-1-
أخبره سكرتيره الخاص بأن مراسلا لاحدى الوكالات الأجنبية يريد لقاءه بصفته رئيسا لواحدة من المؤسسات الصحفية العريقة لمعرفة رأيه فى قضايا الساعة الشائكة , فأمر بأن يدخله بعد خمس دقائق أسرع الى المرآة ليصلح هندامه الكرافتة الباريسية الناعمة , البدلة السيلفر من أكبر دور الأزياء العالمية , أخرج سيجارا كوبيا فاخرا من جيبه فوقعت ورقة قديمة بالية على الأرض, مال اليها ليلتقطها بيد مرتعشة انها منشور سياسى قديم ينتقد النظام بشدة كان يقوم بتوزيعه على زملائه ابان الدراسة الجامعية ألقى عينيه فى ثناياها وهو يبتسم لا يدرى لماذا يصر على الاحتفاظ بها , هل هو جزء من ماض يريد ألا ينساه أو بالأحرى يتمنى ألا ينساه , انها ورقة التوت التى يستتر بها أمام نفسه كلما أوجعه صوت الضمير , ولكن ثمة شىء يراقبه انها عينا صورة الزعيم التى تعلو مكتبه بدا عليه الارتباك , أدار عينيه فى المكان يتفحصه كأنه يراه لأول مرة ...ولكن فى مكتب فخم مثل هذا لا مكان لتلك الأوجاع , أطبق على الورقة بيده كأنه يخنقها حشرها , بين أصابعه لا يريد لها ألا تتنفس , دخل مراسل الوكالة الأجنبية استقبله بدبلوماسية شديدة سأله المراسل عن رأيه فى التعديلات الدستورية فأجابه انها علامة فارقة فى تاريخ البلاد تدل على مدى حكمة السيد الزعيم ..وأطلق لنفسه العنان و استفاض ببلاغة لا تقاوم فى الدفاع عن كل التوجهات الحكومية انتهى اللقاء وقد بدت عليه علامات الرضا فقد كانت اجاباته أكثر من رائعة ستنال الرضا وتحقق المطلوب , أخرج ولاعته الذهبية وأخرج الورقة القديمة من براثن يده ليعطيها بعض الهواء
وميض لهب يبكى ودخان خفيف يتطاير
...لقد آن لتلك الورقة أن تحترق
-2-
استقل سيارته المرسيدس وركب خلف السائق أخذ يقلب فى بعض الأوراق التى تحمل أفكارا لتطوير المؤسسة الكوبرى مزدحم والاشارة مقفولة والطريق تصطف عليه مئات السيارات شعر بتململ شديد ليس بسبب الحر الشديد هذا اليوم فالعربية مكيفة ولكنها سآمة الانتظار فهو دوما يكرهه
استغل تلك اللحظات فى تفقد وجوه المواطنين التى تغدو وتروح على الكوبرى وجوه بائسة, أجساد نحيلة عيون زائغة ..حائرة .. تائهة , أشباح تتحرك تظن نفسها على قيد الحياة
أحدهم يحمى رأسه بجريدة المؤسسة .... انها أحد مآسيكم يا مسكين, لفت نظره بائع الترمس على الكوبرى رجل قتلته الشمس الحارقة بلا رحمة انه لم يكن بنفسه رفيقا فكيف ترفق هى به , ملابسه رثة و ولهيب الجوع فى وجهه يناطح لهيب الشمس , الذباب يحوم حول بضاعته, يدفعه بعيدا ولكنه يعود اليه , كان البائع يستمع الى شريط للشيخ الفضائى الشهير ينصح ابناء الشعب المطحون المسروقة ثرواتهم أن يصبروا وأن يرضوا بقضاء الله فالدنيا فانية , لم يشعر برنين المحمول الا والسائق يناوله اياه مخبرا بأنه الوزير على الهاتف , أمد يده بتعال شديد لم يضع السماعة على هاتفه مرة واحدة بل انتظر ثانية أو ثانيتين نعم يا سيادة الوزير ...التعديلات الدستورية انها علامة فارقة فى تاريخ البلاد ...المعارضة .. يضحك ساخرا ثم يستدير , وفحيح مكر يبرق فى عينيه المعارضة يا سيادة الوزير مثل خيال الظل ..الجميع يتحرك بعصا من خلف ستار , الرجال القادرون على التغيير لا يجلسون فى مقاعد البرلمان ,الرجال القادرون على التغيير يقبعون دوما داخل السجون
سيادة الوزير لا تضع المعارضة فى اعتبارك .. .....هنالك انفتحت الاشارة
-3-
أمر السائق بأن يتوجه الى أحد المدارس الخاصة الشهيرة فعليه اليوم أن يصحب ابنه لشراء هدية عيد الميلاد فالولد العنيد أصر أن يختارها بنفسه توقف أمام باب المدرسة خلف عربة هامر أثارت فضوله حاول أن يعرف من بداخلها دون جدوى دافع الفضول يتحرك داخل صدره كبندول الساعة لا يريد أن يتوقف , نقر خفيف على زجاج السيارة ليفاجأ بوجه ضخم يطل عليه انه مدير المدرسة وأحد كوادر الحزب وعضو بالبرلمان ما ان علم بوجوده بالخارج حتى أصر على الخروج اليه ودعوته الى فنجان قهوة فى مكتبه فتح الباب وسلم عليه بحرارة شديدة ولكنه اعتذر عن فنجان القهوة لارتباطه بمواعيد هامة سأله عن التعديلات الدستورية فقال انها علامة فارقة فى تاريخ الوطن, دار فى خلده أن يسأله عن صاحب السيارة الهامر ولكنه تراجع فى اخر لحظة, أغلق الباب وعاد الى كرسيه الوثير أخيرا ظهر ابنه ومعه صديق له قام بتوديعه بطريقة عبثية فتح الولد السيارة وألقى التحية على والده وارتمى جالسا بجواره , ربت على رأس ابنه بحنان بالغ وهنأه على عيد ميلاده الرابع عشر وهاهو ينفذ وعده بشراء الهدية التى يرغب فيها مهما كان ثمنها , لاحظ أن صديق ابنه قد استقل السيارة الهامر فاشتعلت جذوة الفضول لديه من جديد وسأله عن زميله هذا فأجاب انه بن الشيخ الفضائى الشهير وأن والده ينتظره داخل السيارة
فعلت الدهشة وجهه ثم انفجر ضاحكا وبينما السائق يستدير عائدا الى البيت لمح مدير المدرسة عضو الحزب وهو يمازح الشيخ الفضائى الشهير .....داخل سيارته الهامر
أخبره سكرتيره الخاص بأن مراسلا لاحدى الوكالات الأجنبية يريد لقاءه بصفته رئيسا لواحدة من المؤسسات الصحفية العريقة لمعرفة رأيه فى قضايا الساعة الشائكة , فأمر بأن يدخله بعد خمس دقائق أسرع الى المرآة ليصلح هندامه الكرافتة الباريسية الناعمة , البدلة السيلفر من أكبر دور الأزياء العالمية , أخرج سيجارا كوبيا فاخرا من جيبه فوقعت ورقة قديمة بالية على الأرض, مال اليها ليلتقطها بيد مرتعشة انها منشور سياسى قديم ينتقد النظام بشدة كان يقوم بتوزيعه على زملائه ابان الدراسة الجامعية ألقى عينيه فى ثناياها وهو يبتسم لا يدرى لماذا يصر على الاحتفاظ بها , هل هو جزء من ماض يريد ألا ينساه أو بالأحرى يتمنى ألا ينساه , انها ورقة التوت التى يستتر بها أمام نفسه كلما أوجعه صوت الضمير , ولكن ثمة شىء يراقبه انها عينا صورة الزعيم التى تعلو مكتبه بدا عليه الارتباك , أدار عينيه فى المكان يتفحصه كأنه يراه لأول مرة ...ولكن فى مكتب فخم مثل هذا لا مكان لتلك الأوجاع , أطبق على الورقة بيده كأنه يخنقها حشرها , بين أصابعه لا يريد لها ألا تتنفس , دخل مراسل الوكالة الأجنبية استقبله بدبلوماسية شديدة سأله المراسل عن رأيه فى التعديلات الدستورية فأجابه انها علامة فارقة فى تاريخ البلاد تدل على مدى حكمة السيد الزعيم ..وأطلق لنفسه العنان و استفاض ببلاغة لا تقاوم فى الدفاع عن كل التوجهات الحكومية انتهى اللقاء وقد بدت عليه علامات الرضا فقد كانت اجاباته أكثر من رائعة ستنال الرضا وتحقق المطلوب , أخرج ولاعته الذهبية وأخرج الورقة القديمة من براثن يده ليعطيها بعض الهواء
وميض لهب يبكى ودخان خفيف يتطاير
...لقد آن لتلك الورقة أن تحترق
-2-
استقل سيارته المرسيدس وركب خلف السائق أخذ يقلب فى بعض الأوراق التى تحمل أفكارا لتطوير المؤسسة الكوبرى مزدحم والاشارة مقفولة والطريق تصطف عليه مئات السيارات شعر بتململ شديد ليس بسبب الحر الشديد هذا اليوم فالعربية مكيفة ولكنها سآمة الانتظار فهو دوما يكرهه
استغل تلك اللحظات فى تفقد وجوه المواطنين التى تغدو وتروح على الكوبرى وجوه بائسة, أجساد نحيلة عيون زائغة ..حائرة .. تائهة , أشباح تتحرك تظن نفسها على قيد الحياة
أحدهم يحمى رأسه بجريدة المؤسسة .... انها أحد مآسيكم يا مسكين, لفت نظره بائع الترمس على الكوبرى رجل قتلته الشمس الحارقة بلا رحمة انه لم يكن بنفسه رفيقا فكيف ترفق هى به , ملابسه رثة و ولهيب الجوع فى وجهه يناطح لهيب الشمس , الذباب يحوم حول بضاعته, يدفعه بعيدا ولكنه يعود اليه , كان البائع يستمع الى شريط للشيخ الفضائى الشهير ينصح ابناء الشعب المطحون المسروقة ثرواتهم أن يصبروا وأن يرضوا بقضاء الله فالدنيا فانية , لم يشعر برنين المحمول الا والسائق يناوله اياه مخبرا بأنه الوزير على الهاتف , أمد يده بتعال شديد لم يضع السماعة على هاتفه مرة واحدة بل انتظر ثانية أو ثانيتين نعم يا سيادة الوزير ...التعديلات الدستورية انها علامة فارقة فى تاريخ البلاد ...المعارضة .. يضحك ساخرا ثم يستدير , وفحيح مكر يبرق فى عينيه المعارضة يا سيادة الوزير مثل خيال الظل ..الجميع يتحرك بعصا من خلف ستار , الرجال القادرون على التغيير لا يجلسون فى مقاعد البرلمان ,الرجال القادرون على التغيير يقبعون دوما داخل السجون
سيادة الوزير لا تضع المعارضة فى اعتبارك .. .....هنالك انفتحت الاشارة
-3-
أمر السائق بأن يتوجه الى أحد المدارس الخاصة الشهيرة فعليه اليوم أن يصحب ابنه لشراء هدية عيد الميلاد فالولد العنيد أصر أن يختارها بنفسه توقف أمام باب المدرسة خلف عربة هامر أثارت فضوله حاول أن يعرف من بداخلها دون جدوى دافع الفضول يتحرك داخل صدره كبندول الساعة لا يريد أن يتوقف , نقر خفيف على زجاج السيارة ليفاجأ بوجه ضخم يطل عليه انه مدير المدرسة وأحد كوادر الحزب وعضو بالبرلمان ما ان علم بوجوده بالخارج حتى أصر على الخروج اليه ودعوته الى فنجان قهوة فى مكتبه فتح الباب وسلم عليه بحرارة شديدة ولكنه اعتذر عن فنجان القهوة لارتباطه بمواعيد هامة سأله عن التعديلات الدستورية فقال انها علامة فارقة فى تاريخ الوطن, دار فى خلده أن يسأله عن صاحب السيارة الهامر ولكنه تراجع فى اخر لحظة, أغلق الباب وعاد الى كرسيه الوثير أخيرا ظهر ابنه ومعه صديق له قام بتوديعه بطريقة عبثية فتح الولد السيارة وألقى التحية على والده وارتمى جالسا بجواره , ربت على رأس ابنه بحنان بالغ وهنأه على عيد ميلاده الرابع عشر وهاهو ينفذ وعده بشراء الهدية التى يرغب فيها مهما كان ثمنها , لاحظ أن صديق ابنه قد استقل السيارة الهامر فاشتعلت جذوة الفضول لديه من جديد وسأله عن زميله هذا فأجاب انه بن الشيخ الفضائى الشهير وأن والده ينتظره داخل السيارة
فعلت الدهشة وجهه ثم انفجر ضاحكا وبينما السائق يستدير عائدا الى البيت لمح مدير المدرسة عضو الحزب وهو يمازح الشيخ الفضائى الشهير .....داخل سيارته الهامر
قصة قصيرة للدكتور حامد أنور
not allowed to prpduce any artificial tears Na free or less serum level without agreement of d. hamed anwar
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق