لقد كان انهيار الخلافة الاسلامية هو الحدث الجلل والخطب الاعظم والمصاب الاكبر فى تاريخ الاسلام خطب لايدانيه خطب و مصيبة لاتقاربها مصيبة وكيف لا والمسلمون منذ ذلك الحين هائمون على وجوههم فى غياهب التيه السياسى تموج بهم الفتن من كل حدب وصوب يتخبطون على موائد اللئام وينشدون العدل والامن عند مخالب الذئاب و تحت نوافذ السفهاء ولكن سقوط الخلافة لم يكن فقط وليد العام 1924 بل كان محصلة لانهيار كان يتراكم جيلا بعد جيل ونتيجة طبيعية لأخطاء ارتكبت عبر تاريخهم الطويل وكان السقوط هو لافتة النهاية ولنبدأ القصة من اولها
ان الاخطاء التى ارتكبتها الممالك الاسلامية تحت مظلة الخلافة لا تخرج عن امرين لا ثالث لهما الاول مرتبطة بشخصية القائد والثانى اخطاء منهجية ارتكبتها مؤسسة الخلافة
وانضرب الامثلة حتى تتضح الفكرة
فبعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب وخرجت عن حظيرة الدين وظنوا ان الامر مجرد اجتهادات بشرية لا ترعاها مشيئة السماء , ولا تحفظها ارادة الله , فخرج مسيلمة وسجاح وطلحة , وظهر مانعو الزكاة
هنالك كانت شخصية الخليفة المقدام وحصن الاسلام ابو بكر الصديق تخرج الى صفحات التاريخ واذا بأحداث الردة تخرج لنا شخصا اخر غير ابى بكر الاسيف الذى نعرفه , عبقرية سياسية تمثلت فى قتال على كل الجبهات فى وقت واحد حتى لا يتوحد الزنادقة ضدهم , وقوة فى امساك زمام الامر بشكل غير مسبوق ساعده على ذلك الاحساس بالخطر على دين الاسلام فتوحدت جبهته الداخلية , فعندما يأتى الخطر يتوحد الجميع وتتلاشى النزعات الفردية وظهرت بلاغه خطابية ورباطة جأش لرجل طحنته الخطوب والمحن فخرج اسدا هصورا بليغا متكلما , ونزل على رأيه كبار الصحابة وعلى رأسهم عمر فأنفذ بعث اسامة وقاتل المرتدين وجيش الجيوش الى كسر وقيصر , ثم تولى من بعده مقاليد الامر عمر وقد ترسخت اعمدة الخلافة واتسعت ظللها وشخصية عمر رضى الله عنه تلك هى انسب الشخصيات للحكم والادارة وتطبيق مبدأ {القوة العادلة } فلابد للحاكم ان يكون مهيبا عادلا فالهيبة تجعل الرعية تخافه والعدل يجعله يفوز بحبها بقلبها فميكافيللى كان يرى ان الامير يجب ان يكون مهابا محبوبا ولو خير بينهما فعليه ان يختار المهابة لأن العوام قد يتجرأون عليه والسوقة يتجاوزون ضده وعمر استطاع ان يجمع الاثنين معا وهنا تظهر حصلفة ابى بكر مرة اخرى فحين قرر ان يولى عمر قبل موته قال له عبد الرحمن بن عوف الا ترى ما يفعله بالناس فيرد الصدسق بحكمة بالغة انما يفعل ذلم لأن بى رقة فان تولى الامر سغير كثيرا من شأنه لقد كانت درة عمر تهيب الجميع وعدل عمر يخضع له الجميع لم يفرق بين ابنه ان ارتكب جرما واى شخص أخر من الرعية فحد الله وحق الله يؤخذ من الجميع بلا تفرقة او مجاملة او استثناء ولكن نود ان نوضح ان المهابة لا تعنى ان تجعل بينك وبين الناس حواجز وحواجز وجيشا من المسئولين والسكرتارية فعمر كان يسير بين الناس يتجول فى أسواقهم , يتفقد احوالهم , يعايش همومهم , من الممكن ان يتخذ حرسا ولكن لا يكون هذا الحرس حجابا يمنع وصول المظالم اليه او يجعلوا لأنفسهم نفوذا يسئيون استخدامه بين الناس لذلك كان عمر هو الباب الذى يمنع طوفان الفتنة عن الامة والذى انطلق بعدما كسر بعدما قتل
وعندما تولى الامر عثمان رضى الله عنه كان حييا كريما تستحى منه الملائكة ولكن دولة الاسلام اتسعت وهناك من الرعية موتورون ومخادعون تظاهروا بالاسلام وعوام يساقون بسهولة فمثل هؤلاء ينبغى ان تكون القوة معهم وليس الحياء
و الحلم وحده لم يكن المحاصرون لعثمان يحتاجون الى حوار بالمنطق او جدال بالحجج وهل من المنطق حصار احد المبشرين بالجنة من قام بتجهيز جيش العسرة لقد كان نفوسهم تهفوا الى شىء أخر وهدف خبيث انه ضرب دولة الخلافة وافسادها من الداخل وهنا تتضح اهمية الصفات الشخصية للحاكم فلا يكفلى ان يكون تقيا ورعا كما ان الاسلام ابدا لا يتعارض او يعرقل الامكانيات الشخصية للبشر بل يوظفها لخدمة الهدف الاوحد وهو اقامة الدين كما ان الالتزام بالدين يحسن الغاية ويرتقى بها ولكنه لا يكفى وحده لبناء الشخصية القيادية فابو ذر ما كان ليصلح لهذا الامر وقيادة الجيش كان اولى بها خالد رغم انه اسلم متأخرا خمس عشرة سنة
ثم تولى الامر عليا ولو انه رضى الله عنه استمع لنصيحة المغيرة حين نصحه بالبقاء على معاوية حتى يستقر له الامر ويعزله ولكنه رضى الله عنه لم يفعل وقال ليس له عندى الا السيف وهنا نتعلم انك بالسياسة احيانا قد تحقق ما تعجز عنه بالسيف فيجب ان تقدم السياسة اولا فان فشلت فليكن السيف ونتعلم ايضا ان الامير قد يقبل النصيحة من الاخرين ما دامت سديدة ولكن لا يظهر امام الجميع وكأنه شخص يقاد بسهولة او يسلم عقله لاح اخر وزاد من صعوبة الامر على على رضى الله عنه ان جبهته الداخلية قد تصدعت بعكس جبهة معاوية مما ادى الى كثرة النزاع والتفكك وكان ما كان وعلى ذلك فقدرات الحاكم الشخصية مهمة للغاية فى التفاف الرعية حوله وهذا لا يقدح فى ايمانه وتقواه وورعه لأن الرعية ليست كلها على نفس الدرجة من الالتزام والسلوك والاخلاق
وبصورة عامة يجب ان يكون الحاكم قويا لا قاسيا , شجاعا لا متهورا, حازما لا عنيدا , اما الاخطاء التى ظهرت بعد ذلك فكانت اخطاء ارتكبتها مؤسسة الخلافة الاموية والعباسية والعثمانية وسنناقشها فى مقال اخر ان شاء الله تعالى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق