clavier arabe

الأربعاء، 28 يوليو 2010

قراءة فى ملف حركة يوليو

فى التاسعة صباح يوم السبت التاسع من أغسطس عام 1941 فى خليج بلاسنتينا فى جزيرة نيوفونلاند كان هذا اللقاء الفارق بين الرئيس الامريكى روزفلت ورئيس الوزراء البريطانى ونستون تشرشل لوضع مبادىء العمل المشترك وفى اليوم التالى يوم الاحد وفى قداس دينى مهيب كان القس الامريكى والبريطانى يتلوان الصلوت وينشدان التراتيل وتشرشل وروزفلت فى حالة خشوع كان نشيد الى الامام يا جند المسيحية يحرك المشاعر ويلهبها واختتم القداس بقولهم "يا رب يا مجيرنا فى الايام السالفة ...."
ثم بعد ذلك خرج الاتفاق المشترك على أن تنال شعوب العالم حق تقرير المصير وألا تلجأ الى استخدام القوة لتحقيق دوافع واقعية أو روحية والذى ظهر بعد ذلك فى اطار مؤسسى هو الامم المتحدة
وفى نوفمبر عام 1943 كانت دفة الحرب كلية قد تغيرت بعد معركة العلمين وبات نصر الحلفاء قريبا حدث اجتماع آخر فى فندق مينا هاوس بالقاهرة كما يحكى روبير سوليه فى كتابه مصر ولع فرنسى الصادر عن مكتبة الاسرة انه فى اليوم الثالث وقف روزفلت وتشرشل وأطلا من نافذة فندق مينا هاوس بالقاهرة ليجدا مفاجآة الاعلام الفرنسية ترفرف فوق الاهرام ويقول سوليه ان فدائيين مجهولين قاموا بتعليقها وما زالوا مجهولين

بغض النظر عن اؤلئك المجهولين المعروفين فان الامر يعنى ببساطة انتصار قيم الثورة الفرنسية على قيم النازية وكان اعلان النصر من فوق الاهرامات المصرية ذات التاريخ العريق والاثر الروحى عند الغرب

لقد استفر فى العقل الغربى أنه بعد اندحار النازية أن تعطى شعوب العالم حق تقرير المصير وتسود قيم الغرب العالم ويشاع السلام فى كل أرجاء المعمورة وخرجت الامم المتحدة تجمع تلك الممالك وفق تلك القيم
ويتم تسليم السلطة فى المستعمرات لأنظمة تشيع تلك القيم فلا أريد لاحد أن يزعم بوجود ثورة أوحركات تحرر مباركة فكل هذا طبل فارغ ودعاوى كاذبة ولكن هل الغرب أعطى الشعوب فعلا حق تقرير المصير
وهل أشاعت هذه الانظمة تلك القيم حتى وان اختلفت على سبل تحقيقها
لاحظ انه كان هناك اجتماع لمحمد نجيب مع السفيرين الانجليزى والمريكى فى مارس 1952قبل أحداث يوليو بأربعة أشهر وكالعادة لا ندرى ماذا دار فى هذا الاجتماع الذى تمخضت عنه حركة الجيش فى يوليو
ان اشكالية محمد نجيب الحقيقية أنه صدق دعاوى الغرب عن نظم الحكم وارساء قيم العدالة ونسى هذا الحالم أن الشعارات شىء والممارسة شىء آخر وعندما تدير ظهرك للكاميرات عليك أن تغير القناع انهم يسمون اولئك القوم الذين يقومون بهذا التدليس البشع "رجال السياسة " ولا أدرى على أى الكلمتين أتحفظ
لذلك عندما أراد نجيب للجيش أن يعود و أن يعطى الشعب فعلا حق تقرير المصير ويتنسم نسائم الحرية الغائبة أعفى من منصبه ان الغرب كله مدين بالاعتذار لهذا الرجل
لنر ماذا يقول سوليه عن حركة يوليو "فى السابعة من صباح 23 يوليو أعلن شخص يدعى أنور السادات أن ضباطا مصريين استولوا على الحكم "واننى حريص بشكل خاص على طمأنة الاخوة الاجانب بأن الجيش يعتبر نفسه مسئولا مسئولية كاملة عن أمن أشخاصهم وممتلكاتهم ومصالحهم "
ثم يجدثنا أن فرنسا كانت غائبة عن هذا المشهد فذوى الثقافة الفرنكفونية من هؤلاء الضباط يعدون على أصابع اليد ثروت عكاشة وعلى صبرى وحسين صبرى ثم يقول " ويشيع أجواء من الطمأنينة عند الفرنسيين والاجانب وجود رجل طيب مثل محمد نجيب وزياراته المتكررة للكنائس وتصريحاته الكاشفة عن التسامح وقد نجح فى الغاء الرقابة والقانون العرفى قبا بضعة أسابيع من اعفائه فى نوفمبر 1954 وعتدما تولى السلطة جمال عبد الناصر كان المتفائلون يجدون ما يطمئنهم ألا يقوم عبد الناصر بمقاومة الاخوان المسلمين وحظر حركتهم وقبض عليهم بالجملة "
اننا اذا كنا نريد الحقيقة فلا بد أن نكون صادقين مع أنفسنا ونتساءل بجسارة لا تحتمل التراجع هل تنظيم الضباط الاحرار كان حركة فكرية أم مجرد حركة عسكرية قامت بالاستيلاء على السلطة بالتوافق مع الانجليز وقامت بالتنكيل بكل تيارات الشعب ومؤسسات الدولة
لقد كان عبد الناصر ورفاقه يديرون مصر وكأنها ثكنة من ثكنات الجيش على الجميع أن يذعن دون تفكير لأن حماقة المعارضة ذات فاتورة باهظة وعواقب ملتهبة لذلك أعجبنى للغاية ما أورده جورج كورم ونقله عنه سوليه بأن الناصرية فقط ظاهرة صوتية وليست أيديولوجية قائمة بذاتها حيث يقول "يجسد عبد الناصر جسارة عامة شعب القاهرة الذى يعانى فى فقره وعزلته من زهو وبذخ أؤلئك الباشاوات المنتمين للبرجوازية الكبيرة ويشعر بارتياح شديد فى مواجهة المستعمر ويقتسمون معه السلطة والثروة ففى صوت هذا الخطيب منقطع النظير يرى الشعب نفسه كأنه يتحدث ليست الناصرية عقيدة سياسية لا فلسفة اجتماعية انها بكل بساطة هذه الطريقة فى التعبير حيث يقوم قيصر صغير قليل الخبرة ومنحدر من شعب حائر ثقافيا بالتفكير بصوت عال أمام عامة الشعب باللغة الاكثر بساطة "
ان كل ما فعله تنظيم الضباط الاحرار هو اشاعة أساليب البطش والقمع فى المنطقة والتى يدفع ثمنها الآن كل العالم

ليست هناك تعليقات: