clavier arabe

الأربعاء، 8 يونيو 2011

صاحب السلطة

" من يستطيع أن يعدد المزايا التى يتمتع بها الجندى المحظوظ أنت ايها الجندى السعيد لا يجرؤ مدنى من أن يمد يده اليك بسوء بل العكس أنت االذى تضرب وجهه وتجرح حاجبه وتجعل هالات زرقاء حول عينيه ان المدنى يخاف من عقابك اذا ذهب بعد ذلك الى القاضى شاكيا ان ما يتبقى للمدنى بعد ذلك هو أمل ضعيف فى أن يعالج الطبيب ما أصابه " ان ما سبق ليس رصدا للواقع المأساوى الذى يعيشه المدنيون فى عصرنا الحالى بل انها وثيقة ايطالية تعود الى القرن الثانى الميلادى تشرح ما كان يفعله الجنود الرومان بمدينة الاسكندرية أوردها مانفريد كلاوس عن مدينة الاسكندرية انه نفس الواقع المزرى الذى نحياه الآن ان الظلم ظلم سواء الذى ارتكبه فرد أو ارتكبه جماعة ان التعدى على القثانون وانتهاك حقوق البشر لا ينال الشرعية لأن الايدى الآثمة التى اقترفته أيد جماعية لقد تحول الحراس الى ذئاب يهاجمون الغنم بدلا من بذل قصارى الطاقات للدفاع عنها
وكان الشعب السكندرى وقتها يخضع للحكام الرومانيين الذى جعلوا نفسهم آلهة فأطلقوا على نيرون مثلا "حارس العالم جالب الخصب والنماء" و وجهوا له الدعوة لزيارة المدينة الساحرة وصنعوا حمام سباحة خصيصا له ولكن حاكم الاسكندرية استخدمه قبله فعوقب بالنفى هكذا كان الحال فى الاسكندرية جنود أوغاد أقرب الى المرتزقة منهم الى جيش ذى عقيدة فكرية قتالية وامبراطور جعل نفسه معبودا يرضخ له الجميع وتقدم له الذبائح هكذا كانت الامبراطورية الرومانية

ان أغسطس مؤسس تلك الامبراطورية جعل عائلته التى ينتسب اليها من سلالة الاله ابوللو بل انه أوحى الى الرعية انه الاله ابوللو فى صورة البشر فصنعت له المعابد واقيمت له التماثيل وقدمت له القرابين فى كل ولايات الامبراطورية
يقول الاستاذ سيد على الناصرى فى كتابه عن التاريخ السياسى للامبراطورية الرومانية "ويكاد الدارس يجد وجها كبيرا للشبه بين أغسطس وبين الربة روما لقد كانت الربة روما قديما تتميز بشراستها وحبها للقتال ولكنها فى العهد الجديد ارتدت رداء السلام وأصبحت ربة الاخاء تعمل من أجل البشر فانتقاها أغسطس وألصق بها اسمه وأصبح أغسطس روما" تماما كما فعل الفراعنة فنسبوا أنفسهم الى الاله آمون
وعلى الجانب الآخر كانت الاسرة الساسانية تحكم فارس وجعلت نفسها فى مقام الاله والدماء المقدسة تسرى فى سلالتها وحظيت بمقام الالهة فى وسط الرعية ولكن فى خضم كل هذا الظلام ظهر وميض فى جزيرة العرب فعندما جاء معاذ بن جبل الى محمد رسول الله سجد له ايه يا بن جبل فما جاء محمد رسول الله لأجل هذا انه ذلك النبى الذى جاء يحمل قنديل المعرفة الخالد جاء ليرسخ المبدأ الاعظم فى نظم الحكم "بشر مثلكم " فالحاكم " بشر مثلكم" وان كان نبيا أرسلته السماء " بشر مثلكم " وان كان فرعونا يحرك بذراعيه آلاف الجنود وآلاف المركبات لقد أحدث الاسلام زلزالا فكريا فى النظم السياسية التى سحقت البشر أزمانا عديدة وجاء بفجر جديد وظلت اوروبا دهرا طويلا تكافح حتى تخرج الحكام من مصاف الألهة وتنزلهم الى مراتب البشر ظلت تناضل قرونا طوال حتى تتخلص من بقايا هوميروس وآثار جوبتر وصكوك الغفران ونجحت ولكنها على مستوى التشريعات والنظم الاخلاقية فشلت فى اعادة بناء الشخصية الرومانية فما زالت تتخبط تغوص فى جهالات لا تعرف منها فكاكا تخرج من ظلمة لتهوى فى شاكلتها فشلت فى أن تمنح النفس الحائرة لذة الطمأنينة و بريق الروح المبصرة ...فشلت فى تحقيق عدالة اقتصادية وبناء تنظيم اجتماعى راق و أن تصل الى مرتفع تتطلع من خلاله الى مناحى النفس البشرية وتفك طلاسمها فأخذتنا الى صحراء الاغتراب نتلمس فيها الطريق نبحث فيها عن بئر المحبة والاخاء وعن أعشاب السكينة ان ثوب أوروبا السياسى الجديد يخفى الشخصية الرومانية القديمة وهكذ اكتست الانظمة المعاصرة بنفس الصبغة
ان أفلاطون وضع فى جمهوريته ما يعرف "بالمجلس الليلى " أو " المجلس الساهر" وهيئة أعلى هى

" هيئة فاحصى القانون" لحماية المنظومة التشريعية ولقوانين التى تحكم البلاد فمجلس الامن القومى فى مصر يسير على نفس الخطى ولكن لا بد من ايضاح أى منظومة تشريعية يتكفل هو بحمايتها ويسهر الليل من أجل الذود عنها ان صاحب السلطة فى الاسلام هى تلك المنظومة التشريعية والاخلاقية المنزلة من السماء و التى يجب أن يخضع لها الجميع دون استثناء فان سار البعض فى وجهة على خلاف تلك المنظومة ابدا لن نسير معه ولن نخوض غمار الحياة فى هذا السبيل
الرائع أن عمرو بن العاص حين فتح الاسكندرية ونشر فيها العدالة الاسلامية وتخندق معه المصريون أرسل الى الفاروق عمر "لقد فتحت مدينة النور ومعقل المسيحية ...لا أستطيع أن أصف لك جمالها وروعتها "
لقد خلصها من ظلم جنود الرومان ذوى الامتيازات المتعددة الذين جعلوا أنفسهم فوق القانون..... لله درك يا عمرو




ليست هناك تعليقات: