كل شىء أصبح فنا وعلما حتى الاختطاف والتفاوض لم يعد يخضع أى شىء للظروف أو المفاجآت بل هناك اساليب تكون مدروسة ذات أساس علمى يتم التحرك من خلالها
يقول أريك موريس و الان هو فى كتابهما " الارهاب والرد عليه " بعد أن تتم حادثة الاختطاف كيف تكون طرق التفاوض من جانب الدولة أو الجهة التى تعرض مواطنوها لهذا الحادث المأساوى أن هناك مراحل ثلاث تخضع لها العملية الاولى سيكشف مفاوض الارهابيين عن شىء من العداء والفتور مع الالتزام بالهدوء والايجابية وتكون المكالمات التليفونية قصيرة وحادة نحن نريد كذا دولار ثم فى المرحلة الثانية يسعى المفاوض لاقامة علاقات مع الارهابى وتيسر له شخصيته الجذابة الودودة اقامة علاقات طيبة فالمفاوض شخص لا يكل ولا يمل فهو يحارب معركة تكتيكية وعليه أن يتوقع ازدياد اضطراب الارهابى وأنه كلما طالت المدة التى تستغرقها الحادثة ازدادت فرص الاكتشاف وفى حادث الاختطاف تكون مهمة المفاوض هى المطالبة بتخفيض المبلغ المطلوب كفدية الى حد يمكن قبوله واذا ازدادت خبرة العصابة والكثيرون كذلك سيكون الطرف الممثل للخاطفين على بينة كاملة بالحركات التكتيكية لمتاحة المفروض واذا بالغت العصابة فى مطلبها اسرعت خطاها فانها ستضطر الى المخاطرة بانقاص المبلغ المطلوب الى النصف وخلال هذه المرحلة المطولة يطالب
و يحتاج المفاوض الى تعاليم دقيقة للغاية فى كل مرحلة من مراحل العملية وبالرغم من تمتعه بالمسئولية كاملة الا انه لا يملك السلطة الكافية لصنع القرار أو اتخاذه ويأخذ رده هذه الصيغة " اننى أتفهم ما تقولون ولكن عليكم أن تقدروا موقفى فأنا لا أملك الحق فى الموافقة على مطالبكم فدعونى أبحث عما بوسعى أن أفعله سأتحدث معكم فى المرحلة التالية عندما نتقابل " وفى المرحلة الثالثة والأخيرة سيكون المفاوض قد اقترب من التحكم فى المفاوضات فيما يتعلق بالفدية قيمتها و طريقة دفعها وتكون العناصر الاستخباراتية قد استطاعت تكوين صورة دقيقة وواضحة لأولئك الذين تقف ضدهم
ولكن اذا كان المؤلفان قد شرحا بما يمكن فعله خلال عملية الاختطاف ومحاولة اطالة المدة بقدر الامكان فان الطرف الآخر يستطيع أن يضغط على تلك الدولة أو الجهة ويجعل عامل الزمن فى صالحه فيضغط على الدولة وسياسييها كى تنهى عملية الاختطاف بأقصى سرعة ويجعل الوقت سيفا موجها كلما مر ازدادت الامور سوءا عليهم وذلك بارسال الشرائط المتواترة التى تبين حالة المختطف الرثة والظروف الصعبة التى يعيشها ويدين سياسة الدولة التى ينتمى اليها وكيف تخلت عنه بشكل مخز وتركته يواجه مصيره وحيدا وتبقى جذوة الاختطاف ولهبه مشتعلة فتتصاعد الضغوط الشعبية كما انه يساهم فى تشويه صورة تلك الدولة بشكل كبير
كم ان التفاوض قد يكون بشكل يأخذ طابعا متشددا دعونى اضرب مثلا عندما أمر الله بنى اسرائيل بذبح بقرة فانهم أخذوا يماطلون ويتساءلون عن أدق التفاصيل اى كان التفاوض حول بقرة فقط ومع ذلك كانت الامور تزداد صعوبة عليهم لأنهم كانموا يماطلون بلا سبب لا بل ان هناك شرطا تقديريا شاقا قد وضع فعندما حدد أنها صفراء فاقع لونها قال تسر الناظرين فمن الممكن أن تكون صفراء ولكنها لا تسر الأعين فكان جزاء المماطلة أن تضع الشروط القاسية بشكل تصاعدى
ولكن فى صلح الحديبية أخذ التفاوض شكلا آخر فهو تفاوض مرحلى
تم فيه تأمين الجبهة الخاصة بقريش و استغلت هذه الفترة المرحلية فى تطهير الجزيرة العربية من اليهود وشن معارك على قبائل أخرى بل ان الشرط الذى كان يبدو مجحفا تم استغلاله لصالح المسلمين وكان تحرك أبو بصير وهكذا ففى التفاوض تستغل كل الشروط والظروف وتسخرها لصالحك ألم نقل انه علم وليست الامور هكذا اعتباطية
أما بالنسبة الى حوادث الاختطاف التى تشهدها مصر مؤخرا وانضمت اليها تونس فهى مجموعات على علاقة بأجهزة أمنية لاشاعة الخوف وبث الرعب فى المجتمع
الأربعاء، 18 يناير 2012
الأربعاء، 4 يناير 2012
فى أصول الحكم والسياسة
حول كيفية ادارة الدولة وكيفية الارتقاء فى المناصب خلالها يقول أفلاطون فى كتابه عن الجمهورية فى فصل بعنوان الحكم للشيوخ العقلاء يقول "ليس من شك فى أن الشيوخ يجب أن يكونوا حكاما والشباب رعايا وأن يكون الحاكمون هم أفضل أؤلئك الشيوخ يلزم أن نختار من جمهور الحكام الافراد الذين ظهروا لنا بعد المراقبة اللازمة أنهم يمتازون بالغيرة على القيام بكل عمل مفيد للدولة مدى الحياة وينبذون ما يحسبونه ضارا ومن اللازم أن نراقبهم فى كل أطوار الحياة لنرى هل هم حكام ثابتون فى هذا اليقين ولا تزحزحهم عنه قوة لاطراحه ظهريا بل يحرصون على الاقناع بأنهم يجب أن يعملوا الافضل للدولة " وربما هذا يوضح لماذا فى الدولة المعاصرة تكون هناك أجهزة رقابية ترصد كل كبيرة وصغيرة عن المسئول و ترقب تفانيه فى تقديم الخدمات باخلاص و أمانة وترى هل هو مناسب للارتقاء الى الدرجة الاعلى وفى فصل آخر بعنوان "الحكم للفلاسفة والا فالشقاء " يقول أفلاطون "لا يمكن أن تزول تعاسة الدول وشقاء النوع الانسانى ما لم يملك الفلاسفة أو يتفلسف الملوك والحكام فلسفة صحيحة تامة أى ما لم تتحد القوتان السياسة والفلسفة " فالحكام يجب أن يكونوا على قدر من المعرفة والخبرات المتراكمة وأصحاب الخبرات يجب أن يتقلدوا مناصب القيادة ولكن السؤال الذى يطرح نفسه ما هى الصفات المناسبة للعاملين فى مختلف مناحى الحياة أوضح القرآن الصفات المثلى لثلاث أوضاع مهنية وفى كل منها ذكر السمات التى يجب أن يتحلى بها هذا الشخص فعندما ذكر قصة موسى و رجل مدين كانت الصفات التى أهلت موسى للعمل هى "القوى الامين " فالقوة الجسدية مصاحبة للأمانة هى صفات يجب توافرها فى العمال تخيل لو أن المصانع التى تدار والشركات التى تعمل ليل نهار تحوى بين جنباتها عمالة يدوية قوية الجسد وفى الوقت ذاته ذات صفات أخلاقية رفيعة فان وضعية هذه المصانع والشركات ستشهد طفرة كبرى
أما حين تحدث القرآن عن القيادة العسكرية كان هناك وصفا آخر لأن القيادة العسكرية تحتاج الى متطلب آخر على درجة كبيرة من الاهمية ففى قصة طالوت وجنوده " اجعل لنا ملكا نقاتل فى سبيل الله "فعندما أعلن بنو اسرائيل تبرمهم من هذا الاختيار واعتراضهم عليه جاءت الحيثية واضحة صريحة لا تقبل التأويل أو "وزاده بسطة فى العلم والجسم " فنظرا لأن الاختيار هنا لوظيفة القيادة العسكرية فانها تحتاج الى صفة القوة مصاحبة لصفة العلم والدراية فالقيادة العسكرية يجب أن تنال قدرا كبيرا من العلم والمعرفة حتى تكون أهلا لهذا المنصب و على قدر المسئولية وحتى تكون قادرة على ادارة المعركة والتوسع فى ميدان الحرب
أما القيادة السياسية فوضع لها القرآن معايير أخرى ولعلك ترى الابداع يتجلى فى استخدام الالفاظ المعبرة وتحديد الصفات المناسبة انه كتاب السماء المنير فحين تطرق الى هذا الامر وذلك فى حديثه عن داوود والذى كان جنديا مقاتلا فى جيش طالوت انضم اليه رغم أنه كان خارج كل الحسابات فهو راع غنم ولكن لغيرته الشديدة على اله اسرائيل و ايمانه الراسخ الذى لم يتزعزع كان سبيلا فعالا لقتل جالوت مصدر الرعب والفزع لبنى اسرائيل وذلك بمقلاع بسيط فقال بعدها "وأتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء"
فقرن الملك بالحكمة وجعل تولى القيادة السياسية يتطلب عقلا واسعا وحنكة كبيرة وميزان جيد للأمور لا يعرف ترددا ولا تتطرق اليه ضبابية ان الامور لا تكون هكذا هباء فوضوية بل يجب أن يكون لكل وضعية مهنية ما يناسبها من السمات والصفات الشخصية
ولكن هل الحكمة مرتبطة بالسن ليس الامر على اطلاقه فالبعض قد أوتى الحكمة فى الصغر وكان من هذا الاستثناء يحيى عليه السلام "وآتيناه الحكم صبيا " وعلى ذلك فالحكم والحكمة قرينان من أجل الدولة الرشيدة
أما حين تحدث القرآن عن القيادة العسكرية كان هناك وصفا آخر لأن القيادة العسكرية تحتاج الى متطلب آخر على درجة كبيرة من الاهمية ففى قصة طالوت وجنوده " اجعل لنا ملكا نقاتل فى سبيل الله "فعندما أعلن بنو اسرائيل تبرمهم من هذا الاختيار واعتراضهم عليه جاءت الحيثية واضحة صريحة لا تقبل التأويل أو "وزاده بسطة فى العلم والجسم " فنظرا لأن الاختيار هنا لوظيفة القيادة العسكرية فانها تحتاج الى صفة القوة مصاحبة لصفة العلم والدراية فالقيادة العسكرية يجب أن تنال قدرا كبيرا من العلم والمعرفة حتى تكون أهلا لهذا المنصب و على قدر المسئولية وحتى تكون قادرة على ادارة المعركة والتوسع فى ميدان الحرب
أما القيادة السياسية فوضع لها القرآن معايير أخرى ولعلك ترى الابداع يتجلى فى استخدام الالفاظ المعبرة وتحديد الصفات المناسبة انه كتاب السماء المنير فحين تطرق الى هذا الامر وذلك فى حديثه عن داوود والذى كان جنديا مقاتلا فى جيش طالوت انضم اليه رغم أنه كان خارج كل الحسابات فهو راع غنم ولكن لغيرته الشديدة على اله اسرائيل و ايمانه الراسخ الذى لم يتزعزع كان سبيلا فعالا لقتل جالوت مصدر الرعب والفزع لبنى اسرائيل وذلك بمقلاع بسيط فقال بعدها "وأتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء"
فقرن الملك بالحكمة وجعل تولى القيادة السياسية يتطلب عقلا واسعا وحنكة كبيرة وميزان جيد للأمور لا يعرف ترددا ولا تتطرق اليه ضبابية ان الامور لا تكون هكذا هباء فوضوية بل يجب أن يكون لكل وضعية مهنية ما يناسبها من السمات والصفات الشخصية
ولكن هل الحكمة مرتبطة بالسن ليس الامر على اطلاقه فالبعض قد أوتى الحكمة فى الصغر وكان من هذا الاستثناء يحيى عليه السلام "وآتيناه الحكم صبيا " وعلى ذلك فالحكم والحكمة قرينان من أجل الدولة الرشيدة
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)