حقا كيف نوجد فى المجتمع أكبر قدر من العباقرة حتى يجد المجتمع مصابيح تنير له الطريق حين تحيط به النوازل و قناديل تأخذ بدفته حين تتراكم عليه الخطوب وتهب عليه ريح الهلاك من كل مكان فما قاله هلفشيوس من صحيح الى درجة كبيرة ولكن لنبدأ الامر من جذوره الاولى
ان المرء يخرج من رحم أمه لا يعلم شيئا ويكون السمع والبصر هم أدوات المعرفة لديه والفؤاد -وهو مستودع الانفعال -هو طاقة الدفع التى لا تنضب وتتراكم المعرفة وهنالك ينطلق الفكر من عقاله فالمرحلة بين الانفعال ورد الفعل تكون مرحلة التأنى التى تتيح الرؤية الثاقبة والنظرة الشاملة ومن ثم يأتى الرد الى حد كبير صائبا وفى موضعه
فرد الفعل تحت وطأة الانفعال حماقة غير مقبولة وأمر مرذول مثله كمثل الثور الذى يندفع بلا وعى ويهيج على غير هدى فلابد من التأنى والتأنى يكون على أساس علمى لأنه لو لم يكن هناك علما مكنونا يتحرك المرء من خلاله يكون تشوشا وحيرة وحينئذ يتحول التأنى الى عجز والتمهل الى استسلام وانبطاح حيث لن تجد هنالك رد فعل
فالمعرفة تجلب الطمأنينة " ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء "
ان العلم والمعرفة يفعلان فى المرء الكثير فكما يقول هلفشيوس "التعليم يعلم الدب الرقص " وأقول أنا ويجعل الاسد ملك الغابة يرضخ لأوامر مهرج سيرك وان كان الامر ليس بهذه السطحية الشديدة انها مقايضة يحصل فيها الحيوان على ما يريد مقابل أن يرفع يديه الى أعلى والى أسفل ويستمتع وهو يرى وجوه الحمقى تولى وجهها شطره ويكفيه مؤنة الركض فى الاحراش
ولكن العلم لا يعنى علم الشعائر والعبادات الذى حصر المسلمون أنفسهم فيه دهرا طويلا بل هنالك من العلوم المرتبطة بالواقع المعيشى على درجة من الاهمية الكبرى مثل السياسة وعلم النفس وعلم النفس الاجتنماعى وامور الاقتصاد ومعايشة احوال الناس المعيشية ومداخل قلوب النساء وعلى المسلمين أن يتعلموا النظرة النقدية للامور والبحث فيها عن الدلالة فالمعرفة ليست استدعاء المكنون فى العقل و القائه على مسامع الناس وسأضرب مثلا يعلم الكثيرون احداث السيرة ولكن القليل من يتمعنها جيدا انظر الى ذلكما المشهدين محمد رسول الله بعد ثلاث سنين من الدعوة يقف على جبل الصفا ينادى فى الناس انى نذير لكم بين يدى عذاب عظيم لم يعره البعض اهتماما وسخر منه البعض الآخر . بعد ثمانية عشر سنة من الدعوة محمد رسول الله يسجد سجدتين والناس منتظرون من حوله ثم يخرج اليهم وينظر قائلا " ما تظنون أنى فاعل بكم " واذا الذين قالوا له تبا لك الهذا جمعتنا يقولون له أخ كريم وابن أخ كريم
اذن فالعبقرية وحسن الفهم هى طاقة فكرية لا تعرف اليأس تنظر الى الحدث من كافة جوانبه
ان العبقرية وحسن الفهم فى جملة واحدة "هى انفعال متأن على أساس علمى ولكن تباركه الارادة الالهية " الم تقرأ قوله تعالى "ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما " ......وكذلك نجزى المحسنين
وفى التوراة ثناء على الفاهمين فيقول الملاك لدانيال فى سفره فى الاصحاح الثانى عشر بعد الحديث عن أحداث النهاية "
و كثيرون من الراقدين في تراب الارض يستيقظون هؤلاء الى الحياة الابدية و هؤلاء الى العار للازدراء الابدي
و الفاهمون يضيئون كضياء الجلد و الذين ردوا كثيرين الى البر يضيئون كالكواكب الى ابد الدهور" دانيال 12:3
وهذه هى نهاية التاريخ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق