clavier arabe

الأربعاء، 15 يونيو 2011

حيث تجتمع النسور

"حيث تجتمع النسور " قصة قصيرة
فى ليلة يزين فيها اكتمال القمر جبين السماء وحفيف الأشجار يوقظ الاعين المتثاقلة تجعل الارق هو الزائر الاوحد لهذا الليل ولكنهم جميعا ... كانوا فى انتظار زائر آخر كان واقفا مع مجموعة من الرفاق ذوى أعين حادة تنظر من خلال لثام يغطى الوجه يعرفهم كلهم الا شخصا واحدا انضم الى المجموعة فى اللحظات الأخيرة الجميع فى انتظارها أن تجىء

يعود بالذاكرة ستة أشهر الى الوراء على مقعد وثير فى شقة فاخرة فى لندن كان يجلس يتناول شراب التفاح بجواره صديقته الايطالية , كان يقلب فى قنوات التلفاز , ثمة خبر عاجل طائرات معادية تدك عاصمة بلاده بلا رحمة المبانى تتحول الى كومة أشلاء مبعثرة لا يدرى هل هو حطام المبنى أم ذاك حطام الوطن , أعمدة الدخان تتصاعد النيران تندلع فى كل مكان صديقته الايطالية تستأذن فى التوجه الى الحمام أذن لها دون أن ينظر اليها , الغارات تتواصل التيار ينقطع , الناس تهرع الى الملاجىء , تبحث عن ملاذ آمن, صديقته الايطالية تستأذن فى الانصراف أذن لها دون أن ينظر اليها الدماء تملأ الشوارع صرخات الاستغاثة تتصاعد أليس هذا هو الوطن الذى لفظه ودفعه الى الهجرة والهروب هاهو الآن يدمر كنتيجة حتمية لتصرفات نظام سياسى أهوج
توجه الى مقهى شهير فى لندن فى زاوية من المقهى يقابل صديقا له دفعته ريح الوطن النافرة هو الاخر الى الخروج بادره بالسؤال
- هل أفزعتك المشاهد الدامية التى بثتها وكالات الأنباء اليوم
الصديق : كلها أفزعتنى الا مشاهد الجنود وهم يفرون لقد كانوا أعمدة لنظام قمعى يعادى المواطنين, يكرههم
- حقا فقد كانت غاية النظام هو طرد كل العناصر المتميزة وكان لديه اصرار غريب على تفريغ البلاد من كل العقول المستنيرة رغم أن افلاطون كان يقول الاكفاء يجب أن يحكموا الا أن هؤلاء طردوا كل الكفاءات
الصديق : ان الامبراطورية الامريكية زرعت اسرائيل فى المنطقة وكما هو الحال مع العضو المزروع يتم اعطاء المريض عقاقير لاضعاف جهاز المناعة حتى لا يرفض العضو الجديد كذلك يجب تفريغ الدول المحيطة من كل الكفاءات حتى تبقى الدولة العبرية على قيد الحياة
- ولكن هل باع السياسيون الأوطان هكذا بكل هذه السهولة وهل بلغ التدنى الى هذه الدرجة
الصدسق: هذا أمر فكرت فيه كثيرا , انهم نماذج بشرية غرائزها الشخصية أهم من المصلحة العامة بكثير انهم تربوا فى فناء أم عامر
- ومن أم عامر تلك
الصديق : أم عامر هو حيوان الضبع معروف عنه الغدر وسوء الخلق, أحب أن أطلق هذا اللقب كثيرا على أروقة المخابرات
- أم عامر ....أحسنت , ولكن قل لى أيها الابن الضال ألا تنوى العودة الى الوطن هل سنترك المواطنين يواجهون مصيرهم القاسى بمفردهم
الصديق وهو يتلعثم : ما زلت أفكر ولم أتخذ قرارا بعد
- اذن سأمضى أنا.... لاتابع أخبار أبناء أم عامر الاخيرة

عاد الى شقته يقلب التلفاز ثمة خبر عاجل غارات جديدة ضحايا أمن الأطفال غارات تقصف مسجد العاصمة الكبير انه المسجد الذى شهد أيام الطفولة والصبا كم سمع فيه أصواتملائكية شجية تناجى السماء وتراتيل نورانية تتصاعد أوقات الصلاة قبل أن تجرفه موجات الضياع وتشتته متاهات السبل لقد
تهدمت المئذنة وتهشمت احدى الحوائط الكتب تملأ الصحن شعوره بالضيق والضجر يتزايد توجه الى الحمام يغتسل هل أخطأ حين اتخذ قرارا بالرحيل هل كان يجب البقاء وينادى بالصلاح ويتحمل فاتورة التغيير قطرات الماء تتناثر على جسده فتخرج معبأة بأدران الجسد والروح يشعر أنه يولد الآن , انه يخرج الى الحياة مرة أخرى لا بد من اعادة بناء المئذنة خرج يحزم حقائبه انه الآن هنا

هاهى أقبلت من بعيد انها عربات المحتل بأعينها الصفراوية السقيمة التى تخدش أستار الليل وحيثما تكون الجثة تجتمع النسور انها تقترب , أعطى الاذن بتفجير عبوة ناسفة المركبات تحترق حدث اشتباك مع بعض الجنود , الجنود يتساقطون كأوراق الخريف اللاتى ضاقت بها الأشجار ثمة فوهة بندقية موجهة الى رأسه أحد الجنود استدار من خلف
أشجار النخيل الجندى يبتسم ساخرا, يحرك اصبعه ليضغط على الزناد طلقة تحمل رسالة الموت ....تعاجل الجندى فأردته قتيلا أطلقها ذلك الملثم الذى لا يعرفه انتهت المعركة بسلام أسرع نحوه كى يتعرف اليه ويشكر صنيعه الحسن خلع اللثام شيئا قليلا انها صديقته الايطالية قالت بأعين خجلى لم يعهدها من قبل ..... نادنى سلمى .....هذا هو اسمى الجديد

- مقال " سيف ملك بابل " تم تأجيله نذرا قليلا لأن الاحداث فى مصر ترتبط بأحداث جسام فى العالم ان العالم على أعتاب أعظم انقلاب اجتماعى فى التاريخ المعاصر بمشيئة الله تعالى "ان الودعاء سيرثون الارض ويتلذذون فى كثرة السلامة" بمشيئة الله تعالى
وكما جاء فى المزمور السابع والثلاثين " لأن سواعد الاشرار تنكسر والصديقين عاضدهم الرب الرب عارف أيام الكملة وميراثهم الى الأبد يكون لا يخزون فى زمن السوء وفى أيام الجوع يشبعون لأن الأشرار يهلكون وأعداء الرب كبهاء المراعى فنوا كالدخان فنوا الشرير يستقرض والصديق يترأف ويعطى لأن المباركين منه يرثون الارض والملعونين منه يقطعون......أما الاشرار فيبادون جميعا عقب الأشرار ينقطع أما خلاص الصديقين فمن قبل الرب حصنهم فى زمان الضيق و يعينهم الرب وينجيهم ينقذهم من الأشرار ويخلصهم لأنهم احتموا به " حقا احتموا به ..... حقا الملعونين منه يقطعون وكما قال المسيح هيا يا مباركى الرب رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم اننا جميعا فى انتظار الخير القادم للعالم ......قريبا بمشيئة الله تعالى







الأربعاء، 8 يونيو 2011

صاحب السلطة

" من يستطيع أن يعدد المزايا التى يتمتع بها الجندى المحظوظ أنت ايها الجندى السعيد لا يجرؤ مدنى من أن يمد يده اليك بسوء بل العكس أنت االذى تضرب وجهه وتجرح حاجبه وتجعل هالات زرقاء حول عينيه ان المدنى يخاف من عقابك اذا ذهب بعد ذلك الى القاضى شاكيا ان ما يتبقى للمدنى بعد ذلك هو أمل ضعيف فى أن يعالج الطبيب ما أصابه " ان ما سبق ليس رصدا للواقع المأساوى الذى يعيشه المدنيون فى عصرنا الحالى بل انها وثيقة ايطالية تعود الى القرن الثانى الميلادى تشرح ما كان يفعله الجنود الرومان بمدينة الاسكندرية أوردها مانفريد كلاوس عن مدينة الاسكندرية انه نفس الواقع المزرى الذى نحياه الآن ان الظلم ظلم سواء الذى ارتكبه فرد أو ارتكبه جماعة ان التعدى على القثانون وانتهاك حقوق البشر لا ينال الشرعية لأن الايدى الآثمة التى اقترفته أيد جماعية لقد تحول الحراس الى ذئاب يهاجمون الغنم بدلا من بذل قصارى الطاقات للدفاع عنها
وكان الشعب السكندرى وقتها يخضع للحكام الرومانيين الذى جعلوا نفسهم آلهة فأطلقوا على نيرون مثلا "حارس العالم جالب الخصب والنماء" و وجهوا له الدعوة لزيارة المدينة الساحرة وصنعوا حمام سباحة خصيصا له ولكن حاكم الاسكندرية استخدمه قبله فعوقب بالنفى هكذا كان الحال فى الاسكندرية جنود أوغاد أقرب الى المرتزقة منهم الى جيش ذى عقيدة فكرية قتالية وامبراطور جعل نفسه معبودا يرضخ له الجميع وتقدم له الذبائح هكذا كانت الامبراطورية الرومانية

ان أغسطس مؤسس تلك الامبراطورية جعل عائلته التى ينتسب اليها من سلالة الاله ابوللو بل انه أوحى الى الرعية انه الاله ابوللو فى صورة البشر فصنعت له المعابد واقيمت له التماثيل وقدمت له القرابين فى كل ولايات الامبراطورية
يقول الاستاذ سيد على الناصرى فى كتابه عن التاريخ السياسى للامبراطورية الرومانية "ويكاد الدارس يجد وجها كبيرا للشبه بين أغسطس وبين الربة روما لقد كانت الربة روما قديما تتميز بشراستها وحبها للقتال ولكنها فى العهد الجديد ارتدت رداء السلام وأصبحت ربة الاخاء تعمل من أجل البشر فانتقاها أغسطس وألصق بها اسمه وأصبح أغسطس روما" تماما كما فعل الفراعنة فنسبوا أنفسهم الى الاله آمون
وعلى الجانب الآخر كانت الاسرة الساسانية تحكم فارس وجعلت نفسها فى مقام الاله والدماء المقدسة تسرى فى سلالتها وحظيت بمقام الالهة فى وسط الرعية ولكن فى خضم كل هذا الظلام ظهر وميض فى جزيرة العرب فعندما جاء معاذ بن جبل الى محمد رسول الله سجد له ايه يا بن جبل فما جاء محمد رسول الله لأجل هذا انه ذلك النبى الذى جاء يحمل قنديل المعرفة الخالد جاء ليرسخ المبدأ الاعظم فى نظم الحكم "بشر مثلكم " فالحاكم " بشر مثلكم" وان كان نبيا أرسلته السماء " بشر مثلكم " وان كان فرعونا يحرك بذراعيه آلاف الجنود وآلاف المركبات لقد أحدث الاسلام زلزالا فكريا فى النظم السياسية التى سحقت البشر أزمانا عديدة وجاء بفجر جديد وظلت اوروبا دهرا طويلا تكافح حتى تخرج الحكام من مصاف الألهة وتنزلهم الى مراتب البشر ظلت تناضل قرونا طوال حتى تتخلص من بقايا هوميروس وآثار جوبتر وصكوك الغفران ونجحت ولكنها على مستوى التشريعات والنظم الاخلاقية فشلت فى اعادة بناء الشخصية الرومانية فما زالت تتخبط تغوص فى جهالات لا تعرف منها فكاكا تخرج من ظلمة لتهوى فى شاكلتها فشلت فى أن تمنح النفس الحائرة لذة الطمأنينة و بريق الروح المبصرة ...فشلت فى تحقيق عدالة اقتصادية وبناء تنظيم اجتماعى راق و أن تصل الى مرتفع تتطلع من خلاله الى مناحى النفس البشرية وتفك طلاسمها فأخذتنا الى صحراء الاغتراب نتلمس فيها الطريق نبحث فيها عن بئر المحبة والاخاء وعن أعشاب السكينة ان ثوب أوروبا السياسى الجديد يخفى الشخصية الرومانية القديمة وهكذ اكتست الانظمة المعاصرة بنفس الصبغة
ان أفلاطون وضع فى جمهوريته ما يعرف "بالمجلس الليلى " أو " المجلس الساهر" وهيئة أعلى هى

" هيئة فاحصى القانون" لحماية المنظومة التشريعية ولقوانين التى تحكم البلاد فمجلس الامن القومى فى مصر يسير على نفس الخطى ولكن لا بد من ايضاح أى منظومة تشريعية يتكفل هو بحمايتها ويسهر الليل من أجل الذود عنها ان صاحب السلطة فى الاسلام هى تلك المنظومة التشريعية والاخلاقية المنزلة من السماء و التى يجب أن يخضع لها الجميع دون استثناء فان سار البعض فى وجهة على خلاف تلك المنظومة ابدا لن نسير معه ولن نخوض غمار الحياة فى هذا السبيل
الرائع أن عمرو بن العاص حين فتح الاسكندرية ونشر فيها العدالة الاسلامية وتخندق معه المصريون أرسل الى الفاروق عمر "لقد فتحت مدينة النور ومعقل المسيحية ...لا أستطيع أن أصف لك جمالها وروعتها "
لقد خلصها من ظلم جنود الرومان ذوى الامتيازات المتعددة الذين جعلوا أنفسهم فوق القانون..... لله درك يا عمرو