حتى ندرك كيف يتم صناعة العملاء فى المطابخ الغربية نطالع ما يحكيه روبير سوليه فى كتاب " مصر ولع فرنسى " عن الظروف التى دفعت محمد على نحو الصدارة عقب الحملة الفرنسية على مصر فيقول "بعد انسحابها المهين عام الف وثمانمائة وواحد قامت فرنسا بتعزيز مركزها فى مصر بسرعة مذهلة وتم تعيين ماتيو ديلسبس والد المحرك الاول لمشروع قناة السويس قنصلا فى القاهرة وبرنارد دروفيتى مساعدا له فى الاسكندرية
وفى وسط بيئة تسودها الفوضى اذ يتصارع المماليك مع القوات العثمانية للسيطرة على البلاد قام القنصل الفرنسى ومساعده بالرهان على الحصان الجيد محمد على
انه عثمانى أصله من مدينة قولة بمقدونيا ويعمل قائدا للفرقة الألبانية وكان العلماء بتعضيد من السكان يتوجهون اليه من أجل اعادة الامن وقد اضطر الباب العالى الى الاعتراف بالأمر الواقع وعام الف وثمانمائة وخمس تم تعيين محمد على حاكما رسميا على مصر وكانوا فى باريس كما فى عواصم أخرى يسمونه نائب ملك وحينما غادر ديلسبس القاهرة فى عام الف وثمانمائة وأربع تاركا منصبه الى دروفيتى كان محمد على الرجل القوى فى وادى النيل قد أصبح بالفعل صديقا لفرنسا اذ يقدم له دروفيتى النصائح الثمينة وفى عام الف وثمانمائة وسبع انهزمت قوات بريطانيا صاحبة الجلالة وتمخضت هذه الهزيمة عن ازدياد نفوذ محمدعلى بصورة ضخمة وبعد مضى أربعة أعوام يقوم بترسيخ سلطته بصفة نهائية حين أقام فخا لكبار امراء المماليك الذين أفناهم فى قلعة القاهرة
ترى أى حصان تراهن عليه الادارة الامريكية فى مصر الآن ليتصدر المشهد من بين وجوه كثيرة تعرض نفسها بشكل مخز يبرز محمد البرادعى مدير وكالة الطاقة الذرية الاسبق رجل بلا كاريزما لا يحظى بقبول جماهيرى أداؤه الخطابى مهزوز ليست له فلسفة خاصة لم يقدم رؤيته حول تحقيق العدالة والعقد الاجتماعى بين الحاكم والشعب وطرق منع الاستبداد أقرب الى الموظف منه الى المفكر رغم أنف مجلة فورين بوليسى لذلك لا بد من انشاء طبقة مؤيدة له ومجموعة داعمة فكانت حركة السادس من أبريل لتكون أقرب الى المريدين الحالمين يرون فيه المخلص أو الزعيم المنتظر الذى سينتشلهم من حالة التخبط السياسة ومتاهات الحياة المظلمة نحو االفجر الموعود هكذا يروج له فى ميدان التحرير وهو أسلوب مكرر عانى منه المصريون كثيرا فى التاريخ المعاصر ,
حركة السادس من أبريل نشأت عقب اضراب غزل المحلة لها صلة وثيقة بالمخابرات الامريكية مجموعة من الشباب تتميز بالصوت العالى الاجوف على قدر كبير من الضحالة السياسية تقوم بطرح رؤاها بأسلوب صارخ يتجاوز كثيرا حدود الآداب العامة يساعدها فى ذلك كثير من وسائل الاعلام الموجهه فشلت فى التواصل مع الجماهير حيث ينظر اليها بكثير من الريبة المغلفة بالقلق ولكن هل ستنجح الادارة الأمريكية فى تحقيق غايتها تلك فليس كل ما يتمناه المرء يدركه وسيذهب كل ذلك أدراج الرياح وهذا ما سنوضحه فى الأيام القادمة بمشيئة الله تعالى
- المقال القادم عن لبنان الحريق القادم بمشيئة الله تعالى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق