مسرحية من فصل واحد
الشخصيات الضابط والمتهم
المكان مركز من مركز التحقيق الضابط يجلس على مقعد أمامه مكتب مستدير بالقر ب منه يجلس المتهم على مقعد آخر من الناحية الأخرى وموضوع غمامة على عينيه
الضابط :هل ما زلت مصرا على انكار التهمة الموجهة اليك
المتهم :أى تهمة يا سيدى
الضابط :مقاومة القوات أثناء القيام بعملهم
المتهم :وما هو عملهم
الضابط:حفظ الامن والقانون ..." يقولها بصوت عال "
المتهم :وما هو القانون
الضابط وهو يصك على أسنانه من الغيظ : الذى يطرح الـأسئلة هنا أنا ولست أنت
المتهم :لا بد أن أعرف طبيعة التهمة الموجهة الى
الضابط : حسنا القانون هو الوسيلة التشريعية التى تحقق الانضباط و تضمن الحقوق للمواطنين
المتهم : ان قوانينكم ليست سوى فرمانات قاسية لم تنبع من مقتضيات الناس وحاجاتهم المعيشية بل هى لتكريس مصالح ومكتسبات لكم وللسلطة المستبدة انت أول من تتنكرون للقانون ...هل تسمع عن الأديب الامريكى رالف وولدو ايمرسون
الضابط :لا لم أسمع عنه من قبل
المتهم : ان له مقولة هى تجسيد للقانون فى العالم اليوم يقول "ليس الخير والشر الا مجرد اسمين يمكن اطلاق الواحد منهما على الآخر على هذا الشىء أو ذاك والواقع أن الصواب هو كل ما يوافق مزاجى والخطأ هو ما لا يوافقه
الضابط : لا لا نحن لسنا كذلك
المتهم :انكم تعاقبون كل من يقول لكم لا
الضابط :لا تدع بطولة زائفة ان الشيطان أيضا قال لا وكانت عقوبته .....الطرد .... "يقولها وهو يرفع حاجبه "
المتهم ان الشيطان قال لا للعدالة لقد كان مصطفا مع الملائكة حين طلب منهم معرفة أسماء الأشياء ولكنه لم يتفوه بحرف فلماذا أبى السجود اذن
الضابط :ولكنكم أقلية والمفروض أن يصغى الفرد لرأى الجماعة وينقاد الى مسار المجتمع
المتهم :لو كان هذا صحيحا لما ظهر الانبياء والفلاسفة وةالمصلحون ولما مرت البشرية بطفرات فكرية قادتها الى الحضارة والتمدن
هل كان أبو بكر محقا حين خالف جماعة المدينة وقرر التصدى لمانعى الزكاة
الضابط : بالطبع نعم
المتهم :اذن ليس بالضرورة أن يكون رأى الجماعة صائبا أتدرى أيها الضابط ما هو أعظم استثمار ...انه الاستثمار فى بناء الانسان
الضابط : "وكأنه يحاول الاستيعاب
الاستثمار فى بناء الانسان .... ولكن كثيرا من الذين شردوا عن الجماعة لفظهم التاريخ وتعرضوا للاقصاء فما الفيصل اذن
المتهم : الفيصل هو موافقتهم التعاليم الدينية للقيم الانسانية للفطرة السليمة لذلك فقد عاشت أفكار بن تيمية بينما ولدت أفكار الحلاج وهى تحتضر تقاسى النزع الأخير ....لم تعرف طريقها الى قلوب البشر
الضابط يشعل سيجارا ويخرج من صدره نفسا عميقا يوجهه ببطء نحو المتهم لينقل اليه الاحساس بالاختناق الذى يكتنفه
الضابط :ولكنكم هكذا تثيرون روح التمرد فى المجتمع تضربون الاستقرار هل من المعقول أن نضيع الجماعة من أجل فرد
المتهم :لقد أهلك الله ثمود من أجل ناقة وأعلن محمد رسول الله الحرب على قريش حين فقط أشيع مقتل عثمان وكانت البيعة وعندما أراد اليهود التخلص من المسيح أنجاه الله وجعل عليهم الهيكل خرابا وأوقع السيف بينهم ...ايها الضابط دعنى أسألك سؤالا
الضابط : تفضل ....يقولها بتثاقل
المتهم :هل أنت راض عن عملك
الضابط : بصراحة كثيرا ما أشعر بالضيق من هذا العمل خاصة حين أرى نظرات الخوف فى عيون أحدكم أو نظرات عتاب ممزوجة برغبة جامحة فى التشفى أو نظرة وعيد ملتهب يكاد شرره يحرق الملابس هل تعرف لماذا نضع تلك الغمامة على أعينكم ليس فقط حتى لا تتعرفوا علينا ......" يقولها وهو يبتسم " ولكن أيضا لتكون حاجزا بيننا ووبين رسائل أعينكم القاسية
"يقولها وهو يرتجف رجفة خفيفة "
المتهم : ومن الذى وضع هذا الحاجز بيننا
الضابط : الذى وضع هذا الحاجز ....تتغير نظرة عينية ونبرة صوته وكأنه يستفيق من لحظة سكر ॥أعمالكم المزرية فى حق الوطن والقانون
المتهم :مرة أخرى ستقول القانون ان شعاراتكم قد بالت من كثرة التداول انها تشبه قطعة العلك التى تمزقت من كثرة المضغ فى أفواه متعددة ان الشعارات تئن وهى فى أفواهكم
الضابط : ما اسم هذا الأديب الامريكى الذى ذكرته
المتهم :ايمرسون ...رالف وولدو ايمرسون
الضابط :يبدو انه كان محقا .... ان مقولته هى قانون العالم الآن
صوت رصاصة مدوى يخترق مركز التحقيق
النور ينقطع فجأة الظلام يسود المكان
فترة صمت
فترة صمت
فترة صمت
النور يعود مرة أخرى
المتهم يجلس على مقعد الضابط والضابط و الغمامة تتربع على عينيه .....يجلس على مقعد المتهم وأمامهما المكتب المستدير
المتهم :هل ما زلت مصرا على انكار التهمة الموجهة اليك
الضابط :أى تهمة يا سيدى ؟؟؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق