"ان أهداف هذه الحكومة هى معرفة علل الأشياء وحركاتها الغامضة وتوسيع حدود مملكة الانسان ليمتد تأثيره الى كل الاشياء الممكنة " انها أهداف رائعة ولكن الغاية تراها مبهمة غير واضحة فماذا يعنى بمملكة الانسان ...انه يرى الجنس البشرى مثل مملكة النمل والنحل لا بد له كما فى الطبيعة من اطار تنظيمى وتعاونى تراه واضحا منظما لا يتغير ولا يتبدل جيلا بعد جيل فى الممالك الأخرى انه يريد المملكة البشرية فى نفس هذا التصور انه حقا أمر رائع ولكن هنالك خلل
فالجنس البشرى هنالك اختلافات منهجية وتنظيمية وعقيدية انهم أمم مختلفة نعم انهم من أب واحد وأم واحدة ولكنها كائنات تملك حرية الاختيار وتحديد المنهج فالسبيل اذن لتصور تلك المملكة هو الانسان نفسه الجسد البشرى وهذا لا يمنع من الاستفادة من تجارب الكائنات الاخرى انها "أمم أمثالكم .....ما فرطنا فى الكتاب من شىء " ويكون الاختلاف الواقع بين افراد البشر مثل الاختلاف بين خلايا الجسم المختلفة التى يجمع بينها رابط واحد هو الدفاع عن ذلك الجسد وتكون الاقليات الموجودة فى أى أمة مثل تلك "البكتيريا الخاملة" التى تعيش فى جسد كل منا وتقوم بينها وبين خلايا الجسد علاقات تبادلية ما دامت لم تهاجم الجسد وتنضم للكائنات الطفيلية الاخرى التى تأتى لمهاجمة الجسد البشرى عنوة "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ويخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا اليهم "
كما أن الرجل حين تحدث عن الغائية لهذا الكيان السياسى جاءت الغائية ناقصة أتفق مع قدر كبير من تصوراته ولكن ليس معها بأكملها فهو يقول فى كتابه الآلة الجديدة نقلا عن د.حبيب الشارون "ربما يكون من المستحسن أن نميز بين ثلاثة أنواع من الطموح الاول طموح الانسان الذى يصبو الى أن يبسط سلطانه داخل وطنه وهو طموح عامى وضيع يليه طموح من يحاول أن يوسع من قوة بلده وسيطرتها على الجنس البشرى وهو طموح أكثر احتراما ولكنه ليس أقل من السابق طمعا أما اذا سعى الانسان لأن يجدد قوة الجنس البشرى عامة ويوسع من سيطرته على الكون فان مثل هذا الطموح انما أكثر نبلا وعظمة من الآخرين ان سيطرة الانسان على الاشياء تقوم فحسب على الفنون والعلوم لأن السيطرة على الطبيعة لا تكون الا باطاعتها " نعم ان للفنون والعلوم دور فى التعامل مع الاشياء من حولنا وفك طلاسمها ولكن مكمن الخلاف فى الغائية والوسيلة فنحن المسلمين نرى أن لله ملك السموات والأرض وأننا فقط نقوم باستعمار هذا الكوكب ونرى المعايير التى تحكمنا و الوسيلة التى ننتاغم من خلالها مع الطبيعة وكائناتها باتباع النهج الذى أنزلته السماء الينا كما تتبعه ممالك الكائنات الآخرى "فاما يأتينكم منى هدى فمن اتبع هداى فلا يضل ولا يشقى " وبذلك يتحقق التناغم مع الطبيعة
وعلى ذلك فالاطار السياسى للمملكة البشرية يكون بنفس اطار الجسد البشرى والاطار التشريعى المنظم لها هو اطار يتناغم مع ما فرضه خالق الطبيعة الانسانية علينا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق