يقول روبير سوليه فى كتابه مصر ولع فرنسى "ان مصر هى ذكرى توراتية وردت فى الكتاب المقدس بصورتين متناقضتين تماما ففى العهد القديم هرب العبرانيون بقيادة موسى من وادى النيل بعدما تحولوا فيه الى عبيد وأفلتوا من مطارديهم الذين غرقوا فى البحر الاحمر واتجهوا الى أرض الميعاد وفى المقابل فى العهد الجديد ان المسيح بن مريم ويوسف النجار لجأوا الى مصر بناء على نصيحة الملاك للهروب من هيرودس وبقيت الاسرة المقدسة فى مصر حتى وفاة الملك وسواء كان وادى النيل أرضا خطرة يتم الهروب منها أو أرضا آمنة يتم اللجوء اليها فانها ترتبط على كل حال بمفهوم الهروب "
ولكنى سأنظر يا سيد سوليه الى تلك البقعة الجغرافية نظرة أخرى غير الهروب انها نظرة الشهادة فبعدما أتى يعقوب وبنوه اليها وتجمع شتات تلك الاسرة الموحدة كان هنا لك هذا المشهد الرائع " أم كنتم شهداء اذ حضر يعقوب الموت اذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدى قالوا نعبد الهك واله آبائك من قبل ابراهيم واسماعيل واسحاق الها واحدا ونحن له مسلمون " فحقيق على كل مصرى يسمع تلك الآية فى الحرم أن يجهش بالبكاء ويقول لمن حوله نعم كان هذا الامر عندنا فالتوراة تقول أن يعقوب حين جاء الى مصر لبث فيها سبعة عشر عاما وعندما توفى بكاه المصريون سبعين يوما لقد أحب المصريون يعقوب
لذلك فلمصر فى نفوس الماسونيين شأن كبير فهم يرونها أرض الحكمة وتلهب الأساطير فى أعماقهم ولعلهم تأثروا فى ذلك بقول الحوارى سمعان "بطرس " فى أعمال الرسل عن موسى عليه السلام فتهذب من حكمة المصريين ومن يشاهد فيلم المومياء الامريكى وليس المصرى يجد هذا الامر واضحا جليا ولكن أرض الشهادة الآن تشهد على بيت يعقوب انهم أبوا أن يسلكوا ذاك الدرب
بعد وفاة يوسف عليه السلام فى مصر ومرور عدة أجيال عاد نفوذ كهنة آمون وبدأ عصر الرعامسة وكان ما كان
واذا ببنى اسرائيل بعد الخروج وبعدما أنقذهم اله ابراهيم واسماعيل واسحاق تأثروا بعبادة المصريين و اتخذوا عجلا جسدا له خوار كعادة بعض القدماء المصريين وسألوا موسى أرنا الله جهرة ومات موسى بعدما ترك لهم التوراة تشرع لهم وتشهد عليهم وتلعن أفعالهم
ثم جاءت لحظة أخرى حاسمة حين تحول بيت يعقوب من مجموعات أشبه بالقبائل الى دولة ومملكة بعدما أخرجوا من ديارهم واهليهم وهى نفس ما اقترفته الآن أيديهم فقالوا لنبى لهم اجعل لنا ملكا وكانت قصة طالوت وجالوت
تسمى التوراة طالوت شاول, وجالوت جليات , والنبى هو صمويل ومن يتأمل تلك القصة يجد عجبا فالقصة تبدأ بطالوت ملكا وانتهت بأن صار داوود هو الملك فلماذا لم يختر الرب داوود من البداية وأقول ان داوود هو الذى سيقيم المدينة المقدسة فلابد أن يخضع لاختبارات محددة تجعله لذلك أهلا وهى الرضا بالقتال , مصلحة الامة أهم من مصلحة الفرد , عدم الرهبة من الاعداء , الصبر عند اللقاء , انه اعداد الرب للقادة
ولكن حين نتأمل القصة فى التوراة نجد أن داوود عليه السلام واخوته كانوا ثمانية أشقاء وترتيبه عليه السلام هو الرابع وأنه ذهب لتفقد اخوته الثلاثة فى الحرب فرآى ذلك الفلسطينى العملاق جليات يعيرهم أربعين ليلة والجميع يخشى الخروج اليه قثارت ثائرة نبى الله وعقد العزم على مواجهته ففى سفر صمويل الاصحاح السابع عشر يتسأءل من هذا الفلسطينى حتى يعير صفوف الله الحى ثم خرج اليه أعزلا من كل سلاح الا من مقلاع صغيرا فى يديه وكان هذا الحوار "أنت تأتى الى بسيف وبرمح وبترس وأنا آتى اليك باسم رب الجنود اله صفوف اسرائيل الذين عيرتهم وتعلم هذه الجماعة كلها ليس بسيف ولا برمح يخلص الرب لأن الحرب للرب وهو يدفعكم الينا" صمويل 45:17 وأخذ داوود المقلاع وضرب جالوت بحجر فسقط وأقبل اليه ولم يكن معه سيف فأخذ سيف جالوت وقتله بسيفه نعم قتل جالوت بسلاحه الذى من المفترض أن يحميه ولكن ليس هناك درع يمنع يد القدر وليس هنالك سلاح يتصدى للهيب الغضب لذلك تملك الرعب بيت يعقوب حين خرج أطفال الحجارة يصفعونهم بها فأعاد الى الأذهان ما فعل داوود
ثم تمر السنون وينتقل بنو اسرائيل الى بابل فى سبى مهين جزاء وفاقا ثم يعيدهم الرب مرة أخرى وكل ذلك كانوا على التوحيد ولم يحدث الافساد الاول فى الأرض حتى جاء عهد الرومان ويتعالى الحديث عن المخلص الذى اقترب زمانه والجميع يرنوا الى وقت مجيئه ولكنه لم يظهر بعد وطال الانتظار وضاق الشباب اليهودى بالشيوخ الذين يدعونهم الى الصبر والرومان الذين يتسمون بالشراهة والغدر والوحشية وبمنهج الحياة الابيقورى الذى يقدس اللذة ان العالم يحكمه الشيطان فمتى يزول الشيطان عن عرشه وكان الكثير من حكام اليهود الذى انيط اليهم تنظيم شئون الجالية اليهودية كما يقول تاستس يحكمونهم بقوة الملك وروح الرقيق فانتفضت عصابات الفدائيين يقتلون كل يهودى خائن وكانت من هنا نشأة الماسونية حيث يندسون وسط الجماعات ويطعنون من الخلف من كان يحالف الرومانيين أو يسير تحت رايتهم
ولكن دمرت الامبراطورية الرومانية أحلامهم وسحقت خيالاتهم الجميلة وطردتهم من الأرض المقدسة ولكن العجب كل العجب حين جاء المخلص فاذا بكعب بن الأشرف واخوانه يتنكرون له ويكونون سيفا عليه وكانت شهادتم الباطلة ان الذين أشركوا أهدى من الذين آمنوا سبيلا ويحك يا كعب أليس هذا بسبيل اله ابراهيم واسماعيل واسحاق الذى أخرجكم من أرض مصر وحرركم من الظلم وأسس مملكتكم وأعاد سبيكم أى جرم اقترفته يا بن الاشرف هل هذا ما أوصاكم به يعقوب يا بيت يعقوب
كثيرا ما أقلب نظرى فى الأفق البعيد وأتساءل ما الذى دفع بيت اليعقوب الى هذا الدرب ما الذى جعلهم يتراصون فى هذا الخندق لماذا ارتضوا بتلك الراية الفاسدة ان المخلص المنتظر كان من بنى اسماعيل والآن المخلص المنتظر سيكون من بيت يعقوب المسيح بن مريم ونحن المسلمين سنتبع الاثنين بمشيئة الله اننا لا ننظر الى الامور تلك النظرة العرقية الضيقة ولكن يا مقلب القلوب ثبت القلوب فالأمر كما قال موسى فى سورة الاعراف عند البشارة بمحمد ان هى الا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدى بها من تشاء
لقد أثنى روسو كما ينقل ول ديورانت على اليهود وأن قوانين صولون وغيره قد بادت بينما شريعة موسى لا تزال باقية وانتهت أسبرطة وأثينا وروما ولم تترك خلفا بينما أورشليم لا تزال نابضة ولقد خالط اليهود كل الشعوب دون أن يذوبوا فيها
دعنى أضيف ان والدة السيد أوبام سافرت كينيا واندونيسيا من أجل نبوءة أبناء الغريب الذين سيبنون اسوار المدينة المقدسة الواردة فى التوراة اننى أقدر جهدها للغاية واخلاصها الشديد لقضيتها ربما خلاصا انها أشد اخلاصا من بعض المسلمات بل وكثير من رجال الدين عندنا ولكنه للأسف كل ذلك فى الاتجاه الخاطىء فليس السيد أوباما المقصود بأبناء الغريب
"هل أؤنبئكم بالاخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق