clavier arabe

الخميس، 28 يناير 2010

الاخلاق ونشأة الدولة

يرى افلاطون أن الدولة تنشأ بسبب عجز الفرد عن الاعتماد على ذاته وحاجته الى أشياء لا حصر لها وبعد أن يحقق الاحتياجات الاساسية من مأكل وملبس ومسكن تظهر الحاجة الى الكماليات فتتعدد العلاقات بين الناس فتنشأ النزاعات التى تؤدى الى الحروب فتظهر الحاجة الى الجنود لتحقيق الامن تلك هى نظرية نشأة الدولة عند أفلاطون

ويرى أرسطو أن الدولة تنشأ لأن الانسان كائن اجتماعى بطبعه فالدولة هى طبع للانسان فتتكون الاسرة ثم القرية ثم مجموعة من القرى ثم الدولة ...ونقول ان البداية تأتى من حاجة الانسان الى السكنة فالله خلق من أنفسنا أزواجا لنسكن اليها فالبداية هى الحاجة الى السكينة والتى تنشأ عنها بعد ذلك الاسرة وهذا الامر ليس كما يراه البعض أمرا عاديا
ان طائر الوقواق مثلا وهو طائر أوروبى متطفل ليس له أنثى ثابتة ويضع بيضه فى أعشاش الغربان لتتولى هى تربيتها لذلك فحاجة الانسان الى السكينة تدفعه الى تكوين الاسرة ثم بعد ذلك النسب والصهر كما ذكر القرآن فتنشأ علاقات الرحم بين الاسر المختلفة فتتكون القبيلة ثم مجموعة من القبائل ثم يظهر الحاجة الى التعاون لأن الانسان لا يعتمد على نمط غذائى واحد والموارد الطبيعية متنوعة فى الأراضى المختلفة فلابد من التعاون بينها فتتكون المدن والقرى ثم تنشأ النزاعات نتيجة لهذا التعاون فيلجأ البشر الى تكوين الاحلاف قد يأخذ شكل تجمع قبلى أو شكل الدولة أو أكبر من الدولة والأحلاف لتحقيق الامن كحلف الفضول فى الجاهلية وهو تجمع قبلى وحلف الناتو فى أيامنا هذه وهو مجموعة من الدول اذن فالامر يأتى من السكنة ثم النسب والصهر ثم التعاون ثم النزاعات

وعندما تنشأ النزاعات تنشأ الحاجة الى القوانين ومن يتأمل المناقشات بين أعضاء المحكمة العليا الامريكية فى أى قضية مثل حرية حمل السلاح مثلا يجد عجبا كم من الخلافات التى لاحصر لها هى تشبه خلافات الفقهاء لدينا ولكن هؤلاء لا نص دينى لديهم يهديهم , والقضية التى أثيرت فى بريطانيا الاسبوع الماضى حول الرجل الذى فتك بلص اقتحم منزله فطارده فى الشارع حتى سحقه والخلاف الذى نشأ حولها ليس منا ببعيد حيث رأت المحكمة أن الرجل أخطأ وتجاوز الامر الى الثأر وكأن المفروض أن يتركه بما أنه قد هرب ألا يمكن أن يعود مرة أخرى
لذلك كان لا بد من نصوص سماوية تهدى البشر وتحدد لهم طرق حل النزاعات وتنظيم الحياة الاجتماعية وترسيخ البناء الأخلاقى للمجتمعات حتى لا يكون كما قال هوميروس موبخا " بلا عائلة بلا قوانين بلا بيت "

ويقول ارسطو فى هذا الامر فى كتابه السياسة "ان الانسان الذى بلغ كماله الخاص كله هو أول الحيوانات فانه حقا هو آخرها متى يحيى بلا قوانين بلا عدل والواقع أنه لا شىء أشنع من الظلم المسلح لكن الانسان ينبغى أن يستعمل أسلحة العدل والفضيلة ضد شهواته الخبيثة فبدون الفضيلة يكون الانسان أكثر فسادا وافتراسا فليس له الا ثورات الحب والجوع والبهيمة "
ان الاخلاقيات هى التى تصون المجتمع من الامراض التى تصيب بنيوية الدولة وتدفعها نحو الفوضى والانهيار ولك أن تعرف مثلا أن فى مملكة النحل هناك بعض الشغالات التى قد تنتابها حالة سكر تشبه حالة السكر التى تصيب الانسان لتناوله الخمر وتحدث عند النحل لتناول البعض مادة الايثانول المخدرة التى تنشأ من تخمر الثمار الناضجة فتتناوله بعض الشغالات وتحدث لها حالة سكر تستمر ثمانية وأربعين ساعة وتطرأ عليها تصرفات عدوانية فيمنعها أمن الخلية ولأنها قد تصب تلك المادة فى العسل وتفسده فاذا كانت الصيانة الأخلاقية موجودة فى مملكة النحل أليس من باب اولى أن يفعلها بنو البشر وهذا لا يعنى كما قلت من قبل أن البشر سيصبحون مجتمعا من الملائكة فالجميع على حافة نار الخطيئة ولكن التوجه العام للمجتمع السياسة العامة للدولة أن تكون أخلاقية

ان ما يحدث حاليا فى الاعلام المصرى لهو مهزلة وما تبثه الدراما الفاسدة من جراثيم أخلاقية تحت دعاوى الجرأة فى طرح المواضيع انما هى وقاحة وهى تشبه الى حد كبير استراتيجية الثورة الفرنسية حيث كان لفلاسفة الثورة ذراعان ذراع يضرب فى السلطة الحاكمة والآخر يضرب فى القيم والمعتقدات الدينية انه يستغلون صراخ المسحوقين فيضربون فى السلطة الحاكمة لاستمالة قلوبهم ثم يقودونهم الى درب هالك بالطعن فى المعتقدات والاخلاقيات وهذا ما يفعله الاعلام الصليبى فى مصر حاليا المقروء أ والمرئى , جريدة المصرى اليوم , نهضة مصر, قنوات الاون تى فى والاو تى فى وقنوات الحياة وعلى المستوى العربى قنوات روتانا والام بى سى وفى السينما أيضا حيث يقوم أحد تلاميذ يوسف شاهين وهو محدود القدرات والامكانيات أقصى ما يستطيعه هو اخراج عيد ميلاد أو حفل سبوع يمارس علينا سيادة جلد الذات واللعن صباح مساء ويقدم أردأ أنواع الدراما فهو ينتقد سياسة الدولة من خلال الثقافة العارية و امتهان الاجساد والطعن فى روابط المجتمع ويسمون هذا الانحدار ابداعا ونعم الابداع , و يزعمون أن نواياهم سليمة ان الطريق الى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة مثلهم كمثل قوم فى سفينة وربانهم عاجز عن قيادتها فيصرخ البعض بالرغبة فى الخلاص ويحذر البعض من الهلاك الآتى وتتعالى أصواتهم انهم يعرفون الطريق واذا بهم يسلموننا الى القراصنة أو كقوم ضلوا الطريق فى الصحراء ودليلهم لا يعرف الطريق فيخرج ضعاف العقول والنفوس انه من ها هنا فيقودوننا الى ضياع جديد ...يخرجوننا من تيه الى تيه




الخميس، 21 يناير 2010

الحرب على الارهاب

هذا المقال بمناسبة مرور عام على تولى أوباما وقصة الحرب على مايسمى بالارهاب
فى سبتمبر عام 1793 أعلن مجلس قيادة الثورة الفرنسية بعد أن أعدم لويس السادس عشر بالمقصلة أن الرعب هو قانون اليوم
وعندما جاء نابليون الى مصر ولمواجهة المقاومة الشعبية قال "كنت أقطع رأس ثلاثين شخصا فى كل ليلة " فقد كان مقتنعا أنه يجب اشاعة الرعب حتى ينال الاحترام ونسى هذا الاحمق ذو الثمانية وعشرين عاما وقتها والباحث عن الاحترام الذى لم تعطه اياه جوزفين أن المقاومة أجبرته على الرحيل فى زى امرأة وأن الذى أحدث الانبهار للمصريين هم علماء الحملة الفرنسية وليس جنودها وأن المصريين اندهشوا من طواحين الهواء والتجارب الكيميائية ولم ترعبهم المدافع الفرنسية
ان الثورة الفرنسية هى التى زرعت الارهاب فى العالم وهى الأن تحصد ما زرعته
ان أضعف الحيوانات حين يرى الخطر قادما لا محالة فانه يلجأ للدفاع عن نفسه ان القطة اللطيفة ذات الفراء الناعم لها أيضا مخالب

وعلى نفس النهج وعلى النفس الدرب الأهوج سارت العصابات الصهيونية لتبث الرعب فى قلوب الفلسطينيين من أجل التهجير ولكن تراكم النوائب جعل عجلة التاريخ تدور فى الاتجاه العكسى يقول اريك موريس والان هو فى كتابهما الارهاب والرد عليه "لم يخطر ببال الاسرائليين يوما أن أؤلئك الفلسطينيين الذين يعملون لاسترداد أرضهم سيعون الدروس المريرة المستفادة مما فعله الاسرائليون وأنهم سيحاولون تطبيقها عندما يحين الوقت "
عجيبة تلك صروف الدهر رغم كل مواقفها المعلنة وقانونها الواضح الأبلج الا أن عيون البشر كثيرا ما يصيبها الخلل
وكذلك التعرض للأديان بأساليب همجية وألفاظ سوقية مبتذلة يشعل الصراعات
وكم كنت أود أن أعرف من هو الاحمق الذى يضع برامج التأثير النفسى للقس القابع فى قبرص فما يفعله يأت بغير ما يبغى تماما
فالسباب والشتم يضع حاجزا بينه وبين المستمع ويفقد ما يقول المصداقية تماما بل يؤدى الى اثارة الاحتقان والفوران العاطفى انه يلجأ الى الاستفزاز وليس الى الموضوعية الى اثارة الاحتقان وليس اثارة العقل مما يؤدى الى نتائج مدمرة لن تأتى بالخير أبدا من حقه أن يسأل فقد سألوا قبله رسول الله ولكن ليس من حقه أن يسب
ان اشاعة الرعب وسباب الأديان لن يجلب أمنا بل سيسكب المزيد من الزيت على النار سيشعل الصدور بشظايا تخرج الى أرض الواقع العشوائى بنفس طبيعته العشوائية
كما ان انسداد الافق السياسى سيأتى بنتائج غير محمودة يقول أريك موريس والان هو فى كتابهما السابق "هناك أجزاء من العالم تعانى فيها الشعوب المغلوبة على أمرها من قدر كبير من الاغتراب والقمع من قبل الحكومة حيث تسود التفرقة وعدم المساواة ويشعر الفرد بعجز شديد قبالة الحكومة والمؤسسات الكبرى وفى بعض الاحيان يرمز الاعتداء السياسى الى آخر ما تبقى للشخص البسيط من مقدرة يود لفت النظر اليها وبمقدور الارهابى أن يعبر عن رسالة الكثرة من الآخرين الذين يشعرون بالضيم ويفتقرون الى فرصة اسماع صوتهم ولذلك يشعر الثورى بالاحباط ولا يعثر على منفذ يساعده للقيام برد فعل تجاه الاحداث فانه يختار الارهاب وينبغى الاعتراف بهذه الاعتبارات لا كمبرر للارهاب وانما كوسيلة لالقاء الضوء عليه "
ولكن دعنى أضيف ان غياب المعايير الاخلاقية والقانونية الصحيحة تؤدى الى اشاعة الفوضى ان النظام العالمى اساسا قائم على عدم المساواة حيث يملك حق الفيتو عدد محدود من الدول كما انه يحكمه منطق القوة فالقوى هو الذى يضع القانون
وفلسفة الدولة ليست أيديولوجية انما تقوم على المساومة بمعنى الحاجات الاساسية مقابل الولاء مما يجعل الولاء لها ليس قويا فيجب أن تكون الدولة انعكاس لأفكار المواطنين وليست قامعة لها والقيادة تعبر عن الأغلبية السائدة لأن الدولة هى مجموع سلطات المواطنين وعقدهم الاجتماعى معها قائم على العدل والعقيدة
ان للتاريخ قوانين ينبغى للبشرية أن تعرفها فكما للكيمياء قوانينها فلحركة التاريخ مثل ذلك
من يملك القوة يملك السلطة ومن يملك القوة العادلة يملك السلطة المستدامة

- أقول للنظام المصرى ابعدوا عنى رعاعكم ودهماءكم وسوقتكم دعونى وشأنى ....عيب عليكم عيب










السبت، 16 يناير 2010

المواطنة والهوية الدينية

فشلت الدولة المدنية الحديثة فى فض الاشتباك بين المواطنة والهوية الدينية مما يجعلها عرض للتوترات والمواجهات العرقية من حين لآخر التى لا تحتاج فقط الا الى عود ثقاب بسبب بنيانها الهش وضعف الروابط بين أبنائها وفشلت كبوتقة فكرية تنصهر فيها الملل والمذاهب المختلفة لأن حب الوطن لن يستطيع أن يملأ الفراغ الروحى انه لا يجيب على الاسئلة الحائرة وأصبح مصطلح المواطنة يخضع لتفسيرات متعددة كل يراه حسب هواه ومصالحه الخاصة فأصبحت المواطنة عند البعض الحصول على نصيب من كعكة الوطن وأصبح عند البعض الآخر طمس الهوية الدينية ومحوها تماما كم ان التعامل مع هذه القضية يتسم دوما بالسفه الاعلامى الذى لا يعى شيئا ولا يخلو من شطط والارتخاء السياسى والارتباك الامنى
ان المواطنة فى الفلسفة السياسية مصطلح مطاطى متغير ليس له تعريف محدد فالجمهورية الافلاطونية تقوم على عدم المساواة بين أفراد الوطن وتراه قمة العدالة وعند آخرين ليس كل القطنون فى الوطن هم مواطنون فيتم استثناء الاجانب والمرأة والطفل الشيخ الهرم الكبير
وفى المجتمعات الدينية يختلف أيضا تعريفها ففى المجتمع الاسلامى يكفى النطق بالشهادتين وفى المجتمع اليهودى من كانت أمه يهودية وفى المجتمع النصرانى الرضا بصلب المسيح أما طبيعة المسيح فتخضع لحاتك النفسية أو طموحاتك العائلية
وبسب هذا التباين الشديد دعونا نتفق على الغاية من المواطنة جاء فى كتاب السياسة لارسطو طاليس مصحوبا بتعليقات من الفرنسى بارتلى سانتهلير بأن " المواطن كالملاح هو عضو جماعة ففى السفينة لكل خدمة مختلفة الجداف الربان ولكن الغاية المشتركة هى سلامة السفينة فرغم اختلاف سعى كل منهم واختلاف وظائفهم فان سلامة الجماعة هى عملهم المشترك "

اذن تلك هى غاية المواطنة ولنقل الامر على أرض الواقع فى المجتمعات التى بها أقليات عرقية الامر سهل تطبيق القانون على الجميع بلا استثناء دون مجاملة أو محاباة ولكن الاشكالية تأتى من الأقليات الدينية حيث لها منظومتها القانونية والتشريعية الخاصة بها فهل يتم وضع منظومة قانونية وضعية تتصادم مع معتقداتها الدينية فان التوترات ستشتعل لا محالة من حين آخر كما كان يحدث بين اليهود والامبراطورية الرومانية قديما كما أن تلك المنظومة القانونية الوضعية لن تحترم بالقدر المطلوب ليس لفشلها فقط فى التعاطى مع الطبيعة البشرية بل لعدم صدورها من سلطة أعلى تمتع بحالة من القدسية
فكيف يكون الحل اذن يعطى للمجموعات الدينية الحرية فى الاحتكام الى شرائعهم وشعائرهم ثم يكون هناك عقد اجتماعى بينها يقوم على الصيغة الاسلامية لهم مالنا وعليهم ما علينا وأى خلل يحدث سيدفع من أخل الثمن كما حدث فى مجتمع المدينة فى العقد الاجتماعى بين المسلمين ويهود بنى قريظة فحين تم التوافق بينهم ثم تنكر له بنوقريظة كان ما كان
عندما جاء نابليون الى مصر نصحه مستشاره بأنه سيخوض حربا مع ثلاث الانجليز وتركيا والثالثة وهى أصعبها ضد المسلمين ورغم أن المعلم يعقوب كون فرقة نصرانية تحارب معه ورغم مجىء كاثوليك الشام تحت راية المدعو جوزيف حموى وتقديم العون لنابليون الا انه اختار التقرب الى المسلمسن يقول روبير سوليه فى كتله مصر ولع فرنسى "وعلى أى حال كان حماس الجنرالات الفرنسيين للاسلام ينزل عقابا على المسيحيين المحليين ومن المؤكد أن نابليون كان يستخف بهم فقد حذر كليبر من منحهم حريات وكان يتمنى دوما أن يظلوا أكثر خضوعا واحتراما للامور الخاصة بالاسلام كما كانوا من قبل وقد شرح ذلك ببرود مهما فعلت معهم فسظل المسيحيون أصدقاءنا دائما واذا كان نابليون قد أسند اليهم مهمة جباية الضرائب فقد فعل ذلك مضطرا وليس لرفع مستواهم الاقتصادى "
اننى أدعو نصارى مصر الى أن يقرأوا التاريخ جيدا وأن يقرأوا أيضا انجيل متى حيث يقول المسيح "لا تدينوا كى لا تدانوا لأنكم بالدينونة التى بها تدينون تدانون والكيل الذى تكيلون بها يكال لكم ولماذا تنظر الى القذى الذى فى عين أخيك وأما الخشبة التى فى عينك فلا تفطن لها " متى 1:7 حقا أزيلوا الخشبة التى فى أعينكم





الأربعاء، 13 يناير 2010

المصريون ...وآل ابراهيم

بدأت العلاقة بين المصريين من ناحية وابراهيم عليه السلام وذريته من ناحية أخرى منذ الأزل علاقة راسخة تضرب بجذور ضخمة فى أحشاء الماضى التليد المفعم بالغموض فأحدثت نتائج مدوية غيرت قاطرة التاريخ و حين جاء ابراهيم الى مصر فى احدى رحلاته كانت تلك هى البداية
وحتى نستطيع أن نفهم تلك العلاقة جيدا لا بد من معرفة خصائص كلا الطرفين
ابراهيم عليه السلام ولد فى مدينة أور فى شمال العراق من أسرة غنية تمثل الطبقة الوسطى فى المجتمع وكل الانبياء جاؤا من تلك الطبقة الاجتماعية كما قال ابو سفيان فى حديثه لهرقل انه من أوسطنا نسبا , نشأ ابراهيم عليه السلام بين قوم من الصابئة يعبدون الكواكب والنجوم , يقيمون التماثيل والأصنام يعكفون عليها وحولها ولكنه كان رجلا شجاعا بوزن امة بل كان أمة فقد أورد القرآن الكريم أحداثا كان عليه السلام هو القائم بها فى جسارة غير مسبوقة وان لم يتضح لنا ترتيبها وتاريخ تتابعها
لقد كان ابراهيم يتميز بالمنطق والحكمة وادارة الحوار على مستوى عال من العقلانية فقد استدرج قومه وناقشهم فى معبوداتهم الكوكب القمر الشمس ثم يعلن لهم فى بلاغة قوية وفكر متدفق سلس براءته مما يعبدون انا قمة العقلانية حين تتجسد فى كلمات مضيئة و الايمان الابراهيمى صادر عن قناعة نفسية يسأل ربه كيف يحيى الموتى فيجيبه أولم تؤمن فيرد بلى ولكن ليطمئن قلبى فاذا باله ابراهيم يريه فى تجربة عملية لا تحتمل أى لبس مدى هوانة هذا الامر , اتخذ عليه السلام قرارا جريئا يصعب على المرء اتخاذه حتى وان كان نبيا وهى المواجهة رغم أنه كان وحده لقد حطم تماثيل قومه كلها الا كبيرها وهنا يقع المرء فى حيرة هل كان هذا الحدث قبل حواره العقلانى مع قومه أم بعده لا أستطيع الجزم ولكن هذا الحدث كان واضحا من القصص القرآنى أنه هو الحدث الذى أظهره جليا الى مسرح الأحداث سمعنا فتى يقال له ابراهيم ولكن العجب أيضا يصل ذروته فابراهيم الذى حطم الاصنام اذا ببنيه يعبدون الاصنام وحول البيت الذى بناه
وكأن الشيطان مع كل صنم جديد يقول ها أنا عدت يا ابراهيم انه الصراع الذى أبدا لن ينتهى بين الحق والباطل
حاوره النمرود فاذا بابراهيم بمنطقية شديدة يفند حججه ويبهته فلا يخرج الرجل حسا
ثم كانت محطة كبرى فى حياته حين اعتزل قومه وانطلق الى الأرض المقدسة ثم الى مصر ومعه زوجته سارة وتزعم التوراة أن حاكمها أغدق عليه المزيد من الاموال والدواب هدية له وخرج منها ابراهيم ومعه جارية تسمى هاجر تزوجها وأنجب منها طفلا صغيرا اسمه اسماعيل ولكنه ويا للألم أخذها من أرض مصر الفيحاء الرغداء الى أرض مقفرة موحشة الى واد غير ذى زرع عند البيت المحرم ويتركها ويمضى ويبدو أن تلك الجارية كانت مؤمنة باله واحد لا ندرى هل ابراهيم الذى علمها التوحيد أم كانت تعلم به وهى فى أرض مصر وانفجرت ينابيع الخير تحت أقدام الطفل و نشأت هنا لك أمة جديدة أخبرها الرب فى التوراة بأنه ستكون أمة كبيرة جدا جدا
كما يتميز ابراهيم عليه السلام بالكرم ما ان جاءه مجموعة ضيوف حتى جاء بعجل حنيذ كما انه على درجة قصوى من الحلم صفات قل أن تجتمع فى شخص بل قل نصيبها فى كل انسان أن تصل فيه الى ما وصلت عند ابراهيم
وكان عليه السلام حريصا بشدة على ذريته فبعدما استجاب لما فرضه عليه ربه من سنن الفطرة جعله الرب اماما للناس فيسأل ومن ذريتى لقد كان وهو يرفع القواعد من البيت يدعو لذريته بأن يرسل فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة واستجاب الله له

أما المصريون فهم شعب سامى عريق يقول البعض انه ينتسب الى مصراييم بن نوح عليه السلام يتميز بالطيبة والوداعة حب الفكاهة والتدين نشأعلى ضفاف نهر النيل القادم من وسط أفريقيا مندفعا بكل قوة يشق طريقه نحو الشمال عكس الطبيعة لقد كانت تصرفات ابراهيم كلها على غير ما كان عليه قومه فهل كان من هنا الالتقاء , وكانت الزراعة هى المحور الاساسى للمعيشة وكعادة المجتمعات الزراعية تنشأ محبة للدين لأنها تلقى الحبوب وتنتظر و ربما جاء من هنا صبر المصريين المميز كما أن أفئدتها ترنو الى ما تجود به ظروف الطبيعة عليها من خيرات فيضان للنيل وطمى يثرى ترابها فالمجتمعات الزراعية تميل للتدين لاحساسها بالضعف أمام قوى الطبيعة أما المجتمعات الصناعية فتلجأ للتدين من أجل الخواء الروحى ولكن هل كان المصريون يعرفون التوحيد من قصة مؤمن سورة غافر أنه كان عندهم يوم يسمى بيوم الأحزاب وهو كما شرحه ما ألم بقوم نوح وعاد وثمود فالقرآن حين يحكى قصة يستخدم مفردات القوم وقتها مثل يوم الزينة الذى أشير اليه فى قصة موسى لذلك لا أشك مطلقا فى أن يوم القيامة عند المصريين كان اسمه يوم التناد كما قال مؤمن سورة غافر بل من يقرأ كتاب الموتى عند المصريين وهو موجود حاليا فى المتحف البريطانى يجده يصف حياة البرزخ والحساب والميزان
ثم جاء ولد بعد ذلك من ذرية ابراهيم الى مصر ليصنع فصلا جديدا من العلاقة مع المصريين وكان نبى الله يوسف





الأربعاء، 6 يناير 2010

أخطاء بن خلدون وأحوال الامم

"الامم المغلوبة تدور فى فلك الامم الغالبة "هكذا قال بن خلدون فى مقدمته ولكن الامر ليس ابدا هكذا فأحداث التاريخ مزدحمة بأمم مغلوبة هوت فى شركها امم غالبة وامم مستضعفة دارت فى فلكها أمم منتصرة عليها ان الامبراطورية الرومانية رغم قوتها رضخت للنصارى واتخذت النصرانية دينا حتى ان قسطنطين حاكمها قد مات على الاريوسية وعمده على فراش الموت عام 337 ميلادية يوسببيوس الاريوسى والاحتلال البريطانى فى مصر بعد سبعين عاما خرج منها يتكلم العربية ومازال الطلاب المصريون يحصلون على درجة النجاح فى الانجليزية بصعوبة بالغة اذن فما قاله بن خلدون لس صحيحا فلم تكن القوة يوما ما رغم أهميتها هى السبيل للوصول الى القلوب والعقول ان أهمية القوة هى الحماية وليس الاقناع , الدفاع عن منظومة القيم وليس سبيلا لقبولها , فالفتوحات الاسلامية لم تفرض الدين بالاكراه لم تساوم الناس على حاجاتهم الاساسية للدخول فى الدين الجديد بل تركت كل منها يعيش وفق معطياته ولكنهم حين تعرفوا على القيم الاسلامية ونمط معيشتها آمنوا به عن اقتناع وهذا هو الفارق بين الفتوحات الاسلامية والهيمنة الامريكية
بل أحيانا تأتى القوة حين تكون بأيد الحمقى بنتائج عكسية تماما وسنركز فى التاريخ على حدثين هامين يوضحان خطأ ما قاله بن خلدون ويتناقض معه تماما
فى عام 25 قبل الميلاد قرر الرومان غزو جزيرة العرب وضمها الى الامبراطورية وكان السبب هو ماسمعه الامبراطور أغسطس عن ثراء شيوخ القبائل وغناهم الفاحش فأعد القائد الرومانى ايليوس جاللوس بمساعدة عرب ناباتا شرق الاردن حاليا حملة الى جزيرة العرب ورغم أنه حقق انتصارت فى البداية الا ان صعوبة التضاريس وحرارة الجو ودفاع القبائل المستميت أفسد الحملة ومنى الرومان بهزيمة كبرى ولكن العرب حيث لم يكن لهم فى ذلك الوقت أيديولوجية أو قضية يدافعون عنها وقعوا فى حب روما وأعجبوا بشجاعة الرومان وقامت بينهم وبين الرومان صداقة كبيرة خاصة ملوك حمير وحصلت روما بالسياسة وربما بالاغواء ما عجزت عنه بالحرب وقبل العرب طائعين ببلاهة شديدة التخلى عن سيطرتهم على المضايق واستولى الرومان على عدن اذن فالغلبة هنا لم تكن معيارا
أما النموذج الثانى فكان أيام الاحتلال البطلمى لمصر حيث خضع المحتلون الغالبون لرغبات المستضعفين وعبدوا آلهتهم وتبنوا أفكارهم يقول ول ديورانت مستعرضا حياة اليونان فى نهايتهم

" ولكن البطالمة شنوا الحروب وأنفقوا مقداراً متزايداً من مكاسب الشعب على الجيوش والأساطيل والوقائع الحربية، وتدهورت طباع الملوك تدهوراً سريعاً بعد فلدلفس؛ فقد انهمكوا في ملاذ الأكل والطعام والنساء وتركوا أزمة الحكم في أيدي السفلة الذين ابتزوا كل درهم من الفقراء؛ ولم ينسَ المصريون قط أن هؤلاء المستغلين كانوا من الأجانب، ولم يغب ذلك عن عقول الكهنة الذين كانوا يحلمون بالحياة المترفة التي كانوا يستمتعون يها قبل سيادة الفرس واليونان. وكان أهم ما يفهمه البطالمة من الاشتراكية أنها نظام للإنتاج الكثير لا للتوزيع الواسع النطاق. فقد كان الفلاح ينال من محصولهِ ما يكفي لحفظ حياته، ولكن لا يكفي لتشجيعه على عملهِ أو إعانته على تربية أسرته. وزاد مقدار ما تنزعه الحكومة منه جيلاً بعد جيل، ولم يعد الناس يُطيقون سيطرة الدولة على كل صغيرة وكبيرة كما لا يُطيق الأبناء متى كبروا الرقابة الدائمة التي يفرضها الأب المستبد عليهم. وكانت الدولة تُقرض الفلاح البذور ليزرع بها أرضه ولكنها كانت تقيده بالبقاء في الأرض حتى يجني المحصول، ولم يكن في وسع أي فلاح أن ينتفع بأي قدر من محصولهِ إلا بعد أن تؤدى ما عليه للدولة من التزامات وديون. ولقد كان هذا الفلاح صبوراً بطبعه. ولكنه رغم طبعه هذا بدأ يتذمر، فلم يكد يستهل القرن الثاني حتى بارت مساحات واسعة من الأرض لعدم وجود من يزرعها، ولم يجد مستأجروا أراضي الملك من يؤجرونها لهم ليزرعوها، فحاولوا أن يقوموا هم أنفسهم بزرعها، ولكنهم عجزوا عن ذلك العمل، فأخذت الصحراء تزحف شيئاً فشيئاً على الحضارة. وكان العبيد يعملون في مناجم الذهب ببلاد النوبة وهم عراة، في سراديب مظلمة ضيقة، وأجسامهم ملتوية، وهم مثقلون بالأغلال، يسوقهم الملاحظون إلى العمل بالسياط، طعامهم حقير لا يكاد يسد الرمق، وقد هلك آلاف منهم من سوء التغذية ومن فرط التعب، وكانت سلواهم الوحيدة في هذه الحياة هي الموت وكان العامل العادي في المصانع يتقاضى أبلة واحدة (9slash100 من الريال الأمريكي) في اليوم، أما الصانع الماهر فكان يتقاضى أبلتين أو ثلاث أبلات، ويستريح من العمل يوماً في كل عشرة أيام. وعم الاستياء، وازدادت الشكاوى، وكثر الإضراب: إضراب بين عمال المناجم، والمحاجر، ورجال القوارب، والفلاحين، والصناع، والتجار، ثم تعداهم إلى الملاحظين ورجال الشرطة أنفسهم. ولم يكن الغرض من الإضراب زيادة الأجور، فإن الكادحين قد يئسوا من هذه الزيادة من زمن بعيد، بل كان الدافع إليه هو الإعياء واليأس. وتقول بردية تسجل إضراباً من هذا النوع: "لقد خارت قوانا، وسنفر من العمل" أي أنهم سيعتصمون بأحد الهياكل . وكان كل المستغلين تقريباً من اليونان، وكل الكادحين المستَغلين تقريباً من المصريين أو اليهود. وكان الكهنة يُثيرون مشاعر الأهلين خفية باسم الدين، على حين كان اليهود يُعارضون في كل عمل تقوم بهِ الحكومة لتخفيف الضغط عليهم أو على المصريين. ولجأت الحكومة في العاصمة إلى العطايا وأساليب التسلية لترشوا بها الجماهير، ولكنها لم تكن تسمح لهم بدخول الأحياء الملكية، وكانت تسلط عليهم قوة عسكرية كبيرة تراقبهم وتتجسس عليهم، ولم تكن تسمح لهم بنصيب ما في إدارة شؤونهم. وما لبثت هذه الجماهير أن أضحت في آخر الأمر جماعات من الغوغاء عنيفة لا تحس بأية تبعة. وثار المصريون في عام 216 قبل الميلاد ولكن الثورة أخمدت؛ ثم ثاروا مرة أخرى في عام 189 قبل الميلاد ودامت ثورتهم خمس سنين. وسيطر البطالمة على الموقف وقتاً ما بقوة جيشهم وبزيادة هباتهم للكهنة، ولكن الموقف كان قد تحرج إلى أقصى حدود التحرج، لأن موارد البلاد نضبت عن آخرها، حتى لقد أحس المستغلون أنفسهم أنه لم يبقَ فيها شيء يستغلونه.
وبدأ الانحلال يدب في كل شيء، فانتقل البطالمة من الرذائل الطبيعية إلى الرذائل غير الطبيعية، ومن الذكاء إلى الغباوة، وانطلقوا يتزوجون بلا قيد وبسرعة أفقدتهم احترام الشعب، وانغمسوا في الترف انغماساً أعجزهم عن إدارة دفة الحرب أو الحكم، وأفقدهم آخر الأمر القدرة على التفكير. وضعفت قدرة الأرض على الإنتاج عاماً بعد عام لخروج الناس على القانون، وقلة أمانتهم وعجزهم ويأسهم، ولانعدام المنافسة بينهم، ولضعف الهمم والدوافع التي تبعثها الملكية في النفوس. وذوى غصن الآداب، وقُضي على الفن المبدع الخلاق، فلم تكد تضيف الإسكندرية إليهما شيئاً بعد القرن الثالث؛ وفقد المصريون احترامهم لليونان؛ وفقد اليونان احترامهم لأنفسهم، إذا صح أن الإنسان قد يفقد احترامه لنفسهِ، فنسوا على مر السنين لغتهم، وأخذوا يتكلمون خليطاً فاسداً من اللغتين اليونانية والمصرية؛ وازداد عدد من يتزوجون منهم بأخواتهم زيادة مطردة، كما كان يفعل أهل البلاد، ومن يتزوجون من أسر مصرية، فامتصتهم البلاد واندمجوا في أهلها، وعبد الآلاف منه الآلهة المصرية. وما وافى القرن الثاني حتى لم يعد اليونان هم الشعب المسيطر حتى من الوجهة السياسية؛ ذلك أن البطالمة اعتنقوا دين المصريين واتبعوا طقوسهم ليحافظوا بهذا على سلطانهم، وزادوا لهذا السبب عينه من سلطة الكهنة. ولما انغمس الملوك في الترف والملاذ بدأ الكهنة يستعيدون سلطانهم ويثبتون قواعد زعامتهم، واستعادوا عاماً بعد عام الأراضي والمزايا التي سلبها منهم البطالمة الأولون . ويصف حجر رشيد الذي يرجع إلى عام 196 ق.م. الاحتفال بتتويج بطليموس الخامس وصفاً لا يكاد يختلف في شيء عن المراسم المصرية القديمة
اذن فالامم المغلوبة رغم ضعفها عندما يكون لديها الارادة والقناعة فانها لا تخضع للامم الغالبة رغم قوتها