الاثنين، 9 أغسطس 2010
قطرات من رحيق المعرفة
- كان جامعو الضرائب الرومان ودائما يتميزون بالجشع الشديد وكانوا يثقلون كواهل الرعية بما لايطاق حتى أوشك لهيب الجوع الحارق على الصراخ فى الولايات اجمعها فأرسل الامبراطور تيبريوس رسالته الشهيرة الى عامله على مصر ايميلوس لتكون تعبيرا صادقا لا يعرف الكذب عن هذا الوضع البائس "اريدك أن تجز غنمى لا أن تسلخها "
- لا أدرى لماذا يثير حديث الذبابة كل هذه الضجة فلو أدرك المتجادلون تفاصيل الحياة اليومية للعرب وقتها لفهموا دون تلك الترهات اللفظية تخيل معى أن امرأة قامت بحلب ناقتها فى اناء والذى يمثل لها هذا الحليب طعامها الاوحد الذى تقتات منه وأطفالها أو رأسمالها الذى تبيعه فى السوق ثم وقعت فيه ذبابة ترى هل تسكبه وتطرحه أرضا ويضيع جهدها وطعام أولادها أم تبحث عن حل آخر لم تكن قارورة باستير قد ظهرت بعد ..تخيل أن جارية ذهبت الى البئر فى بيئة صحراوية الماء فيها شحيح وقد كان يباع أيضا ووفى أثناء عودتها باناء يحمل الماء وقعت فيه ذبابة أتلقى به هكذا سهلا يسيرا وتعود الى البئر من جديد أم تفعل كما أمرها نبى الاسلام بل دعنى أتجاوز متاريس الاحداث وأقفز بك الى عالمنا المضطرب لو أن موظفا قد أثابته لوثة فى عقله ومر فى طريق عودته واشترى كيلو من اللحم بعد ان افتقده الجزار فترة طويلة ودخل المنزل وسط أغاريد الزوجة وصراخ الاطفال المشبع بالبهجة وقامت تلك المبهورة بتقطيع اللحم ووضعه فى اناء ولكن وقع فيه ومرقه ذبابة ترى أتلقى به سيلقى بها زوجها من أقرب نافذة ان الامور ليست كما يراها المتعالون بل دعنى أتجاوز حدود اللياقة قليلا لو أن أحد المنتقدين جاءته زجاجة خمر من اوروبا من النوع الفاخر الذى يأتى بتوصية خاصة ثم تجمعمعه الاصدقاء فى جلسة مرح عابث وبعد أن قام بفتحها سبقتهم اليها ذبابة حاقدة ورشفت رشفة ولم تستطع أن تقاوم فسقطت المسكينة هل سيلقون بالزجاجة الفاخرة هكذا أم سيتظاهرون بأن شيئا لم يحدث انها فرصة قد لا تتكرر
-نأتى الى حديث آخر وهو الخاص بارضاع الكبير لقد كان يجرى فى المدينة فى تلك البقعة الرائعة فى عشر سنوات أكبر عملية تشريعية فى التاريخ حيث يتم تغيير روح المجتمع وصبغه بصبغة أخرىيتم بناء مجتمع ودولة على روابط جديدة وتشريعات لم يعتادوا عليها فكان الغاء التبنى والمعروف أنه فى أى قانون صادر أن يكون هناك ما يعرف بالاوضاع القديمة التى تخضع لما يعرف بتوفيق الاوضاع لطى صفحة الماضى تماما فمثلا لو أصدرت الحكومة قرارا بمنع البناء على الاراضى الزراعية وكانت هناك بناءات قديمة قد تمت بالفعل فكيف يكون التصرف حيالها يكون ما يعرف بتوفيق الاوضاع فاذا كانت بنايات كثيرة يتم التصالح مع الحكومة ودفع الغرامات المالية المقدرة أما اذا كانت قليلة تقوم الحكومة بهدمها وتعويض الاهالى وهذا ما حدث فى حالة سالم مولى حذيفة انه أحد الاوضاع القديمة القائمة الذى أعطى رخصة لغلق هذا الملف تماما ملف التبنى ولا أعرف من هؤلاء المسرفون المتلاعبون الذين توسعوا في الامر حتى يشمل الموظفين والخدم
- عند افتتاح قناة السويس فى مصر عام 1869 حدث فى مصر مشهدين لهما دلالة بالغة على اختلاف منظومة الحكم بين الشرق والغرب هذا وان كان نظام الحم فى الشرق وقتها هو افراز الحملة الفرنسية على مصر التى رسخت الدفاع عن مصالح فرنسا وليذهب أصحاب الارض الى الجحيم فالامبراطورة أوجينى استقلت قطارا خاصا مع الخديوى اسماعيل الى القاهرة ولم تتوقف فى الاسكندرية هنالك ثارت الجالية الفرنسية هناك وخرجت صحيفة لو بروجريه اجيبسيان تقول "انا السياسشة التى أغلقت مدافع البهجة وهى التى أطفأت الفوانيس كم من المهات قمن بتلبيس بناتهن الصغيرات وكم من النساء قمن بتجربة انحناءات التقدير أمام المرآة وكم من الرجال قاموا بتجريب ملابسهم وأربطة أعناقهم " بعد ثلاثة أسابيع من الزيارة قامت المبراطورة باصلاح الخطأ وتوجهت الى الاسكندرية المشهد الثانى طلبت الامبراطورة من الخديوى أن ترى حفل زفاف مصرى فأجابها "يا لها من مصادفة سعيدة يا صاحبة الجلالة يقام الليلة بالتحديد حفل عرس فى القصر وسرعان ما استأذن الامبراطورة فى الانصراف واستدعى موظف شاب فى القصر وقال له "انت ستتزوج هذا المساء " بل هناك رواية يرويها بجدية المقربون من القصر الخديوى "هل تعرف لماذا فى شارعه الهرمك المقام بمناسبة الافتتاح انعطاف شديد فى مكان معين ذلك لأن اسماعيل الذى سيجلس بجوار الامبراطورة يتمنى رؤيتها وهى تتأرجح بين ذراعيه " روبير سوليه كتاب مصر ولع فرنسى " يبدو أن مصالح البلاد يجب أن تكون موظفة جيدا لتدليل الحاكم وزواره
- نظرا لأن المولى سبحانه وتعالى له القوة المطلقة فهو لا يخشى سيئا لا يخاف عاقبة شىء وتبعات أى أمر "فسواها ولا يخاف عقباها " ولكن نظرا لأنه كذلك فهو لا يؤاخذ الناس بما كسبوا ولا يعجل لهم العذاب بل يمهلهم وينذرهم "ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك علي ظهرها من دابة "
يقولون فى السياسة عندما يزول الخطر تتصدع الاحلاف وأنا أقول وعندما يتزايد الخطر أيضا تتصدع الاحلاف وتتقطع الروابط ويتبرأ الجميع من الجميع فالخطر محدق يحاصر الكل ويصبح الذين يناصر بعضهم بعضا تحت راية الباطل يتنكرون لبعضهم تحت قوة الحق ألم تقرأ قوله تعالى "ولو يرى الذين ظلموا اذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب اذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب "
- عزيزى القارىء أستأذنك فى العودة الى اجازتى والعودة فى منتصف أكتوبر بمشيئة الله تعالى
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق