ينقل ول ديورانت مبينا فساد رجال الدين فى اوروبا فى العصور الوسطى عن احد الرهبان قائلا {ان اؤلئك الذين من واجبهم ان يكونوا اباء للفقراء يشتهون ألذ الطعام , ويستمتعون بنوم الضحى, ويمنون على الناس بحضورهم صلاة الصباح والقداس . ويقول اخر : ان رجال الدين اكثر تعلقا بالدنيا من رجال الدنيا } قصة الحضارة المجلد الحادى عشر الاصلاح الدينى , ما أشبه رجال الدين فيك يا أوروبا بأناس من جلدتنا
ونقل السيوطى فى كتابه تاريخ الخلفاء عن بن المبارك
ان مفتى الخلافة الاسلامية ايام الرشيد واسمه ابو يوسف كان يخرج الرشيد من كل ازمة يمر بها ومأزق لا يجد منه سبيلا فقد وقعت فى نفسه جارية لابيه فراودها عن نفسها
فأبت لأن اباه قد طاف بها من قبل فأرسل الى ابى يوسف قائلا أعندك فى هذا شىء فقال يأ امير المؤمنين او كلما ادعت امة شيئا ينبغى أن تصدق , لا تصدقها ياأمير المؤمنين فأنها ليست بمأمونة ,
فقال بن المبارك لاأدرى ممن أعجب من هذا الذى وضع يده فى دماء المسلمين واموالهم يتحرج عن حرمة ابيه , ام من تلك الامة التى رغبت بنفسها عن أمير المؤمنين ام من هذا فقيه الأرض وقاضيها قال اهتك حرمة ابيك واقض شهوتك وصيره فى رقبتى} لو عشت يا بن المبارك فى عصرنا لنالك من العجب الكثير والكثير
لقد تحالف رجال الدين مع الانظمة العلمانية يا بن المبارك وكما يقول ميكافيللى ان أكثر المدافعين عن اى نظام هم جملة المنتفعين منه , فصار رجال الدين عندنا هم أقوى ركائز النظام العلمانى يدافعون عنه بكل ما اوتوا من قوة فلربما نظم الحكم الاسلامية لا تمنحهم ما يقترفون فهل هناك أعجب من ذلك ولتذهب كل الفلسفات والنظريات الى الجحيم
بل ان بن المبارك يذكر قصة طريفة أخرى فيقول قال الرشيد لابى يوسف لقد اشتريت جارية واريد ان اطأها قبل الاستبراء فهل عندك من حيلة قال نعم هبها لبعض ولدك ثم تزوجها , كما أفتاه ليلا ذات مرة فأمر له بمائة الف درهم فقيل ان الخازن فى بيته والابواب مغلقة فقال لقد كانت مغلقة قبل مجيئى ثم فتحت } وهكذا فان فساد رجال الدين هو افة كل عصر وكل حين فقد كان يحيى عليه السلام قاسيا أشد القسوة على علماء اليهود وكذلك كان المسيح فقد كان يعيب عليهم الاهتمام بالمظهر والجوهر ملىء بالدنس , اؤلئك الذين يحبون اماكن الصدارة بين الناس , ويعيب عليهم المسيح الفتاوى الفاسدة فمن حلف بالهيكل فليس عليه شىء ومن حلف بذهب الهيكل فان كل الاثم عليه الا يذكرك هذا بالفتاوى العجيبة التى تصدرها المؤسسات الدينية لدينا ورجال الدين عندنا فهذا يفتى بحرمة قيادة المرأة للسيارة وفى نفس الوقت يجيز الاستاعنة بالقوات الامريكية واخر يقيم الدنيا ويقعدها لأن امرأة منتقبة تظهر عبر الفضائيات وكان يتوارى من القوم ابان احداث غزة فيا للعجب انها سنن الذين من قبلنا شبرا بشبر وذراعا بذراع فأذا كان فى المسيحية صك الغفران والتى دفعت البعض الى ان يقول {لست ابالى كم ارتكب من الذنوب امام الله لأن من السهل على أن اتخلص من كل ذنوبى نظير اربع سنتات } فانه يقابله فى الاسلام الفتوى مدفوعة الاجر الذين يبيحون لك اى فعل ويبررون لك اى موقف تزوير انتخابات تحريم مظاهرات ربا بنوك ليس هناك أدنى مشكلة
يقول الخطابى فى معالم السنن متحدثا عن هؤلاء الفقهاء {هذا وقددس عليهم الشيطان حيلة لطيفة وبلغ منهم مكيدة بليغة فقال لهم هذا الذى فى ايديكم علم قصير وبضاعة مزجاة لا تفى بمبلغ الحاجة والكفاية فاستعينوا عليه بالكلام وصلواه بمقطعات منه واستظهروا بأصول المتكلمين يتسع للمرء مذهب الخوض ومجال النظر فصدق عليهم ابليس ظنه وأطاعه كثير منهم فاتبعوه الا فريقا من المؤمنين فيا للرجال ويا للعقول اين يذهب بهم وأين يخدعهم الشيطان عن حظهم وموضع رشدهم }
حقا فتراهم يرتدون ثوب الخشوع ويتفوهون بالاياطيل انظر الى فتاوى كل المؤسسات الدينية قلما ترى فيها اية او حديث بل كلمات انشائية بلا دليل لا تختلف عن اراء العوام
ويقول باسطور فى كتابه تاريخ البابوات الجزء السابع {ان من اسباب سقوط الكنيسة الالمانية ثراءها الفاحش الذى كانت زيادته الغير مشروعة مما أثار حسد وغيرة رجال الدين كما كان له اسوأ الاثر فيهم انفسهم }
ان أكثر الناس غيرة وحسدا لبعضهم البعض هم رجال الدين اننا ننادى بالثورة على رجال المؤسسة الدينية لا على الدين اننا نريد ان نحمى الدين من فساد رجال الدين
لو كان هؤلاء صادقين مع انفسهم لفعلوا كما فعل يحيى عليه السلام حين راودته سالومى عن نفسه ليعلن نفسه النبى المنتظر ويقود اليهود لقتال الامبراطورية الرومانية ولكنه رفض
وهذا تفسير قوله تعالى سيدا وحصورا فكان يحيى الى الابد
او يفعلون كما فعل المسيح حين قال له الشيطان ان لى ممالك الارض اسجد لى وأهبها لك فقال لله وحده تسجد وتعبد
فما لهم يسجدون للدرهم والريال , او فعلوا كما فعل محمد رسول الله حين عرضوا عليه ملكا او مالا كان من الممكن ان يرضى ويتخلى عن أصحابه ويسوق لهم اى مبرر
ولكنه أبى ولو وضعوا الشمس فى يمينه والقمر فى يساره ما ترك امره حتى يظهره الله او يهلك دونه لقد رضوا بأقل القليل يا نبى الله انك لا تدرى ماذا أحدثوا بعدك
فهاهم القضاة حصن العدالة يبيعون استقلالهم من أجل الفتات رضوا بأن يدخلوا الى المصيدة من أجل قطعة من الجبن
ان الذى يدافع عن قضيته وعقيدته ليستمتع بركوب العربات الكارو اكثر من ركوب الجاجوار , فانها أشياء لا ترى انها أشياء لا تشترى
فما قيمة الحياة لو ربحت العالم كله وخسرت نفسك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق