clavier arabe

الثلاثاء، 31 أغسطس 2010

أ خطاء الحضارة الغربية

من المدن الايطالية فى العصور الوسطى بدأ الوميض  الحضارة الرومانية المعاصرة توقد شعلتها انها حضارة حديثة تختلف عن ماضيها القاتم فالعقلية الرومانية فى الماضى كانت عقلية عسكرية فى الاساس لم تضف للعلم شيئا فتراجع العلم الاغريقى بشدة وتدهور تحت رايتهم
فالعلم مادة تراكمية  كل حضارة تضفى جزءا  الى سابقتها  ولكن الحقبة الرومانية كانت عقيمة الا من بعض الخطباء كشيشرون ولكن  حدث الزلزال وخرج المسلمون للعالم وانحنى العالم اليهم   فاستضاء بتنظيم اجتماعى راق  بين الاجناس دون تمييز ونهم للمعرفة لا يعرف الفتور ورغبة محمومة فى نشر الخير للبشرية جمعاء دون توقف  فكانوا هم أول من جعل العلم عالميا انه ملك لكل الخليقة
فأشعل فى الغرب  المهزوم الغيرة والرغبة فى دخول الحلبة من جديد  وتلك طبيعة النفس البشرية
وكان  الطبقة الوسطى والتى يشكلها تجار الصيارفة واصحاب المصانع فى ايطاليا بداية الشرارة
 حيث تزايدت الثروة فى ايديهم ورغبة منهم فى تحسين المنتجات ووقت الفراغ الذى نتج عن هذه الثروة دفعهم للتفكر فى المزيد
يقول ج.ج. كراوثر الكاتب الانجليزى فى كتابه قصة العلم والصادر مترجما عن مكتبة الاسرة انه حدث فى ايطاليا شىء مهم
"كان تزايد الثروة ذا أثار شتى من ضمنها أثران لهما أهمية عظمى ذلك أن أرباح التجارة والتصنيع جعلت الناس أكثر انكبابا على تحسين العمليات الفنية الاساسية لهم والثروة المتنامية أتاحت مزيدا من الفراغ للتأمل فى سائر العمليات الطبيعية والاصطناعية " اذن الرغبة والفراغ االبناء هما مفتاح أى تقدم

وانطلقت القاطرة لم يستطع أحد ايقافها انطلقت بسرعة تتزايد وتيرتها قرنا بعد آخرينظر اليها الجميع بذهول واعجاب و....انسحاق ايضا  وكان فلاسفة الثورة الفرنسية قد قاموا بوضع الاطارالاجتماعى و السياسى لهذا التشكل العالمى الجديد  أخوة عالمية لا تعرف العصبية الضيقة
ولكن كان هنالك خطآن بالغان وقعت فيهما تلك الحضارة المندفعة  بلا كوابح الاول هو اساس التنظيم الاجتماعى العالمى فالنظام العالمى  قائم على المصالح الاقتصادية المشتركة وتشابك العلاقات التجارية  المعقدة و ليس على مجموعة قيم ومبادىء أخلاقية استنادا الى مقولة البعض "انظر الى مدينة البندقية هناك يتاجر الجميع المسلم والمسيحى واليهودى الكافر هناك من لا يمتلك مالا "
 انه تعريف جديد للكفر وهذا خطأ كبير ولتنظر الادارة الامريكية الى تلك الوجوه التى تجالسها فى الامم المتحدة وجوه مسئولى الحكم فى العالم الآخر هل تعرف معنى القيم والمبادىء هل تعرف معنى تنظيم اجتماعى له رسالة حضارية انهم سارقو ثروات الشعوب

الخطأ الثانى هو عدم وجود ألية لمحاسبة السلطة الحاكمة ان أمريكا تقود العالم وتزعم أنه ملتزمة بمجموعة من القيم والمبادىء نحوه فمن الذى يحاسبها على مدى وجدية هذا الالتزام
ان الرب سبحانه لم يترك الانبياء أنفسهم دون محاسبة فهاهو نبى الله داوود والذى تحول من راعى غنم الى ملك يرسل اليه المولى خصمين تسوروا المحراب أدرك داوود أن الامر اختبار من الله له ومراقبة لأحكامه فخر راكعا وأناب وسليمان اختبر ومحمد رسول الله أتاه جبريل من السماء فى صورة رجل يجالس أصحابه يسأله عن الاسلام عن الايمان عن الاحسان لم يترك الرب الامور لأنبيائه هكذا " ولو تقول علينا بعض الاقاويل لأخذنا منه باليمين " اذن فما وقعت فيه الحضارة الغربية من أخطاء هو ان التنظيم الاجتماعى بين دول العالم القائم على المصلحة الاقتصادية التى ان انتفت انهارت معها اركانه والثانى أنه وضعت نفسها فوق المساءلة
ان السلطة الحاكمة التى تضع نفسها فوق المساءلة القضائية انما تنقش بأصابعها أسطر النهاية

ان السلطة القضائية فى أى دولة وهذا هو الخطأ الذى تم عبر التاريخ يجب أن تنقسم الى مؤسستين احداهما تفصل فى النزاع بين المواطنين فى المجتمع والثانية تفصل فى النزاع بين المواطنين والسلطة الحاكمة يجب أن تكون مؤسسة مستقلة بذاتها لا تكون القضايا بين المواطنين والدولة حالات فردية تقدم على سبيل الدعاية فى الغرب ولا تترك هكذا الامور كما حدث عبر التاريخ تبعا لأخلاقيات السلطة كما فى الخلافة الراشدة أوالحالة المزاجية للحاكم فى الصباح الباكرفى الانظمة الجائرة بل مؤسسة ذات كيان واضح لترسخ فكرة الحق لدى الرعية ولدى نفوس الاجيال الناشئة
 فلكل فرد حقوق يجب ان يعرفها ويدافع عنها وألا تتعرض للاهمال والتآكل عبر الزمن  
ولنوضح فكرة الحق قليلا كما يقول برنار غروتويزن فى كتابه فلسفة الثورة الفرنسية "اننى أعيش وأتنقل هنا وهناك وأتغذى وأتحدث وأبرم عقودا مع أناس آخرين ان هذا كله مشروع ولعمرى لا أشعر لدى كل تصرف من هذه التصرفات بأنى أمارس حقا ولكن ما ان يخطر ببال أحد أن حقى قد هضم حتى أشعر بحقى الطبيعى فى الحرية فان كان من حقى أن أعيش وأن أتكلم وأن أتغذى فليس ذلك بمقتضى قانون ما ان للحق المكان الاول وأما القانون فيأتى بعده "
اذن فالحق يأتى قبل القانون  وما وضعت القوانين الا لحماية الحقوق وليس للتعدى عليها


-










الاثنين، 23 أغسطس 2010

تجديد الخطاب الدينى

يرى روسو فى كتابه :العقد الاجتماعى أن منظومة الاخلاق المسيحية غير مناسبة لتكوين الدولة وذلك لو أن المسيحى أخذ عقيدته على محمل الجد فانه لن يقيم هما للدنيا ولن تكون لها عنده وزنا يذكر فالآخرة هى جل هدفه وهو بذلك يكون مواطنا ضعيفا ومثل هذا المسيحى يكون جنديا وسطا فهو لا يقاتل الا دفاعا عن وطنه واذا فعل يكون تحت اكراه واشراف مستمرين وهو لا يشن الحرب دفاعا عن الدولة لأن له وطنا واجدا هو الكنيسة والمسيحية تبشر بالعبودية والتبعية الطيعة ومن ثم فان روحها مواتية للاستبداد ويرحب الطغاة دوما بالتعاون معها ان المسيحيين الحقيقيين -والكلام لروسو- خلقوا كى يكونوا عبيدا ولكن الدولة فى حاجة الى الدين ولا بد من وجود دين تفرضه الدولة على مواطنيها بوجود اله قوى قادر ويعذب فى الاخرة ويهب السعادة للطيبين
وبذلك يكون روسو قد خالف كل الفلاسفة الذين هاجموا العقيدة المسيحية انه لا يرى بأسا من الايمان بأى دين ولكنه هاجم منظومة الاخلاق التى ترسخ لمخالب الحكم القاسى الذى لا يعرف للعدل سبيلا وتكون أداة مريحة للتسلط على البشر دون محاسبة
ولكن منظومة الاخلاق الاسلامية الوضع فيه ليس هكذا تماما فمنظومة الاخلاق الاسلامية تدور حول محورين لا ثالث لهما الاول مرتبط بالتنظيم الاجتماعى
والذى يضع الاساس المتين للعلاقات بين الافراد لا يؤمن أحدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه علاقة الجار بجاره حق المسلم على أخوته المحور الثانى فى هذه المنظومة الاخلاقية علاقة هذا التنظيم الاجتماعى برأس السلطة فهى ليست سلطة تحوطها هالة مقدسة فقد انتهى الوحى واكتمل الامر ولم يعد هناك جديد لذلك فهى علاقة مشروطة السمع والطاعة يكون فقط فى المعروف فاذا كان الامر ليس كذلك انفرط عقد الطاعة قد يحدث تنازل عن التجاوز فى حق الفرد من أجل المصلحة الجمعية رغم وجوب وجود منظومة قضائية تعيد الحق لمن وقع فى حقه هذا التجاوز ولكن حين يكون الامر الصادر من رأس السلطة مخالفا للتعاليم التشريعية المستقلة المنزلة فلا يكون هنالك سمع ولا طاعة ويجب على التنظيم الاجتماعى عدم التعاون مع السلطة فى هذا الامر ان قوله لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق هو ميثاق الحرية الاوفى
ودرة العقد الاجتماعى الاسلامى المتلألئة
ولكن نظم الحكم المتسلطة بدلا من السعى الحثيث نحو العدالة والاستجابة للارادة الجمعية اذا بها تأتى مسلكا آخر فقامت ببث الانقسامات بين الافراد واثارةلهيب الفرقة بين التنظيم الاجتماعى و تنغيص التوافق الاسرى حتى تمنح لاقدامها موطئا تستند عليه
وعلى ذلك فان المنظومة الاخلاقية الاسلامية تطالب بالتصدى لحياة الاستبداد الكئيبة التى تقتل البهجة فى الحياة وتحيل حياة البشر الى مرار أينما تولى وجهك تتجرعه وتأمر بعدم الرضوخ لأنياب الظلم الجارحة ولا تقبل التكيف والتوافق معها بل تضع اطارا يحدد كيفية مواجهتها بشموخ لا يعرف التردد ان أحد أسباب الفتوحات الاسلامية هى تحرير البشر من قيود العبوديةالتى رسختها النظم الحاكمة وسلطان الجور والانتقال الى خانة الاحرار تلك الانظمة التى أحاطت نفسها باكليل مقدس حتى تضمن لنفسها الطاعة والاستمرارية ان أى نظام حكم يسود العالم ولا يحقق العدالة سيدخل حتما فى صراع مع منظومة الاخلاق الاسلامية التحررية

ان الخطاب الدينى فى حاجة الى التجديد بحيث يبصر المواطنين بحقوقهم لدى السلطة التى كفلها لهم الشرع وليس بالتركيز على مفاهيم منقوصة وغير صحيحة فالتسامح لا يكون الا عن قوة والعفو لا يكون الا بعد المقدرة اما عدا ذلك فهو عجز ممقوت ذل ومسكنة رفضهما الاسلام وأيقظ فى الجموع شعلة التحرر وتحمل العواقب الناتجة عنها لم يجعل الرضا بالهوان صبرا با الصبر أن تتحمل تجاوزات السلطة الجائرة لقد جعلوا القوة مرادفا لسوء الاخلاق فالرسول فى الفترة المكية كان مستضعفا ولكنه كان يملك قوة الكلمة التى تفرق بين الطريق الاصوب والطريق الخاطىء طريق الارتقاء الى نور السماء وطريق التردى والانحدار نحو المجهول رفض الحلول الوسط أوضح الحقيقة جلية بلا ذرة شائبة وابى أن يسمح للامور أن تختلط وللحقيقة أن تتلوث ان الحقيقة الملوثة أخطر من الباطل الصريح
لقد أطلقها روسو صيحة جريئة فى الفصل الاول من كتابه العقد الاجتماعى "ولد الانسان حرا وهو فى كل مكان مكبل بالأغلال " ولكن الاسلام يا روسو جاء ليرفعها عنه

الاثنين، 9 أغسطس 2010

قطرات من رحيق المعرفة


- كان جامعو الضرائب الرومان ودائما يتميزون بالجشع الشديد وكانوا يثقلون كواهل الرعية بما لايطاق حتى أوشك لهيب الجوع الحارق على الصراخ فى الولايات اجمعها فأرسل الامبراطور تيبريوس رسالته الشهيرة الى عامله على مصر ايميلوس لتكون تعبيرا صادقا لا يعرف الكذب عن هذا الوضع البائس "اريدك أن تجز غنمى لا أن تسلخها "

- لا أدرى لماذا يثير حديث الذبابة كل هذه الضجة فلو أدرك المتجادلون تفاصيل الحياة اليومية للعرب وقتها لفهموا دون تلك الترهات اللفظية تخيل معى أن امرأة قامت بحلب ناقتها فى اناء والذى يمثل لها هذا الحليب طعامها الاوحد الذى تقتات منه وأطفالها أو رأسمالها الذى تبيعه فى السوق ثم وقعت فيه ذبابة ترى هل تسكبه وتطرحه أرضا ويضيع جهدها وطعام أولادها أم تبحث عن حل آخر لم تكن قارورة باستير قد ظهرت بعد ..تخيل أن جارية ذهبت الى البئر فى بيئة صحراوية الماء فيها شحيح وقد كان يباع أيضا ووفى أثناء عودتها باناء يحمل الماء وقعت فيه ذبابة أتلقى به هكذا سهلا يسيرا وتعود الى البئر من جديد أم تفعل كما أمرها نبى الاسلام بل دعنى أتجاوز متاريس الاحداث وأقفز بك الى عالمنا المضطرب لو أن موظفا قد أثابته لوثة فى عقله ومر فى طريق عودته واشترى كيلو من اللحم بعد ان افتقده الجزار فترة طويلة ودخل المنزل وسط أغاريد الزوجة وصراخ الاطفال المشبع بالبهجة وقامت تلك المبهورة بتقطيع اللحم ووضعه فى اناء ولكن وقع فيه ومرقه ذبابة ترى أتلقى به سيلقى بها زوجها من أقرب نافذة ان الامور ليست كما يراها المتعالون بل دعنى أتجاوز حدود اللياقة قليلا لو أن أحد المنتقدين جاءته زجاجة خمر من اوروبا من النوع الفاخر الذى يأتى بتوصية خاصة ثم تجمعمعه الاصدقاء فى جلسة مرح عابث وبعد أن قام بفتحها سبقتهم اليها ذبابة حاقدة ورشفت رشفة ولم تستطع أن تقاوم فسقطت المسكينة هل سيلقون بالزجاجة الفاخرة هكذا أم سيتظاهرون بأن شيئا لم يحدث انها فرصة قد لا تتكرر

-نأتى الى حديث آخر وهو الخاص بارضاع الكبير لقد كان يجرى فى المدينة فى تلك البقعة الرائعة فى عشر سنوات أكبر عملية تشريعية فى التاريخ حيث يتم تغيير روح المجتمع وصبغه بصبغة أخرىيتم بناء مجتمع ودولة على روابط جديدة وتشريعات لم يعتادوا عليها فكان الغاء التبنى والمعروف أنه فى أى قانون صادر أن يكون هناك ما يعرف بالاوضاع القديمة التى تخضع لما يعرف بتوفيق الاوضاع لطى صفحة الماضى تماما فمثلا لو أصدرت الحكومة قرارا بمنع البناء على الاراضى الزراعية وكانت هناك بناءات قديمة قد تمت بالفعل فكيف يكون التصرف حيالها يكون ما يعرف بتوفيق الاوضاع فاذا كانت بنايات كثيرة يتم التصالح مع الحكومة ودفع الغرامات المالية المقدرة أما اذا كانت قليلة تقوم الحكومة بهدمها وتعويض الاهالى وهذا ما حدث فى حالة سالم مولى حذيفة انه أحد الاوضاع القديمة القائمة الذى أعطى رخصة لغلق هذا الملف تماما ملف التبنى ولا أعرف من هؤلاء المسرفون المتلاعبون الذين توسعوا في الامر حتى يشمل الموظفين والخدم

- عند افتتاح قناة السويس فى مصر عام 1869 حدث فى مصر مشهدين لهما دلالة بالغة على اختلاف منظومة الحكم بين الشرق والغرب هذا وان كان نظام الحم فى الشرق وقتها هو افراز الحملة الفرنسية على مصر التى رسخت الدفاع عن مصالح فرنسا وليذهب أصحاب الارض الى الجحيم فالامبراطورة أوجينى استقلت قطارا خاصا مع الخديوى اسماعيل الى القاهرة ولم تتوقف فى الاسكندرية هنالك ثارت الجالية الفرنسية هناك وخرجت صحيفة لو بروجريه اجيبسيان تقول "انا السياسشة التى أغلقت مدافع البهجة وهى التى أطفأت الفوانيس كم من المهات قمن بتلبيس بناتهن الصغيرات وكم من النساء قمن بتجربة انحناءات التقدير أمام المرآة وكم من الرجال قاموا بتجريب ملابسهم وأربطة أعناقهم " بعد ثلاثة أسابيع من الزيارة قامت المبراطورة باصلاح الخطأ وتوجهت الى الاسكندرية المشهد الثانى طلبت الامبراطورة من الخديوى أن ترى حفل زفاف مصرى فأجابها "يا لها من مصادفة سعيدة يا صاحبة الجلالة يقام الليلة بالتحديد حفل عرس فى القصر وسرعان ما استأذن الامبراطورة فى الانصراف واستدعى موظف شاب فى القصر وقال له "انت ستتزوج هذا المساء " بل هناك رواية يرويها بجدية المقربون من القصر الخديوى "هل تعرف لماذا فى شارعه الهرمك المقام بمناسبة الافتتاح انعطاف شديد فى مكان معين ذلك لأن اسماعيل الذى سيجلس بجوار الامبراطورة يتمنى رؤيتها وهى تتأرجح بين ذراعيه " روبير سوليه كتاب مصر ولع فرنسى " يبدو أن مصالح البلاد يجب أن تكون موظفة جيدا لتدليل الحاكم وزواره

- نظرا لأن المولى سبحانه وتعالى له القوة المطلقة فهو لا يخشى سيئا لا يخاف عاقبة شىء وتبعات أى أمر "فسواها ولا يخاف عقباها " ولكن نظرا لأنه كذلك فهو لا يؤاخذ الناس بما كسبوا ولا يعجل لهم العذاب بل يمهلهم وينذرهم "ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك علي ظهرها من دابة "
يقولون فى السياسة عندما يزول الخطر تتصدع الاحلاف وأنا أقول وعندما يتزايد الخطر أيضا تتصدع الاحلاف وتتقطع الروابط ويتبرأ الجميع من الجميع فالخطر محدق يحاصر الكل ويصبح الذين يناصر بعضهم بعضا تحت راية الباطل يتنكرون لبعضهم تحت قوة الحق ألم تقرأ قوله تعالى "ولو يرى الذين ظلموا اذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب اذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الاسباب "
- عزيزى القارىء أستأذنك فى العودة الى اجازتى والعودة فى منتصف أكتوبر بمشيئة الله تعالى

الأربعاء، 4 أغسطس 2010

الطبيعة الانسانية

فى فصل بعنوان "روسو غريب بين البشر" يقول برنار غروتويزن فى كتابه "فلسفة الثورة الفرنسية "
عارضا أفكار جاك جان روسو
" يجب أن نبحث عن الانسان الطبيعى فى التى كان عليها تركيبه الاصلى لنتخيله قبل أن يدخل فى الحالة الاجتماعية لقد كان يحب نفسه لأن عليه أن يعنى ببقائه فالشعور المهيمن عليه هو الحب فهو ليس الا دماثة ولطف ولم تتسرب المشاعر الحاقدة الا فيما بعد فهى ليست دزءا من طبيعته ولا من روحه ولم ينحوا حبه لنفسه الى أنانية الا عندما بدأ يقارن نفسه بالآخرين ويرى فيهم مزاحمين له والا عغندما كان عاجزا عن تقييم نفسه الا بالقياس على الآخرين عندئذ أصبح الاهواء الدنيئة مسيطرة عليه بمحاولته التعالى على الآخرين واستولى عليه الحقد وسوء النية فدفع بالانسان الى أن يدعى لنفسه شأنا أكبر من شأن أى انسان آخر أما الانسان الطبيعى فهو على خلاف ذلك "
هل فعلا الانسان على شاكلته الاولى ذا طبيعة سوية وجوهر شفاف ولا تتسرب اليه الطباع السلبية الا بعد الاحتكاك بالآخرين والالتقاء بهم فى دهاليز الحياة أما أن هناك طباعا سيئة
هى حقا من تركيبته
عندما تسمع لفظ الانسان فى القرآن فاعلم أنه يتحدث عن الطبيعة الانسانية فى تركيبها الاصلى وحالتها الحقيقية فعندما يقول سبحانه وتعالى " خلق الانسان من عجل " فهذا يعنى أن الطبيعة الانسانية تميل الى التعجل فى الوصول الى النتائج وقطف الثمار وعدم الصبر على وعورة الطريق و مرارة الانتظار ويكون المحبذ عندها هو نقيض تلك الصفة وهو التأنى وعندما يقول سبحانه "وكان الانسان أكثر شىء جدلا " فان ذلك يقتضى كون الانسان يعشق الجدال والقيل والقال ولكن كما يقول ديورانت " الحقيقة تشوهها حدة الجدل " فعندما يندرج الحوار الى مستوى حاد وألفاظ نابية وأساليب متدنية فعليك الانسحاب فورا خاصة أن الكثير منهم لا يستحق الالتفات اليه

ومن الطباع السلبية للانسان نكران النعمة والتمرد على صاحبها فاذا أنعمنا على الانسان أعرض ونئا بجانبه فكم من شخص قد تحسن اليه ثم بعد أن يتقلب فى جنبات النعم والشعور بالراحة يجحد بهذا الاحسان بلا أى ندم أو خاطرة تأنيب ان لاعب النادى الذى يضع شروطا قاسية للتوقيع كانت أمنيته الكبرى فى الماضى أن يصافح مدرب الفريق لذلك كان القول القرآنى " ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة " فيذكرهم بحالهم وقتها حتى لا يسكر النصر العقول وعندما تنزل بالانسان نازلة موجعة أو يطارده خطب فانه يلجأ الى التزلف والتودد بكافة السبل ويطرق كل الابواب المتاحة ثم اذا نكشفت وتلاشى تأثيرها مر كأن لم يكن قد ألم به شىء فاذا مس الانسان الضر يدعو ربه قائما وقاعدا وفى كل موضع وشكل فاذا مضى مضت معه هذه الحالة الاستثنائية
ومن الطباع السلبية للانسان التفاخر والتعالى على المحيطين "وتفاخر بينكم فى الاموال والاولاد "

وكذلك الهلع والجزع والشح فالطبيعة الانسانية تميل الى الحرص على المال وعدم التفريط فيه ومساعدة المحيطين الذين تجلدهم الحاجة بلا ترفق " ان الانسان خلق هلوعا اذا مسه الشر جزوعا واذا مسه الخير منوعا " وعندما يسلك الانسان فى حياته طريقا مخالف لتلك الطباع السلبية فانه يشعر بالنشوة الروحية ولذة نقية صافية وهذا هو ما شعر به روسو حين رفض المنتديات الباريسية التى تعنى بالمظاهر الفخمة الى حد كبير فشعر بنشوة ظنها تلك الطبيعة الانسانية الاصلية ولكن فى الواقع تصرفه هذا كان مخالفا لتلك الطبيعة فشعر بتلك النشوة

اذن فالطبيعة الانسانية المجردة بلا تأثير من عوامل بيئية أو اجتماعية أو ثقافية تتكون من ..فطرة تعتقد بوجود معبود وخالق.... وغريزة جنسية مرتبطة باللذة والتكاثر.... وجملة من الطباع السلبية المرذولة

انها ذلك القالب الذى تم قولبة كل البشر عليه وهو يشبه نقطة البدء فى سباقات العدو انها نقطة بدء واحدة وبعد ذلك تراكم التصرفات والافعال يزيد من قيمة تلك الطبيعة أو ينتقص منها يعلى من شأنها أو يهوى بها بلا شفقة
ان الطبيعة الانسانية فى حد ذاتها ليست قيمة ولكن لها دلالة فعندما ترى مخلوقا اسمه الانسان وسط المخلوقات الاخرى فهذا يعنى أنه الوحيد الذى يملك حرية الاختيار وتحديد الطريق الذى يرتضى الخوض فيه اما الخير واما الشر اما شاكرا واما كفورا
ان الطبيعة الانسانية تعنى حرية الاختيار
ولكننى أعود وأتفق مع روسو فى نقطة وأخالفه فى أخرى فهو عندما اقترح الاطار السياسى الذى تعيش فيه الانسانية اقترح نظاما " يضع القانون فوق الناس لأنه بمجرد أن يكون القانون خاضعا للناس ورغباتهم فلن يبقى الا عبيد وأسياد والدولة نفسها تتفكك ويضل شر القوانين خيرا من أفضل الاسياد ولكن عندما يسود القانون وحده فكلهم يطيعون ولا يبقى شخص يأمر حينذاك يكون الشعب حرا انه يطيع ولكنه لا يخدم أحدا انه يطيع القانون ولا شىء سوى القانون ولكن من سيسن القانون من الذى سيشرع انه لا يمكن أنت يكون شخصا واحدا لانه سيضع الشعب كله تحت سيطرة فرد قد تتعارض مصالحه الشخصية مع مصلحة المجموع

لكن تشريع القوانين يكون بواسطة الشعب كله " فقد كان روسو يرفض المجالس النيابية لسهولة شرائهم ولكن وهنا نقطة الخلاف ان الاغلبية قد يتم خداعها بسهولة من خلال أكاذيب أو بث اشاعات خاصة أنهم ألاكثرية أقل علما وثقافة فلا بد أن تكون المنظومة التشريعية من قوة ذات حكمة مطلقة وعلم مطلق لا تتبع الاهواء
ان وجود منظومة تشريعية مستقلة يخضع لها الجميع بلا تمييز هذه هى الغاية السليمة وحق الانسانية الاعظم