السلطة الجائرة لقد جعلوا القوة مرادفا لسوء الاخلاق فالرسول فى الفترة المكية كان مستضعفا ولكنه كان يملك قوة الكلمة التى تفرق بين الطريق الاصوب والطريق الخاطىء طريق الارتقاء الى نور السماء وطريق التردى والانحدار نحو المجهول رفض الحلول الوسط أوضح الحقيقة جلية بلا ذرة شائبة وابى أن يسمح للامور أن تختلط وللحقيقة أن تتلوث ان الحقيقة الملوثة أخطر من الباطل الصريح
لقد أطلقها روسو صيحة جريئة فى الفصل الاول من كتابه العقد الاجتماعى "ولد الانسان حرا وهو فى كل مكان مكبل بالأغلال " ولكن الاسلام يا روسو جاء ليرفعها عنه

ليست هناك تعليقات: