clavier arabe

الأربعاء، 4 أغسطس 2010

الطبيعة الانسانية

فى فصل بعنوان "روسو غريب بين البشر" يقول برنار غروتويزن فى كتابه "فلسفة الثورة الفرنسية "
عارضا أفكار جاك جان روسو
" يجب أن نبحث عن الانسان الطبيعى فى التى كان عليها تركيبه الاصلى لنتخيله قبل أن يدخل فى الحالة الاجتماعية لقد كان يحب نفسه لأن عليه أن يعنى ببقائه فالشعور المهيمن عليه هو الحب فهو ليس الا دماثة ولطف ولم تتسرب المشاعر الحاقدة الا فيما بعد فهى ليست دزءا من طبيعته ولا من روحه ولم ينحوا حبه لنفسه الى أنانية الا عندما بدأ يقارن نفسه بالآخرين ويرى فيهم مزاحمين له والا عغندما كان عاجزا عن تقييم نفسه الا بالقياس على الآخرين عندئذ أصبح الاهواء الدنيئة مسيطرة عليه بمحاولته التعالى على الآخرين واستولى عليه الحقد وسوء النية فدفع بالانسان الى أن يدعى لنفسه شأنا أكبر من شأن أى انسان آخر أما الانسان الطبيعى فهو على خلاف ذلك "
هل فعلا الانسان على شاكلته الاولى ذا طبيعة سوية وجوهر شفاف ولا تتسرب اليه الطباع السلبية الا بعد الاحتكاك بالآخرين والالتقاء بهم فى دهاليز الحياة أما أن هناك طباعا سيئة
هى حقا من تركيبته
عندما تسمع لفظ الانسان فى القرآن فاعلم أنه يتحدث عن الطبيعة الانسانية فى تركيبها الاصلى وحالتها الحقيقية فعندما يقول سبحانه وتعالى " خلق الانسان من عجل " فهذا يعنى أن الطبيعة الانسانية تميل الى التعجل فى الوصول الى النتائج وقطف الثمار وعدم الصبر على وعورة الطريق و مرارة الانتظار ويكون المحبذ عندها هو نقيض تلك الصفة وهو التأنى وعندما يقول سبحانه "وكان الانسان أكثر شىء جدلا " فان ذلك يقتضى كون الانسان يعشق الجدال والقيل والقال ولكن كما يقول ديورانت " الحقيقة تشوهها حدة الجدل " فعندما يندرج الحوار الى مستوى حاد وألفاظ نابية وأساليب متدنية فعليك الانسحاب فورا خاصة أن الكثير منهم لا يستحق الالتفات اليه

ومن الطباع السلبية للانسان نكران النعمة والتمرد على صاحبها فاذا أنعمنا على الانسان أعرض ونئا بجانبه فكم من شخص قد تحسن اليه ثم بعد أن يتقلب فى جنبات النعم والشعور بالراحة يجحد بهذا الاحسان بلا أى ندم أو خاطرة تأنيب ان لاعب النادى الذى يضع شروطا قاسية للتوقيع كانت أمنيته الكبرى فى الماضى أن يصافح مدرب الفريق لذلك كان القول القرآنى " ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة " فيذكرهم بحالهم وقتها حتى لا يسكر النصر العقول وعندما تنزل بالانسان نازلة موجعة أو يطارده خطب فانه يلجأ الى التزلف والتودد بكافة السبل ويطرق كل الابواب المتاحة ثم اذا نكشفت وتلاشى تأثيرها مر كأن لم يكن قد ألم به شىء فاذا مس الانسان الضر يدعو ربه قائما وقاعدا وفى كل موضع وشكل فاذا مضى مضت معه هذه الحالة الاستثنائية
ومن الطباع السلبية للانسان التفاخر والتعالى على المحيطين "وتفاخر بينكم فى الاموال والاولاد "

وكذلك الهلع والجزع والشح فالطبيعة الانسانية تميل الى الحرص على المال وعدم التفريط فيه ومساعدة المحيطين الذين تجلدهم الحاجة بلا ترفق " ان الانسان خلق هلوعا اذا مسه الشر جزوعا واذا مسه الخير منوعا " وعندما يسلك الانسان فى حياته طريقا مخالف لتلك الطباع السلبية فانه يشعر بالنشوة الروحية ولذة نقية صافية وهذا هو ما شعر به روسو حين رفض المنتديات الباريسية التى تعنى بالمظاهر الفخمة الى حد كبير فشعر بنشوة ظنها تلك الطبيعة الانسانية الاصلية ولكن فى الواقع تصرفه هذا كان مخالفا لتلك الطبيعة فشعر بتلك النشوة

اذن فالطبيعة الانسانية المجردة بلا تأثير من عوامل بيئية أو اجتماعية أو ثقافية تتكون من ..فطرة تعتقد بوجود معبود وخالق.... وغريزة جنسية مرتبطة باللذة والتكاثر.... وجملة من الطباع السلبية المرذولة

انها ذلك القالب الذى تم قولبة كل البشر عليه وهو يشبه نقطة البدء فى سباقات العدو انها نقطة بدء واحدة وبعد ذلك تراكم التصرفات والافعال يزيد من قيمة تلك الطبيعة أو ينتقص منها يعلى من شأنها أو يهوى بها بلا شفقة
ان الطبيعة الانسانية فى حد ذاتها ليست قيمة ولكن لها دلالة فعندما ترى مخلوقا اسمه الانسان وسط المخلوقات الاخرى فهذا يعنى أنه الوحيد الذى يملك حرية الاختيار وتحديد الطريق الذى يرتضى الخوض فيه اما الخير واما الشر اما شاكرا واما كفورا
ان الطبيعة الانسانية تعنى حرية الاختيار
ولكننى أعود وأتفق مع روسو فى نقطة وأخالفه فى أخرى فهو عندما اقترح الاطار السياسى الذى تعيش فيه الانسانية اقترح نظاما " يضع القانون فوق الناس لأنه بمجرد أن يكون القانون خاضعا للناس ورغباتهم فلن يبقى الا عبيد وأسياد والدولة نفسها تتفكك ويضل شر القوانين خيرا من أفضل الاسياد ولكن عندما يسود القانون وحده فكلهم يطيعون ولا يبقى شخص يأمر حينذاك يكون الشعب حرا انه يطيع ولكنه لا يخدم أحدا انه يطيع القانون ولا شىء سوى القانون ولكن من سيسن القانون من الذى سيشرع انه لا يمكن أنت يكون شخصا واحدا لانه سيضع الشعب كله تحت سيطرة فرد قد تتعارض مصالحه الشخصية مع مصلحة المجموع

لكن تشريع القوانين يكون بواسطة الشعب كله " فقد كان روسو يرفض المجالس النيابية لسهولة شرائهم ولكن وهنا نقطة الخلاف ان الاغلبية قد يتم خداعها بسهولة من خلال أكاذيب أو بث اشاعات خاصة أنهم ألاكثرية أقل علما وثقافة فلا بد أن تكون المنظومة التشريعية من قوة ذات حكمة مطلقة وعلم مطلق لا تتبع الاهواء
ان وجود منظومة تشريعية مستقلة يخضع لها الجميع بلا تمييز هذه هى الغاية السليمة وحق الانسانية الاعظم

ليست هناك تعليقات: