يرى افلاطون أن الدولة تنشأ بسبب عجز الفرد عن الاعتماد على ذاته وحاجته الى أشياء لا حصر لها وبعد أن يحقق الاحتياجات الاساسية من مأكل وملبس ومسكن تظهر الحاجة الى الكماليات فتتعدد العلاقات بين الناس فتنشأ النزاعات التى تؤدى الى الحروب فتظهر الحاجة الى الجنود لتحقيق الامن تلك هى نظرية نشأة الدولة عند أفلاطون
ويرى أرسطو أن الدولة تنشأ لأن الانسان كائن اجتماعى بطبعه فالدولة هى طبع للانسان فتتكون الاسرة ثم القرية ثم مجموعة من القرى ثم الدولة ...ونقول ان البداية تأتى من حاجة الانسان الى السكنة فالله خلق من أنفسنا أزواجا لنسكن اليها فالبداية هى الحاجة الى السكينة والتى تنشأ عنها بعد ذلك الاسرة وهذا الامر ليس كما يراه البعض أمرا عاديا
ان طائر الوقواق مثلا وهو طائر أوروبى متطفل ليس له أنثى ثابتة ويضع بيضه فى أعشاش الغربان لتتولى هى تربيتها لذلك فحاجة الانسان الى السكينة تدفعه الى تكوين الاسرة ثم بعد ذلك النسب والصهر كما ذكر القرآن فتنشأ علاقات الرحم بين الاسر المختلفة فتتكون القبيلة ثم مجموعة من القبائل ثم يظهر الحاجة الى التعاون لأن الانسان لا يعتمد على نمط غذائى واحد والموارد الطبيعية متنوعة فى الأراضى المختلفة فلابد من التعاون بينها فتتكون المدن والقرى ثم تنشأ النزاعات نتيجة لهذا التعاون فيلجأ البشر الى تكوين الاحلاف قد يأخذ شكل تجمع قبلى أو شكل الدولة أو أكبر من الدولة والأحلاف لتحقيق الامن كحلف الفضول فى الجاهلية وهو تجمع قبلى وحلف الناتو فى أيامنا هذه وهو مجموعة من الدول اذن فالامر يأتى من السكنة ثم النسب والصهر ثم التعاون ثم النزاعات
وعندما تنشأ النزاعات تنشأ الحاجة الى القوانين ومن يتأمل المناقشات بين أعضاء المحكمة العليا الامريكية فى أى قضية مثل حرية حمل السلاح مثلا يجد عجبا كم من الخلافات التى لاحصر لها هى تشبه خلافات الفقهاء لدينا ولكن هؤلاء لا نص دينى لديهم يهديهم , والقضية التى أثيرت فى بريطانيا الاسبوع الماضى حول الرجل الذى فتك بلص اقتحم منزله فطارده فى الشارع حتى سحقه والخلاف الذى نشأ حولها ليس منا ببعيد حيث رأت المحكمة أن الرجل أخطأ وتجاوز الامر الى الثأر وكأن المفروض أن يتركه بما أنه قد هرب ألا يمكن أن يعود مرة أخرى
لذلك كان لا بد من نصوص سماوية تهدى البشر وتحدد لهم طرق حل النزاعات وتنظيم الحياة الاجتماعية وترسيخ البناء الأخلاقى للمجتمعات حتى لا يكون كما قال هوميروس موبخا " بلا عائلة بلا قوانين بلا بيت "
ويقول ارسطو فى هذا الامر فى كتابه السياسة "ان الانسان الذى بلغ كماله الخاص كله هو أول الحيوانات فانه حقا هو آخرها متى يحيى بلا قوانين بلا عدل والواقع أنه لا شىء أشنع من الظلم المسلح لكن الانسان ينبغى أن يستعمل أسلحة العدل والفضيلة ضد شهواته الخبيثة فبدون الفضيلة يكون الانسان أكثر فسادا وافتراسا فليس له الا ثورات الحب والجوع والبهيمة "
ان الاخلاقيات هى التى تصون المجتمع من الامراض التى تصيب بنيوية الدولة وتدفعها نحو الفوضى والانهيار ولك أن تعرف مثلا أن فى مملكة النحل هناك بعض الشغالات التى قد تنتابها حالة سكر تشبه حالة السكر التى تصيب الانسان لتناوله الخمر وتحدث عند النحل لتناول البعض مادة الايثانول المخدرة التى تنشأ من تخمر الثمار الناضجة فتتناوله بعض الشغالات وتحدث لها حالة سكر تستمر ثمانية وأربعين ساعة وتطرأ عليها تصرفات عدوانية فيمنعها أمن الخلية ولأنها قد تصب تلك المادة فى العسل وتفسده فاذا كانت الصيانة الأخلاقية موجودة فى مملكة النحل أليس من باب اولى أن يفعلها بنو البشر وهذا لا يعنى كما قلت من قبل أن البشر سيصبحون مجتمعا من الملائكة فالجميع على حافة نار الخطيئة ولكن التوجه العام للمجتمع السياسة العامة للدولة أن تكون أخلاقية
ان ما يحدث حاليا فى الاعلام المصرى لهو مهزلة وما تبثه الدراما الفاسدة من جراثيم أخلاقية تحت دعاوى الجرأة فى طرح المواضيع انما هى وقاحة وهى تشبه الى حد كبير استراتيجية الثورة الفرنسية حيث كان لفلاسفة الثورة ذراعان ذراع يضرب فى السلطة الحاكمة والآخر يضرب فى القيم والمعتقدات الدينية انه يستغلون صراخ المسحوقين فيضربون فى السلطة الحاكمة لاستمالة قلوبهم ثم يقودونهم الى درب هالك بالطعن فى المعتقدات والاخلاقيات وهذا ما يفعله الاعلام الصليبى فى مصر حاليا المقروء أ والمرئى , جريدة المصرى اليوم , نهضة مصر, قنوات الاون تى فى والاو تى فى وقنوات الحياة وعلى المستوى العربى قنوات روتانا والام بى سى وفى السينما أيضا حيث يقوم أحد تلاميذ يوسف شاهين وهو محدود القدرات والامكانيات أقصى ما يستطيعه هو اخراج عيد ميلاد أو حفل سبوع يمارس علينا سيادة جلد الذات واللعن صباح مساء ويقدم أردأ أنواع الدراما فهو ينتقد سياسة الدولة من خلال الثقافة العارية و امتهان الاجساد والطعن فى روابط المجتمع ويسمون هذا الانحدار ابداعا ونعم الابداع , و يزعمون أن نواياهم سليمة ان الطريق الى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة مثلهم كمثل قوم فى سفينة وربانهم عاجز عن قيادتها فيصرخ البعض بالرغبة فى الخلاص ويحذر البعض من الهلاك الآتى وتتعالى أصواتهم انهم يعرفون الطريق واذا بهم يسلموننا الى القراصنة أو كقوم ضلوا الطريق فى الصحراء ودليلهم لا يعرف الطريق فيخرج ضعاف العقول والنفوس انه من ها هنا فيقودوننا الى ضياع جديد ...يخرجوننا من تيه الى تيه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق