أخرج لنا القرن الامريكى النموذج البشرى الأسوأ عبر التاريخ الانسانى نموذج يجعل الاعين تنظر الى السماء تتساءل فى حسرة ممزوجة بالأسى الهى أى ذنب اقترفناه حتى نصطدم بتلك المسوخ المشوهة من حولنا ... يبدو أننا لم نتطهر بعد نموذج يجعل الانفس ذات الشهية المفتوحة تصاب بالغثيان يرتكبون الاخطاء بسذاجة ويدافعون عنها بغطرسة ... يخلطون الحقيقة بألاف من الأكاذيب أمور تجعلك تخاطب الاحلام الوردية فى أسى وهى تسبح فى عالم الخيال ليس هذا هو العالم الذى ننشده يابنيتى .... انه لم يأت بعد
يرسم لنا سفر اشعياء الاصحاح التاسع والخمسون الملامح الشائنة لذاك النتاج والمنتوج البشرى بصورة رائعة يغوص فى مكامنها خفاياها فيبرزها واضحة للناظرين للمبصرين فيقول "بل آثامكم صارت فاصلة بينكم وبين الهكم وخطاياكم سترت وجهه عنكم حتى لا يسمع لأن ايديكم قد تنجست بالدم وأصابعكم بالاثم شفاهكم تكلمت بالكذب ولسانكم يلهج بالشر ليس من يدعو بالعدل وليس من يحاكم بالحق يتكلون على الباطل ويتكلمون بالكذب قد حبلوا بتعب وولدوا اثما فقسوا بيض لأفعى ونسجوا خيوط العنكبوت .....أعمالهم أعمال اثم فعل الظلم فى أيديهم أرجلهم الى الشر تجرى و تسرع الى سفك الدم الذكى " يا الهى كيف صارت تلك الجنة الأرضية المنشودة حلم المتدينين فى عصور ما قبل كولومبوس كيف صارت هكذا موطنا للشر تنصب عليها اللعنات السماوية تطاردها دعوات المستضعفين بالهلاك وشكاوى المسحوقين تتعالى تنادى يد الأقدار بالمحاكمة ويبدو ان الايام القادمة بمشيئة الله تعالى ستشهد تلك الاراضى الجديدة فصلها الوحيد و ستحدث حركة نزوح كبيرة وفرار من جنسيات متعددة فكما جاء فى سفر الرؤيا فى الاصحاح الثامن عشر يخاطب الرب ساكنيها "ثم سمعت صوتا أخرا من السماء قائلا اخرجوا منها يا شعبى لئلا تشتركوا فى خطاياها ولئلا تأخذوا من ضرباتها لأن خطاياها لحقت السماء "
كيف صارت الارض الجديدة هكذا ما الذى أصابها أى روح آثمة تلك التى لم تصغ الى ترنيمة الحياة أى روح شاردة تلك التى اختطفتها يد الشيطان فكتبت تلك النهاية المأساوية على حلم ممتع كان يداعب الخيال فتحول الى كابوس مزعج تفزع منه النفوس
فى سورة الكهف جاءت قصة صاحب الجنتين ذلك الرجل الذى اجتمعت اليه الظلال الوارفة و أشجار النخيل المبتهجة التى تعلو تناغى سحاب السماء و وتفتحت له الثمار الناضجة الباسمة كل هذا السحر وكل ذاك الجمال أدار رأسه واستدار بها وامتدت سكرة البصر لتخنق نور العقل فأخذ يردد "ما أظن أن تبيد هذه ابدا " ولكنها ويا للعجب بادت وفى فترة وجيزة وتأتى الريح بما لا يهوى الركبان ومثل هذا الكلام تردد على لسان احدى المسئولين فى ذلك العالم الجديد الذى ولد فى منتصف النهار ويبدو أنه سيرحل قبل الغروب فيقول الاصحاح ردا عليها "لأنها تقول فى قلبها أنا جالسة ملكة ولست أرملة ولن أرى حزنا من أجل ذلك ستأتى ضرباتها موت وحزن وجوع وتحترق بالنار لأن الرب الذى يدينها قوى " ويوصى الرب الصديقين قائلا "جازوها كما هى أيضا جازتكم وضاعفوا لها ضعفا نظير أعمالها فى الكأس التى مزجت فيها امزجوا لها ضعفا بقدر ما مجدت نفسها وتنعمت بقدر ذلك أعطوها عذابا وحزنا " فى سورة الكهف يقول المولى "وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا " نعم هناك سيكون عرض لجهنم كما العروض العسكرية ولكن مع الفارق بالطبع ستعرض على الملأ على أعين الناس انظروا هاهو لهبها زفيرها انظروا ها هى شجرة الزقوم ..ها هي عيون الحميم كذلك سيكون هناك عرض عالمى حيث يقول الاصحاح " وسيبكى وينوح عليها ملوك الأرض ..حينما ينظرون دخانها حريقها واقفين من بعيد لأجل خوف عذابها قائلين ويل ويل المدينة العظيمة بابل المدينة القوية لأنه فى ساعة واحدة جاءت دينونتك وسيبكى تجار الأرض وينوحون لأن بضائعهم لا يشتريها أحد " ولن يكونوا هم فقط المنتحبون بل والربان والملاحون والبحارة لأنه فى ساعة واحدة خرب كل هذا الغنى وتلاشى كل هذا الثراء "وألقوا ترابا على رؤوسهم وصرخوا باكين ونائحين وقائلين المدينة العظيمة التى فيها استغنى جميع الذين لهم سفن فى البحر من نفائسها لأنها فى ساعة واحدة خربت افرحى ايتها السموات والرسل والقديسون والأنبياء لأن الرب دان دينونتكم "
لقد قال أحد أدبائكم يوما " ستتبدد أحلام المؤسسين ولن يأتى الغد الا بما جاء به الأمس " ان الامبراطورية التى أقامت علاقات متشعبة فى كل العالم ونسجت خيوطا معاملات كانت كنسيج العنكبوت لا تقوم على أسس تتسم بالمتانة فكان البيت واهنا ضعيفا رغم أنه كان يبدو غير ذلك "كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وان أوهن البيوت لبيت العنكبوت ...لو كانوا يعلمون "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق