clavier arabe

الأربعاء، 3 يونيو 2009

مأزق زيارة أوباما

تعانى الولايات المتحدة الامريكية من اشكالية كبرى تجسد بشكل صادق أزمة زيارة أوباما الى المنطقة وهى الحفاظ على أمن الدولة العبرية وواجبها الدينى والتاريخى لحماية دولة اسرائيل وبين قيمها وحقوق الانسان فى المنطقة فهى ان أطلقت سراح شعوب المنطقة وأعطتهم حق تقرير المصير فسوف تأتى أنظمة حكم تدخل فى صراع مباشر مع الدولة العبرية وان قامت بدعم نظم الاستبداد وتخلت لقيمها فانها ستفقد مصداقيتها فى المنطقة
فيتزايد العداء والكراهية لها تلك هى بحق الاشكالية الكبرى وحيث اننا هنا نطلق دوما دعوة للعقل والفكر سنناقش بهدوء شديد هذه الاشكالية وسبل الخروج منها فدعم تلك الانظمة لا يعنى بالضرورة الأمان لدولة اسرائيل لأن وجود هذه الأنظمة هو السبب الرئيس لنشأة ما يسمى بالارهاب وما دامت هذه الأنظمة موجودة ستظل جمرة الارهاب متقدة تنتظر الوقت المناسب للاشتعال والانتشار يقول اريك موريس والان هو فى كتاب "الارهاب التهديد والرد عليه " والكتاب صادر عن مكتبة الاسرة ترجمة الاستاذ أحمد حمدى محمود فى فصل سيكولوجية الارهاب
يقول المؤلفان {ان الارهاب يهدف الى اضعاف الثقة التى يشعر بها المواطنون تجاه مقدرة الحكومة القائمة على توفير بيئة امنة بمقدور الناس أن يحيوا فى ظلالها حياة هانئة دون خوف على أرواحهم أو سبل عيشهم وهكذا ينصب الارهاب أساسا على الثقة انه هجوم على معنويات المواطنين ويعمل فى مستوى انسانى أساسى فما لم يتم اشباع الحاجات الاساسية للنفس البشرية وبخاصة الامان والسلامة سيتعذر على الانسان التطلع للقيام بنشاط أسمى مثل اكتساب المعرفة والحالة العظيمة والأهمية الخاصة بتحقيق الذات التى يشعر فيها الفرد بالتناغم هو وبيئته ويحقق فيها ممكناته كاملة } ان قانونا مثل قانون الطوارىء فى مصر لا يحقق الامن للمواطن بل يعامل به المواطنون كأنهم مجموعة من النعاج واذا بالقانون الذى يشرع للوقاية مما يسمى الارهاب يكون هو سببا فيه ومدعاة لانتشاره واذا كان القانون يدفع البعض الى الخوف والركون فانه سيدفع البعض الاخر للاندفاع بلا تعقل أو حدود قد يقول البعض ان القانون هو رد فعل لما يقوم به من تسميهم الحكومات بالارهابيين ولكن بنظرة موضوعية صادقة سنكتشف أن هذا سراب لأن قانون الطوارىء سيدفع الأنظمة الى المبالغة فى ردود أفعالها مما يفقدها الشعبية والتعاطف الجماهيرى وهكذا ستصير الامور فى حلقة مفرغة

والامان الاقتصادى لن يتحقق فى ظل سياسة الاقتصاد الحر و تخلى الدولة عن دورها وأكرر دورها فى رعاية مواطنيها والتكفل برعايتهم صحيا واجتماعيا لأن المواطنين يتنازلون عن حقوقهم فى الثروة العامة التى هى ملك للشعب مقابل الحصول على الاحتياجات الأساسية فان لم يحدث ذلك فان عقد الدولة ورابط الجماعة ينفرط
ان الاحساس بعدم الامان اقتصاديا واجتماعيا وتزوير ارادة الشعب سياسيا هو السبب الرئيس للتمرد على نظم الدولة لأنها أصبحت دولة فاشلة وبنظرة واحدة الى صفحة الحوادث سيدرك الجميع انهيار الامن الاقتصادى والاجتماعى المريع الذى كاد يعصف بالمجتمع
هناك شىء يسميه علماء الاجتماع سلم التسيد وقد أشار اليه السيد موريس والان هو حينما تحدثا عن اختطاف الرهائن والشعور النفسى الذى يكتنفهم فيقولان { ويشعر الرهينة من أثر هذا الاعتداء بأن قوته قد انهارت ولم تعد فى حالتها الطبيعية وأنه قد ازداد هلعا وكأنه قد طرح أرضا بعد ضربه بهراوة غليظة ويشعر بهبوط مكانته درجتين فيما يسميه علماء الاجتماع بسلم التسيد ويرجع الكثير مما فى هذا الطور من حالات انكار وعدم تصديق الى ما يقوم به المخ من قمع طبيعى للمنبهات البيئية التى اذا لم تتم السيطرة عليها فانها تتسبب فى تعريض الشخص لحالة رد فعل توترى شديد انها شىء أشبه بالتخدير الطبيعى وتشبه من جملة وجوه المشاعر التى يشعر بها من أخطر بوفاة عزيز لديه ولولا وجود هذا العنصر المخدر لأصبح الموقف صعب الاحتمال ولا يطاق } ان هذا الشعور الذى يشعر به الرهينة المختطف ألا يشعر به كل المصريين الان ألا يشعر به من ساقته قدماه الى قسم شرطة هل من المعقول أن المراكز التى من المفروض أن تأتى بالحق للمواطن يهرب منها المواطن ويخاف بأسها واذا كان الرهينة من الممكن أن يتعاطف مع خاطفيه الا ان المواطن لن يتعاطف مع من له الشرعية وفعل به الأفاعيل لأنه ليس له من العذر شىء فهو يمتلك كل الامكانيات وتنصل من كافة الخدمات والمهمات

فالمؤلفان يضربان مثلا عجيبا يدل على أن ما تفعله تلك الحكومات قد ينقلب عليها فيقولان ان فى بعض الحالات قد يتعاطف الرهائن مع الخاطفين فيما يعرف بأعراض استكهولم وقد ظهر هذا المصطلح فى أعقاب حادث غارة على أحد البنوك فى السويد عام 1973 وهنا تحولت عملية الهبوط الاجتماعى على سلم التسيد بعد أن يلملم الرهائن اطرافهم الى تعاطف مع المحتجزين الذين أثبتوا كرم أخلاقم عندما سمحوا لهم بالاستمرار فى البقاء على قيد الحياة وشعروا ببغضهم للشرطة وبأنها عدوهم الحقيقى بل ان الرهائن قد ينكرون معاناتهم من أى اثار خاصة حينما يشعروا بأن الجهات المسئولة قد تخلت عنهم ويكمل المؤلفان أن أفعال الارهابيين ما دامت تتخذ منطقا وهميا – كما يقول المؤلفان – سيظل الارهاب يستغل الشعور بالتعاطف عند عامة الناس ويتكاثر الارهاب من أثر النجاح ومن ثم فاذا بدا شىء من الاخلاص فى كلام الرهائن عن معتقداتهم الشخصية فان الأفضل فى مثل هذه الاحوال أن يلوذ المسئولون عن مناهضة الارهاب بالصمت
وهذا الامر تمت معاجته فى فى أحد أفلام جيمس بوند بطولة بيرس بروسنان وصوفى مارسو التى أغرمت بأفكار خاطفها كما عولج بطريقة هزلية فى فيلم مصرى هو فيلم حلق حوش وأشهر مثال عالمى على هذه الظاهرة هى السيدة ايفون ريدلى الصحفية البريطانية الشهيرة
انه حقا لمأزق للسيد أوباما فان مصداقية الولايات المتحدة تضاءلت الى حد كبير وان دعمها للأنظمة المستبدة سيساهم فى اكتساب مصداقية أكبر لمن تسميهم بالارهابيين ان العالم كله بكل دوله وأنظمته وجماعاته وأفراده يعانى من أزمة مصداقية اننا لا نبحث عن ملائكة ولكننا نبحث عن بشر صادقين

بل ان المؤلفين يقولان من الامور أجلها وبما يستحق أن تقرع لأجله كل أجراس الخطر فيقولان فى فصل بعنوان عقلية الارهابى رغم أن الكتاب تم تأليفه عام 1987 يقولان {ويتحدث الخبراء عن عملية التطبيع الاجتماعى الأول وعن تلك السنوات التى يتشكل فيها الفرد فى سن الخامسة والتى يتحدد فيها الكثير من مسالك البشر عن طريق التجربة ولقد تسببت تجربة تعرف الأطفال على الارهاب منذ نعومة أظفارهم فى انتاج جيل ثالث من الارهابيين يتفوق على الاجيال السابقة له فى الشراسة وسوف يتصاعد العنف عندما يصل مثل هؤلاء الأشخاص الى موقع القيادة ان ارهابيى القرن الحادى والعشرين عائشون وموجودون بيننا بالفعل وهم يتعرضون لمثل هذه المؤثرات التشكيلية التى ستغربهم عن المجتمع وتسوقهم الى طريق العنف }

ان زيارة السيد أوباما تواجه أزمة تلك هى معالمها فما المخرج منها يا ترى لتحقيق السلام والأمن العالمى وحتى يعم الرخاء جميع أجناس البشر سنقوله بمشيئة الله بعد أن يلقى السيد أوباما كلمته

ليست هناك تعليقات: