كان تولستوى يرى أن المقاومة السلمية هى خير سبيل ويكره العنف والترويع ولكنه لم يعش حتى يرى ما فعله الروس فى العالم من دمار وخراب وما اقترفته يد الدب الاهوج بلا ترفق لذلك فهذا ليس صحيحا على الاطلاق لاختلاف طباع البشر وسياسات الدول ومفاهيم الانسان عن الحياة والخير والشر
ولكن ماذكرنى به هى احدى رواياته "الاب سيرجى " وكما يقول الاستاذ سمير فريد ان القصة تحولت الى أعمال درامية عديدة منها الفيلم الايطالى " شمس الليل " حيث تتحدث عن ذلك الرجل الذى هجر الدير ولم يجد فيه ما يحقق الظمأ الروحى والاشباع النفسى فانطلق هائما فى الحياة تتلاعب به الاقدار بين مباهج الدنيا واغوائها ورغبته فى التسامى عن الرذائل والدنس فقابل فى طريقه زوجين من الفلاحين فى مرحلة متقدمة من العمر ساعدهما فى زراعة الارض وعند الرحيل طلبا منه أن يدعو لهما بالموت معا كما عاشا فى هذه الحياة معا
وقالت له الزوجة "أتمنى لك أن ترى الشمس دائما حتى فى الليل " وبعد فترة من توالى الاحداث صعودا وهبوطا حاول الرجل الانتحار تحت ماء النهر ثم تذكرا الزوجين فخرج ليسأل عليهما فاكتشفا أنهما ماتا فعلا سويا كما تمنيا فانطلق هائما على وجهه فى نهاية مفتوحة
وعندما حدثت انفجارات موسكو واتضح أن منفذة احدى الانفجارين فتاة رقيقة فى السابعة عشرة من عمرها تسمى زينات رملتها آلة الحرب الروسية الغاشمة ففقدت زوجها فى ديسمبر الماضى وقبل أن تنتهى فترة الحداد أرسلت اليهم بردها القوى وارتدت ثوب الانتقام والمحبة معا واندفعت كفبضان جامح يقتلع ما فيه طريقه من روث تثأر لزوجها فاما يعيشا معا فى سلام وسكينة واما يموتا معا تحت راية العقيدة السوية لم يعلم تولستوى أن روايته تلك تحققت على أرض الواقع وتحولت الى أشخاص حقيقيين يتحركون يتحابون يتعاهدون
وكأننى به وهو يكتب مشهد الخاتمة "زينات تركب المترو تتفحص تلك الوجوه كم تكرهها ترى الابتسامات على وجوههم تتذكر عذابات اخوانها , تتذكر حين كانت تسمع نحيب النساء فى ظلمة الليل يبكين شبابا ورجالا بين اب وزوج وابن لم يكن يسمع نحيبهن احد نظرات الخوف والهلع فى أعين الاطفال البريئة لا يدركون لماذا يحدث كل هذا من حولهم لم يكن يمسح برؤوسهن أحد تذكرت ابتسامة زوجها ورفقه بها اغتالته شظايا الكراهية الروسية بكل وحشية تلمح وجوه بعض افراد الشرطة الروسية فى احدى محطات المترو تنظر اليهم شذرا انهم بشر بلا قلوب ذئاب بلا عقول عبيد بلا كرامة وصلت الى بارك كولتورى المحطة المستهدفة انه حلمها المنتظر الناس يتدافعون يتزاحمون تتمتم هى بكلمات غير مفهومة ...بالنسبة لهم أصوات صراخ هلع الجميع يركض الجميع يهرب
المكان يتحول الى أشلاء ودماء , قطرات دمها الطاهرة تعلن الغضب , تدق أسماع الافق لتسمع هذا العالم الاصم .....وتسمع من فى القبور , وكالات الانباء تنشر صورها بصحبة زوجها وهما معا ..أتمنى لهما ألا يرون الشمس ابدا وألا يرون فيها زمهريرا ...اين أنت يا تولستوى
- الادارة الامريكية فى مصرتريد أن تضعنا بين خيارين اما البرادعى باجندته الغربية واما الحزب الوطنى واستبداده الذى أفقر البلاد والعباد ولكننا نقول لها لا هذا ولا ذاك فالتغيير ليس أشخاصا ولا مواد بل مفاهيم ان المواطنة مثلا تعنى عندهم أن للاقباط الحق فى النشاط السياسى ولاتباع جاك جان روسو موطىء قدم ولاتباع ماركس مثل ذلك اما اتباع محمد رسول الله فحين يفكرون فى ممارسة السياسة فمكانهم خلف القضبان ما هكذا يكون الاصلاح ما هكذا يكون الغد المشرق واما رؤيتى للاصلاح السياسى فى مصر فترقبوها فى مقالة "مصر ورما مرارة التاريخ "" بمشيئة الله تعالى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق