clavier arabe

الأربعاء، 4 مايو 2011

هذه الحياة الدنيا

هل تقوم الحياة على الصراع أم تقوم على التعاون أم انها تقوم على الاثنين معا تعاون يغذى الصراع وصراع يدفعك الى التعاون دفعا دعونا نوضح الامور أكثر
ذكرتنى الانباء الواردة من الجنوب الأمريكى عن تلك الأعاصير التى تمارس هوايتها فى حصد الأرواح ويد الردى التى تأبى أن تمضى دون أن تصحب معها المئات ذكرنى ذلك بما ذكره ول ديورانت فى قصة الحضارة عما حدث فى الاول من نوفمبر عام الف وسبعمائة وخمس وخمسين فى التاسعة وأربعين دقيقة فى احتفال عيد كل القديسين حينما امتدت أصابع القدر الى القشرة الأرضية فى لشبونة فاهتزت واهتزت معها القلوب والمبانى فى ست دقائق فقط هدمت ثلاثين كنيسة وألف منزل وقتل خمسة عشر ألف شخص وأصيب مثلهم بجراح خطيرة وتصاعدت المناوشات اللفظية وكثر اللغط والتساؤل لم اختارت أياد القدر تلك المدينة ولم تلك الساعة لتفاجئها بهذا الزلزال الرهيب فقال البعض انه عقاب السماء على الرذيلة المتفشية فأجاب البعض الأخر ان الذين قضوا هم من المتواجدين فى المعابد لا المراقص ان معظم القتلى من القساوسة المتبتلين والراهبات ويقول ديورانت وربما هلل المسلمون لما حدث بسبب أهوال محاكم التفتيش ولكن المسجد الكبير فى الرباط والذى يحمل اسم المنصور تهدم أيضا ولكن يا سيد ديورانت انها اشارة السماء الى أؤلئك الذين تقاعسوا عن نصرة اخوانهم الذين أثخنتهم محاكم التفتيش ورفعوا شعارات لا تتواجد على الواقع بشكل فعلى.... ان الله يدافع عن الذين أمنوا فبعدما سكنت آهات المعذبين وبالت عظام الضحايا وظن الجميع أن الغيوم قد انقشعت وأضحت السماء صافية جاء عقاب الأقدار .....ان موسى قال لفرعون ...لا يضل ربى ولا ينسى هنا لك انتفض فولتير وهبت على عقله نسمات من الحكمة المغلفة ببعض الشوائب فقال ما ذنب أؤلئك الاطفال الذين سالت دماؤهم وهم فى أحضان أمهاتهم و هل رذائل لندن وباريس أقل من رذائل لشبونة ان لشبونة قد دمرت ولكن باريس لا تزال ترقص ثم قال وصفا رائعا للدنيا القاتمة كما رآتها عيناه
" ان الصقر الضارى ينقض على فريسته المخلوعة الفؤاد ويتلذذ بالتهام أوصالها الدامية وكل شىء يبدو فى نظره على ما يرام ولكن سرعان ما يأتى نسر كاسر ويلتهم بمنقاره الحاد الصقر بدوره ثم يعاجل الانسان النسر المتكبر بطلقة تصيب منه مقتلا ويتوسد الانسان التراب على أرض المعركة ينزف الدم وقد أثخنته الضربات وسط كومة من الموتى وهكذا تئن الدنيا بكل من فيها حيث ولدت لتشقى وتعانى ويكون مصيرها الموت المتبادل ...ان العناصر والحيوان والانسان كلها فى صراع فلنعترف بأن الشر ملأ الأرض واستشرى فيها "
وأقول هكذا تقوم على الحياة على الصراع ولكنه الصراع المتوازن ان أى حلقة مفقودة في تلك الدائرة ستجعل احد الكائنات يفرض سيطرته على الأرض ويعيث فيها فسادا ان النفس البشرية حين تستقيم لها الامور وتسير وفق ما تبغى فانها تركن الى الراحة والمتعة وحين يأمن الانسان من الخوف فانه ينصرف الى اشباع الغرائز ويغط فى سكرة الهوى لا يستفيق منها الا بأحداث جسام تهز الرؤوس المخمورة لعلها تعود الى صحيح الطريق وما يسرى على الافراد يسرى على الدول والامم والحضارات من زلزال اليابان الى بركان أيسلندا الى أعصار كاترينا ان هناك يدا أعلى تدير الكون
فى سورة الحديد يوضح الرب أن أى مصيبة تحدث هى مسطورة فى كتاب قبل أن ترى حيز الوجود وقبيل خروجها الى الواقع المنظور ويبين العلة "لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم " فالأحداث حين تأتى تهدف الى تقويم السلوك البشرى
ولكن وسط هذا الصراع المرير توجد مظاهر للتعاون بعضها يؤتى بثمار تتلذذ بها الاجواء كما فى النبات الذى يمد الكوكب بالطاقة وهناك تعاون أخر يأتى بثمار كريهة تصب عليها اللعنات كتلك الطيور التى تنظف أسنان التمساح ليستعد لالتهام فريسة أخرى وتنذره بالخطر حين يقترب
هكذا تقوم الحياة على صراع وتعاون وتدير دفته يد القدر التى تأبى الا اقامة العدل وتحقيق الخير للبشرية جميعا
ولذلك فان الاعاصير سوف تستمر فى الاندفاع وريح الدمار لن تتوقف عن الهبوب

ليست هناك تعليقات: