يقول ول ديورانت فى المجلد السادس من قصة الحضارة بعنوان قيصر والمسيح {لو أن عادات وعقائد مختلفة متناقضة لم تنشأ فى مراكز المسيحية المتعددة والمستقلة بعضها عن بعض الى حد ما والخاضعة الى تقاليد وبيئات مختلفة لكان عدم حدوثه أمرا شديد الغرابة ولقد قدر للمسيحية بنوع خاص أن يطغى عليها سيل من البدع الدينية بتأثير عادات العقل اليونانى الميتافيزيقية والمولعة بالنقاش والجدل وليس من المستطاع فهم المسيحية على حقيقتها الا اذا عرفنا ما دخل فيها من هذه البدع لأنها وان غلبتها لم تسلم من بعض ألوانها وأشكالها }
لذلك ظهرت من الطوائف الضالة فى النصرانية ما لا حصر لها فظهرت الأدرية والتى كانت شيعة تخلط بين النصرانية والماديين والمجوس وجاء شاب يسمى مرسيون عام 140 م جاء كما يقول ديورانت ليكمل ما يدأه بولس بفصل المسيحية عن اليهودية وقال ان اله التوراة والكلام لديورانت {غليظ القلب صارم فى عدله اله حرب } أما اله الانجيل فغير ذلك تماما
ثم ظهرت طائفة أخرى عام 156م لشخص يسمى منتانس أخذ يندد بتعلق النصارى بشئون العالم وازدياد سلطان الأساقفة على الكنيسة وأخذ يطالب بالعودة الى بساطة المسيحية الأولى كما ظهرت شيعة الزهاد التى عمدت الى قمع شهواتها بمختلف الوسائل وقالت ان الزواج من الخطايا وظهرت شيعة المتخيلة والتى قالت ان المسيح لم يكن لحما ودما بل كان شبحا وخيالا والمتبنية والتى قالت ان المسيح ابن الله بالتبنى وليس بالطبيعة ويبدو أن أفرادها كانوا أعضاء فى دار الأورمان وأتباع بولس السموساتى وكانت ترى المسيح رجلا عاديا ولكنه أصبح الها بأخلاقه ثم ظهر شاب آخر من بلاد فارس يسمى مانى الطشقونى قال انه المسيح المنتظر وأخذ عقائد الزرادشتية والمثراسية واليهودية والأدرية ووقال ان المرأة هى خير ما صنع الشيطان وأن الرجل لو امتنع عن العلاقات الجنسية وأكل الأطعمة النباتية وصام بعض الوقت فانه بتغلب على الشيطان وظلت طائفته ألف عام حتى ظهر جنكيز خان
لقد أفسد العقل اليونانى الديانة النصرانية وأدخل فيها ما ليس منها مثلا عقيدة القيامة من بين الأموات مقتبسة من الفلسفة اليونانية وهذا ظاهر فى سفر أعمال الرسل عندما أراد بولس أن يمارس ضلالاته فقد قابل بعضا من الفلاسفة الابيكوريين وفلاسفة الرواقيين فوقف بولس محاولا أن يستميلهم ويبدو أنه كان على معرفة بعقائدهم وارائهم فقال لهم اننا ذرية الله كما قال بعض شعرائكم وأخذ يحدثهم عن قيامة المسيح من بين الأموات فقالوا {ولما سمعوا بالقيامة من الأموات كان البعض يستهزئون والبعض يقولون سنسمع منك عن هذا أيضا } أعمال الرسل 33:17 مما أثار أحبار اليهود وأمسكوا به وقالوا { ان هذا يستميل الناس أن يعبدوا الله بخلاف الناموس } 13:18 ولقد أخبرنا نبى الاسلام أن النصارى تفرقت على اثنين وسبعين فرقة
أذكر أننى سألت نفسى يوما يوما و لماذا لم يأكل الحواريون جسد المسيح ويشربوا دمه فبدلا من أن ينزلوه كما يعتقد النصارى ويدفنوه كان المفروض أن يأكلوا جسده ويشربوا دمه وهم يفعلون ذلك الآن فى طقوسهم فلماذا لم يفعله الحواريون ألم يقل فى انجيل يوحنا { فقال لهم الحق الحق أقول لكم ..من يأكل جسدى ويشرب دمى فله حياة أبدية وأنا أقيمه فى اليوم الأخير . لأن جسدى مأكل حق ودمى مشرب حق من يأكل جسدى ويشرب دمى يثبت فى وأنا فيه ...فمن يأكلنى فهو يحيا بى هذا هو الخبز الذى أنزل من السماء } انجيل يوحنا 52:6 فان كان المسيح قد قال ذلك فلماذا لم يفعله الحواريون وكنت أسأل العديد من النصارى ولا أجوبة الجميع لا يعرف الجميع يخشى أن يسأل الى أن أتتنى الاجابة من ديورانت وأوضح من أين أتت تلك العادة
يقول ديورانت { وكان المسيحيون الأوائل يجتمعون فى عيد الحب "أغابى "وكان القس يبارك الخبز والخمر ويبدو أن المؤمنين كانوا يعتقدون أن الخبز والخمر كانا هما لحم المسيح ودمه أو أنهما يمثلان لحمه ودمه وكان عباد ديونشس وأثيس ومثراس يؤمنون بما يشبه تلك العقائد فى المآدب التى يأكلون فيها الأجساد المسحورة لآلهتهم أو رموز هذه الأجساد } وفى الفلسفة الأورفية التى تأثرت بها النصرانية كثيرا {وكان الاخوان الأورفيون فى اجتماعهم يشربون دم ثور يضحون به للمنقذ الميت الذى يكفر عن خطاياهم ويوحدون بينه وبين هذا المنقذ وكانوا يعتقدون أن هذا الطعام ستحل فيه بهذا التقديس قوى الاله ثم تنتقل منه بطريقة خفية الى المشتركين فى تناوله
الحمد لله على نعمة الاسلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق