اضرب وأخف يدك
"السياسة ليست نضالا من اجل الحرية انما لعبة ساخرة بالكلمات " هذه هى الحقيقة التى نطق بها ريتشارد رورتى {1989} وجان فرانسوا ليوتار{1984} , فالسياسيون يجيدون العزف بالكلمات ومحترفو السياسة يتلاعبون بعقول وقلوب الجماهير وينفثون الوعود الكاذبة كل يوم , كل ساعة .. ولا شىء يتحقق فى الافق ان امريكا تتباكى على المدنيين ولكنها لا تتورع عن قتلهم سرا وعلانية لتشويه صورة خصومها والصاق التهمة بهم او تدمير معنوياتهم والحزب الوطنى يصرح ليلا ونهارا بأن اهتمامه ينصب دوما الى محدودى الدخل الذين تدنت احوالهم الى اقصى درجة حتى انهم من فرط فقرهم يقولون يا ليته سكت , الحزب الوطنى يتغنى بنجاة مصر من المقصلة الاقتصادية العالمية ويعزوها الى سياساته الاقتصادية ولو انه يصدق مع نفسه ولو قليلا لادرك انه لولا ان الله ساق الرفض الشعبى المتزايد للخصخصة وللاندماج فى المنظومة الاقتصادية العالمية لكانت المذبحة لقد كان اولى للحزب الوطنى ان يعتذر , وهاهى السيدة هيلارى كلينتون والتى ترشحها ادارة اوباما الى منصب الخارجية تحكى سيناريو زيارتها الى البوسنة فى 26 مارس عام 1996 واخذ خيالها الواسع يجمح دون كابح فتقول انها وصلت وكان الرصاص يتطاير من حولها وهى تنزل من الطائرة حتى انها ومن معها اخذوا يهرولون وهم يضعون روؤسهم بين ايديهم ثم يظهر شريط الفيديو ليتضح ان هذا كله كان وهما فكانت تنزل من الطائرة وهى وابنتها واستقبلهما مجموعة من المسئولين ودار بينهم حوار ودود للغاية والقت طفلة بوسنية ذات ثمانية اعوام قصيدة امامها ولم يكن وقتها اى رصاص , والعجيب انها ظهرت امام ناخبيها بعد ذلك بلا خجل وصرحت لجريدة فيلادلفيا ديلى نيوز ان التعبير قد خانها , لم تكن السيدة هيلارى كلينتون تشارك كتاب السيناريو اضرابهم فى هوليود , وهناك سيناريوهات عديدة فى المنطقة يتم اضرامها حاليا مثل فتاة القطيف وجلد الطبيبين المصريين فى السعودية ويتواطأ فيها بعض المسئولين ليوضحوا ان منظومة القوانين الوضعية فى مصر اكثر عدلا من منظومة قوانين ال سعود وان كان مكرهم لتزول منه الجبال
لذلك فان كريستيان دولا كامبانى صاحب كتاب "الفلسفة السياسية اليوم " يخشى على السياسة من اخلاق السياسيين التى تدنت ورنين خطبهم الذى اصبح خاويا والاعيبهم العقيمة التى اصبحت لا تهم احدا وينتقد أيضا كونهم اصبحوا دمى فيقول {لم تعد السياسة فى هذه الظروف سوى شكل من اشكال العروض الترفيهية –كما اعلن جى دوبور منذ عام 1967- فلم يعد رجل السياسة سوى مجرد ممثل فى لعبة من العاب الفيديو ما يفعله اقل بكثير مما يعتقد مشاهدو التليفزيون انه فعله ....ومع ذلك فان شيئا ما لم يفقد } بالطبع لم ير السيد كريستيان مؤتمر الحزب الوطنى والا لادرك بأن كل شىء , كل شىء .....قد فقد
ولكن لماذا انهارت اخلاق السياسيين الى هذه الدرجة لماذا اصبح الكذب فى اقوالهم فى تصريحاتهم هو الاساس والصدق هو الاستثناء و الامر بسيط انها افكار فلاسفة التنوير الذين افرزتهم العقلية العلمانية التى تنظر الى الدنيا فقط كمرحلة نهائية ولا يعنيها ابدا يوم الحساب , التى تنظر الى الانسان على انه مجرد حيوان سياسى خرج الى الطبيعة باى طريقة كانت الا بيد الخالق , انها منتج طبيعى لافكار ميكافيللى وهوبز ومن سار مخلصا لهما على الدرب فيكفى مثلا تأملا فى استراتيجية فولتير احد اقطاب التنوير الذى اخرج لنا هذه الثلة من السياسيين الاشرار لندرك السبب فالرجل فى هجومه على الكنيسة الكاثوليكية اتبع استراتيجية ماكرة وهى استراتيجية تتبعها الولايات المتحدة لايقاع الفتنة وبذر الشقاق بين الطوائف والشعوب ولا اعنى بذلك الطوائف التى تحالفت مع المحتل واصبحت تهذى من خندقه , فيقول فولتير ناصحا معاونيه { اضرب وأخف يدك ...انى امل ان يستطيع كل الاخوة ان يسدد بعض السهام الى هذا المسخ – يقصد الكنيسة الكاثوليكية - دون ان يعلم اية يد صوبتها اليه }ول ديورانت قصة الحضارة المجلد التاسع عشر لقد كان فولتير يوقع بعض مقالاته التى خطها بيديه هجوما على الكنيسة باسم رئيس اساقفة كانتربرى او رئيس اساقفة باريس او ينسبها الى قسيس او كاهن او راهب بل انه خص نفسه بالهجوم عليها فى احدى مقالاته حتى يبعد عن نفسه الشكوك انها الشيطانية العلمانية حين توقع بين البشر انها السياسة التى تفجر فى الاسواق هنا وهناك والتى تبذر الفرقة فى دارفور من وراء طرف خفى وتشترى الذمم فىطوائف المهجر , تحرك العرائس من خلال خيوط لا يراها المشاهدون انهم جنود الشيطان وانا ارى ان ماحدث من فتنة للمسلمين فى معركة الجمل كان ايضا على هذه الشاكلة يندس اناس بين الطرفين ويصرخ هؤلاء لقد غدروا بنا ويصرخ الاخرون لقد غدروا بنا ويشتعل القتال
ومن هذا المنطلق اننى مثلا لا افهم لماذا قام انقلابيو يوليو بتوجيه كل هذا التشويه والاتهامات فى حق فاروق مع انه لم يكن سوى العوبة , روبوت فى ايدى الاحتلال لقد جعلوا فاروق هو المشكلة- وبالطبع هو مذنب - وتناسوا المعتمد البريطانى الذى كان هو الواجهة الخفية لحكم مصردوما نوجه رمياتنا الى الهدف الخاطىء
ان انهيار الساسة الاخلاقى وخداعهم للرعية هو النتيجة الحتمية للعلمانية الاوروبية
لقد حاول فلاسفة الثورة الفرنسية ان يخلصونا من جشع رجال الدين فأوقعونا فريسة لجشع رجال بلا دين
د.حامد انور
"السياسة ليست نضالا من اجل الحرية انما لعبة ساخرة بالكلمات " هذه هى الحقيقة التى نطق بها ريتشارد رورتى {1989} وجان فرانسوا ليوتار{1984} , فالسياسيون يجيدون العزف بالكلمات ومحترفو السياسة يتلاعبون بعقول وقلوب الجماهير وينفثون الوعود الكاذبة كل يوم , كل ساعة .. ولا شىء يتحقق فى الافق ان امريكا تتباكى على المدنيين ولكنها لا تتورع عن قتلهم سرا وعلانية لتشويه صورة خصومها والصاق التهمة بهم او تدمير معنوياتهم والحزب الوطنى يصرح ليلا ونهارا بأن اهتمامه ينصب دوما الى محدودى الدخل الذين تدنت احوالهم الى اقصى درجة حتى انهم من فرط فقرهم يقولون يا ليته سكت , الحزب الوطنى يتغنى بنجاة مصر من المقصلة الاقتصادية العالمية ويعزوها الى سياساته الاقتصادية ولو انه يصدق مع نفسه ولو قليلا لادرك انه لولا ان الله ساق الرفض الشعبى المتزايد للخصخصة وللاندماج فى المنظومة الاقتصادية العالمية لكانت المذبحة لقد كان اولى للحزب الوطنى ان يعتذر , وهاهى السيدة هيلارى كلينتون والتى ترشحها ادارة اوباما الى منصب الخارجية تحكى سيناريو زيارتها الى البوسنة فى 26 مارس عام 1996 واخذ خيالها الواسع يجمح دون كابح فتقول انها وصلت وكان الرصاص يتطاير من حولها وهى تنزل من الطائرة حتى انها ومن معها اخذوا يهرولون وهم يضعون روؤسهم بين ايديهم ثم يظهر شريط الفيديو ليتضح ان هذا كله كان وهما فكانت تنزل من الطائرة وهى وابنتها واستقبلهما مجموعة من المسئولين ودار بينهم حوار ودود للغاية والقت طفلة بوسنية ذات ثمانية اعوام قصيدة امامها ولم يكن وقتها اى رصاص , والعجيب انها ظهرت امام ناخبيها بعد ذلك بلا خجل وصرحت لجريدة فيلادلفيا ديلى نيوز ان التعبير قد خانها , لم تكن السيدة هيلارى كلينتون تشارك كتاب السيناريو اضرابهم فى هوليود , وهناك سيناريوهات عديدة فى المنطقة يتم اضرامها حاليا مثل فتاة القطيف وجلد الطبيبين المصريين فى السعودية ويتواطأ فيها بعض المسئولين ليوضحوا ان منظومة القوانين الوضعية فى مصر اكثر عدلا من منظومة قوانين ال سعود وان كان مكرهم لتزول منه الجبال
لذلك فان كريستيان دولا كامبانى صاحب كتاب "الفلسفة السياسية اليوم " يخشى على السياسة من اخلاق السياسيين التى تدنت ورنين خطبهم الذى اصبح خاويا والاعيبهم العقيمة التى اصبحت لا تهم احدا وينتقد أيضا كونهم اصبحوا دمى فيقول {لم تعد السياسة فى هذه الظروف سوى شكل من اشكال العروض الترفيهية –كما اعلن جى دوبور منذ عام 1967- فلم يعد رجل السياسة سوى مجرد ممثل فى لعبة من العاب الفيديو ما يفعله اقل بكثير مما يعتقد مشاهدو التليفزيون انه فعله ....ومع ذلك فان شيئا ما لم يفقد } بالطبع لم ير السيد كريستيان مؤتمر الحزب الوطنى والا لادرك بأن كل شىء , كل شىء .....قد فقد
ولكن لماذا انهارت اخلاق السياسيين الى هذه الدرجة لماذا اصبح الكذب فى اقوالهم فى تصريحاتهم هو الاساس والصدق هو الاستثناء و الامر بسيط انها افكار فلاسفة التنوير الذين افرزتهم العقلية العلمانية التى تنظر الى الدنيا فقط كمرحلة نهائية ولا يعنيها ابدا يوم الحساب , التى تنظر الى الانسان على انه مجرد حيوان سياسى خرج الى الطبيعة باى طريقة كانت الا بيد الخالق , انها منتج طبيعى لافكار ميكافيللى وهوبز ومن سار مخلصا لهما على الدرب فيكفى مثلا تأملا فى استراتيجية فولتير احد اقطاب التنوير الذى اخرج لنا هذه الثلة من السياسيين الاشرار لندرك السبب فالرجل فى هجومه على الكنيسة الكاثوليكية اتبع استراتيجية ماكرة وهى استراتيجية تتبعها الولايات المتحدة لايقاع الفتنة وبذر الشقاق بين الطوائف والشعوب ولا اعنى بذلك الطوائف التى تحالفت مع المحتل واصبحت تهذى من خندقه , فيقول فولتير ناصحا معاونيه { اضرب وأخف يدك ...انى امل ان يستطيع كل الاخوة ان يسدد بعض السهام الى هذا المسخ – يقصد الكنيسة الكاثوليكية - دون ان يعلم اية يد صوبتها اليه }ول ديورانت قصة الحضارة المجلد التاسع عشر لقد كان فولتير يوقع بعض مقالاته التى خطها بيديه هجوما على الكنيسة باسم رئيس اساقفة كانتربرى او رئيس اساقفة باريس او ينسبها الى قسيس او كاهن او راهب بل انه خص نفسه بالهجوم عليها فى احدى مقالاته حتى يبعد عن نفسه الشكوك انها الشيطانية العلمانية حين توقع بين البشر انها السياسة التى تفجر فى الاسواق هنا وهناك والتى تبذر الفرقة فى دارفور من وراء طرف خفى وتشترى الذمم فىطوائف المهجر , تحرك العرائس من خلال خيوط لا يراها المشاهدون انهم جنود الشيطان وانا ارى ان ماحدث من فتنة للمسلمين فى معركة الجمل كان ايضا على هذه الشاكلة يندس اناس بين الطرفين ويصرخ هؤلاء لقد غدروا بنا ويصرخ الاخرون لقد غدروا بنا ويشتعل القتال
ومن هذا المنطلق اننى مثلا لا افهم لماذا قام انقلابيو يوليو بتوجيه كل هذا التشويه والاتهامات فى حق فاروق مع انه لم يكن سوى العوبة , روبوت فى ايدى الاحتلال لقد جعلوا فاروق هو المشكلة- وبالطبع هو مذنب - وتناسوا المعتمد البريطانى الذى كان هو الواجهة الخفية لحكم مصردوما نوجه رمياتنا الى الهدف الخاطىء
ان انهيار الساسة الاخلاقى وخداعهم للرعية هو النتيجة الحتمية للعلمانية الاوروبية
لقد حاول فلاسفة الثورة الفرنسية ان يخلصونا من جشع رجال الدين فأوقعونا فريسة لجشع رجال بلا دين
د.حامد انور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق