ماتت أمى السيدة نعيمة عبد العزيز على عسكر فى فجر الخميس الموافق الثالث عشر من رمضان الثالث من سبتمبر فى احدى مستشفيات الجمعية الطبية الاسلامية التابعة لجماعة الاخوان المسلمين عن عمر اثنين وسبعين عاما واربعة اشهر ويومان
ماتت أمى تلك المرأة الفاضلة التى كنت دوما أريد أن اكتب عن تجربتها الانسانية راودتنى تلك الفكرة حينما قام أولادها وأحفادها بتوصيلها الى المطار مرتين لاداء العمرة ولكن شاءت الاقدار الا افعل الا بعد وفاتها
ماتت امى وان قلبى ليتقطع من الحزن والاسى عليك يا امى
فى اول مايو عام 1937 ولدت السيدة نعيمة عبد العزيز على عسكر لرجل ريفى محترم قدم الى القاهرة وحيدا وعمره سبعة عشر عاما وامرأة من كوتسيكا فى حلوان كانت على قدر كبير من الجمال , أدبها والدها فأحسن تأديبها على قيم وأخلاق الريف الأصيلة كانت تجيد فقط القراءة والكتابة وكان شقيقها الأكبر على قدر كبير من الذكاء اللامع فكان أول من حصل على التوجيهية فى مدينتهم ثم تزوجت تلك المرأة الفاضلة من والدى عام 1959والعجيب أن كلا منهما هى والدى كان سيتزوج شخصا غير الآخر ولكن تشاء ارادة الله أن تفشل زيجة كلا منهما فقد اختارتهما الأقدار لبعضهما البعض
وكان والدى عاملا بسيطا فى مصلحة السكك الحديدية رغم أنه من أسرة كبيرة وكانت حياتهما بها من صعوبة العيش الكثير ولكنها كانت تلك المرأة التى تتحمل من أجل أولادها ومن أجل زوجها كعادة النساء المصريات التى لم تخلبهن شرور المدينة وبعد أن رزقت بثلاثة أولاد وفتاة حملت أمى فى شخصى الضعيف كاتب المقال فى عام 1974 فحاولت التخلص من هذا الحمل بأى طريقة وفعلت كسيدة بسيطة ما تستطيع من وسائل بدائية بلغت ذروتها أن شربت فنجانا من الكيروسين { الجا ز} كى تتخلص من هذا الجنين المثير للمتاعب حتى وهو فى أحشائها ولكن تلك الطريقة أيضا لم تنجحوتقول أنها رآت فى منامها من يحمل فى احدى يديه عودين من الفل وفى الاخرى مصحفا فاختارت المصحف هنالك أخبرها شقيقها أن تبقى على هذا الحمل ولن يختلف الامر من مولود جديد
وفى عام 1981 توفى شقيقها الاكبر وكان عمرى وقتها سبع سنوات لا أعى الا النذر اليسير ثم توفت والدتها بعدها بعام وأصبحت وحيدة وكانت تلك نقطة تحول كبرى فى حياتها فكانت أن أقبلت على ربها تقرأ القرآن مرة كل شهر و تقوم الليل رحمك الله يا أمى أتذكر حين كنت أستيقظ فى الثالثة فأجدها تسبح ربها وتدعو أسأل الله الا يخذلك أبدا يا أمى
لقد قامت تلك المرأة وهى فى الثانية والسبعين عاما لقيام الليل فى شهر شعبان الماضى فتكعبلت قدمها وسقطت وحدث كسر فى عظمة الفخذ كان ذلك سببا فى دخولها المستشفى وأجرت العملية بنجاح وعادت الى البيت ولست أدرى ما قد حدث فعادت بعدها بخمسة عشر يوما وهى فى صحة جيدة لمعاودة الطبيب ولكنه أخبرنا بأن الشريحة تحركت من مكانها ثم أدخلت بعد ذلك الرعاية المركزة فقضت فيها ستة وثلاثين ساعة ثم توفت وما زال قلبى يشتعل غضبا وشكا
تحملت أمى شظف العيش وقسوته ولما أن فتح الله علينا كانت تعطى الفقراء بلا حساب وتعطف عليهم لا ترد سائلا وكنت آخذ عليها ذلك ولكنها كانت لا تتراجع عن جودها وكرمها وكأنها كانت تتذكر قسوة العيش وصعوبة الحياة التى عانتها فلا تريد للآخرين أن يشعروا بنفس احساسها رحمك الله يا أمى هذه أمى فمن له ام مثل أمى
دخلت الى غرفة العناية المركزة بعدما فاضت روحها الى بارئها فرآيت على وجهها ابتسامة الشهداء أسأل الله أن يتقبلها اللهم انى أحتسب أمى عندك اللهم تقبلها فى الصالحين وظل جرح عمليتها ينزف حتى وهى تنزل القبر بعد غسلها رحمك الله يا أمى
لقد مللت الحياة بعدك يا أمى والله لقد تاقت نفسى الى الشهادة اسأل الله عما قريب أن أفوز بها واما أنتم أيها الاشرار فلقد ز ال الحذر منى ولم يعد هنالك شىء أخاف عليهاللهم ارحم أمى اللهم ارحم أمىيا رب أمى يارب أمى ........ أمى يا رب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق