clavier arabe

الخميس، 24 فبراير 2011

مصر الجديدة

شئنا أم أبينا مصر هى بوابة العالم وهى حاضرة التاريخ هى مفتاح أى امبراطورية هذا ما كتبته الأقدار عليك يا بنة النيل ولكن كان لهذا الامر ضريبة أخرى جعل العالم كله يتوق للهيمنة عليها يقول ول ديورانت فى قصة الحضارة مجلد قيصر والمسيح "كان خليقا بمصر أن تكون أسعد بلدان الآرض قاطبة لأن النيل يرويها ويغذيها لأنها أكثر بلدان البحر المتوسط قدرة على الاكتفاء بخيراتها فهى غنية بالحب والفاكهة ... ورغم هذه الاسباب وربما لهذا الاسباب لم ينعموا بالحرية يوما واحدا فقد أغرت ثرواتها الطغاة والفاتحين واحدا اثر واحد على مدى خمسين قرنا من الزمان وكانوا يستسلمون لهؤلاء الطغاة والفاتحين ولم تكن مصر ولاية تابعة الى روما بل كانت تعد من أملاك الامبراطور نفسه "
ويقول روبير سوليه عن رؤية الفرنسيين لمصر "ليس للمصريين القدرة على حكم أنفسهم بأنفسهم وقد برهنوا على ذلك خلال أحداث عرابى لا ريب أنه يوجد مصريون متميزون ومتفوقون لكنهم عاجزون عن ادارة الشئون العامة فى مصر طوعا وبمفردهم لا يمكن لمصر المنبثقة عن العمل الاوروبى من نصف قرن ان تستغنى عن المساهمة الاوروبية " للأسف هذه هى النظرة الغربية للشعب المصرى شعب غير ناضج يحتاج دوما للوصاية ويجب عليه الخضوع للهيمنة وهى نظرة بالطبع خالية من أى موضوعية لأنها تخفى فى ثناياها رغبات استعمارية تخشى لتلك الدولة المتميزة جغرافيا و حضاريا وقدرات ابنائها العقلية متميزة عبر العصور تخشى لها استقلالية القرار فهى أرض الحكمة ومنبع الفلسفة والعلوم اما مقولة الاستسلام للفاتحين فهى مغالطة كبرى حيث ان الفرنسيين عادوا يجرون أذيال الخيبة ومن قبلهم الصليبيون وانكسر قرن التتار على مداخلهم ورضخ البطالمة لمعبوداتهم وكانت الاسكندرية ابان فترة النصرانية عاصمة النواح والالم قطعة من جهنم من يعبر بها سمع لها تغيظا وزفيرا وفى النهاية رضخت لها روما
ولكن الغرب أدار مصر من وراء ستار من طرف خفى أحيانا كما فى عهد محمد على أو بوجه سافر كما فى الاحتلال البريطانى حتى وصلنا للحظاتنا الراهنة أدار البلد بطريقة قمعية متشنجة تعادى المظاهر الاسلامية وترفض التسامح مع المنظومة الاسلامية بتعنت ممقوت رغم أن النظام العالمى يتسامح مع المتطرفين اليهود ومع الاقليات النصرانية فكانت النتيجة ذلك المشهد المأساوى الذى انتهت اليه الخريطة السياسية المصرية فأصبحت ملامحها كالتالى سياح غربيون لهم من الامتيازات ما يفوق أصاحب البلاد الاصليين أقلية نصرانية فى حماية فرنسا ثم الادارة الامريكية نفايات علمانية تتحرك تحت درع واق من الغرب يقدم لها الدعم والمساندة وأغلبية مسلمة لا يبكى عليها أحد ما لها فى النظام العالمى من ولى ولا نصير فدخلت البلاد فى حمام من الدم والمواجهة وتحولت ظاهرة ما يعرف بالارهاب من اشكالية محلية الى مواجهة عالمية هذا هو المشهد المصرى الذى يجب توضيحه حتى نعلم ما الذى نريده لمصر الجديدة
ان مصر الجديدة لا بد أن تتحرر من الوصاية الغربية ومن الرضوخ المهين ويصبح قرارها السياسى نابع من ارادة الجماهير ومتوافقا مع معتقدها
ان مصر الجديدة تضع فى اعتباراتها مبادىء نظم الحكم الرشيد الحرية والتى تعنى أن المنظومة التشريعية لا تنبع من مصالح لعدة أفراد أو هوى شخصى وأن يكون تطبيقها على الجميع دون محاباة ان الحرية تعنى طاعة القانون من كل فرد لا أن يتم تطبيقه على طائفة دون أخرى على أفراد دون آخرين على أجهزة ويتم استثناء أجهزة أخرى تعمل فى الخفاء من أى مساءلة
ان مصر الجديدة تقام فيها الكرامة الانسانية "ولقد كرمنا بنى آدم " تحت اطار عقد اجتماعى يقيم العدالة فيتم توفير الحقوق الاساسية لكل فرد ان المساءلة فى الاسلام أوصلها عمر للبغال فمال للبشر فى بلادى يئنون من لهيب الجوع ومخالب الفقر ....ان مصر الجديدة يتم فيها تهذيب الشعب أخلاقيا والارتقاء بالسلوك المجتمعى فتدنى الأخلاق فى الشارع المصرى ليس عفويا أو أمرا اعتباطيا بل هو سياسة مقصودة متعمدة استراتيجية ممنهجة وليد جهد فاسد انتشر أمدا طويلا ...لتصبح البلاد طاردة لابنائها نافرة منهم ويظن أولئك المخطئون السفهاء أنهم يؤدون للوطن الخدمة الكبرى
ان مصر الجديدة يتم فيها اعادة تأهيل الحركات الاسلامية التى لا تعى من الواقع العالمى الا النذر اليسير فى صحيح مسلم يحكى صحابى اسمه الشريد أنه كان رديف لمحمد رسول الله فقال له النبى هل معك من شعر أمية بن أبى الصلت شىء فقال له بيتا فقال هيه فقال له بيت آخر فقال له هيه فآخذ يقولها له حتى وصل لمائة بيت وأمية بن ابى الصلت كان كافرا ومحمد هو رسول الله الذى يتنزل عليه الوحى من السماء الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه كيف يستمع لشعر امرىء كافر وليس بيتا واحدا أو اثنين بل مائة بيت ...ان الحكمة ضالة المؤمن ولكنك ترى من الحركات الاسلامية من ترفض رأى عالم مسلم ينطق الشهادتين لأنه حليق اللحية رغم أن الحق ربما يكون فى حوزته أو لأنه ليس عضوا فى جماعتهم ويظنون أنهم هكذا من المتقين ما هذه الحماقة التى لا تعرف للخجل حمرة ؟ هناك من الحركات الاسلامية من يخاصم الواقع وينكفىء على نفسه يحلقون فى عالم ضبابى مشبع بالوهم يرون السياسة دنس يجب التطهر منه والعلوم الحديثة يمكن الاستغناء عنها ...من أين جىء بهؤلاء القوم ؟
ان مصر الجديدة لا ترى المدنية مصطلح يضاد الدين فكما قال ميكافيللى أن الدين أكبر مساند للمجتمع المدنى ان المدنية ان كانت تعنى العمران والحضارة فالذين أقاموا المدن المتلألئة بغداد وسامراء الفسطاط والقيروان ومن أوقدوا مشاعل الأندلس هم مسلمون انطلقوا من خلفية دينية تقول لو قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة فان استطاع ألا يقوم اليها حتى يغرسها فليفعل
ان مصر الجديدة هى البناء المنتظر والذى نريده ...ينهى أوجاع المصريين عبر السنين حتى يعرف فمك العذب طريق الضحكات يا بنة النيل



ليست هناك تعليقات: